ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور إسماعيل الحاج موسى القيادي بالمؤتمر الوطني ل «الإنتباهة»:
نشر في الانتباهة يوم 23 - 12 - 2013

البلاد مؤخراً تزخر بشتى القضايا التي تتشعب طرقها ومتفرقاتها، ولكنها في نهاية المطاف كلها طرق تؤدي إلى معضلات وطنية وحزبية وسياسية.. على رأس تلك القضايا قضية المؤتمر الوطني «الحزب الحاكم» وما وصل إليه من طريق مسدود مع الخطاب التجديدي والإصلاحي عموماً، فليس خلافه مع الإصلاحيين الذين انتهوا بحزب «النهضة» هو الأول من نوعه، فقد سبقه انشقاق الدكتور الترابي الشهير في الرابع من رمضان والذي نتج عنه حزب المؤتمر الشعبي.. هل ما حدث ويحدث أزمة في لغة الحوار والممارسة الديمقراطية أم عدم قبول للمناصحة والشورى التي أوصى بها الإسلام في أوساط حزب الإسلاميين؟!!
٭ وما الرد على الانتقادات والشبهات حول تطبيق الشريعة الإسلامية في العهد الحالي والعهد السابق في حكومة الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري فيما تعورف عليه بقوانين سبتمبر «1983م».. حزب المؤتمر الوطني «الحاكم» كوَّن حكومة قومية من مختلف الأحزاب المعارضة والموافقة ما جديده الحالي الذي يقدمه كضمان بعدم فشل تجربة ائتلافه مع الآخرين.. إذا كانت الحكومة قد قبلت الآخرين كمشاركين لها بالحكم من شتى الأحزاب وفق منظومة قانونية واعتبارات وطنية، فهل يندرج حزب «النهضة» الجديد الذي كوَّنه الإصلاحيون الذين انفصلوا عن المؤتمر الوطني تحت هذا الفهم باعتبارهم الآن حزبًا سودانيًا قائمًا بذاته ومن حقه ذلك كغيره؟ ما حدث من مشكلات وتوترات داخل المؤتمر الوطني هل يؤثر سلباً على مجمل الحركة الإسلامية؟
- العلاقة مع جنوب السودان.. الضوابط والمسائل العالقة والحريات الأربع والجنسية المزدوجة ماذا عنها؟ حقوق الإنسان بالسودان؟ اصطدام حق التعبير الذي كفله دستور «2005م» ووثيقة حقوق الإنسان اصطدامه مع القوانين المقيدة للحريات. وهل الصحفي محكوم بقانون الصحافة فقط أم تحكمه قوانين أخرى كمواطن سوداني؟
- كل ذلك في حوارنا مع الدكتور إسماعيل الحاج موسى القيادي بالمؤتمر الوطني والرئيس الأسبق للجنة العدل والتشريع بالبرلمان.. فإلى الحوار:
ما حدث من انشقاقات وخروج مجموعات من المؤتمر الوطني «الحزب الحاكم» فالنهضويون يمثلون الانسلاخ الثاني من المؤتمر.. إلى أي مدى يؤثر ذلك على الحركة الإسلامية عامة؟
لا أرى مشكلة أو علاقة رابطة بين الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، لأن ليس كل عضو في الحركة الإسلامية هو عضو في المؤتمر الوطني، وليس كل عضو في المؤتمر الوطني هو عضو في الحركة الإسلامية بمعنى أن المؤتمر الوطني حزب سياسي واسع كبير مفتوح والحركة الإسلامية واحدة من مكوناته، فهناك أعضاء كثيرون بالمؤتمر الوطني جاءوا من أحزاب أخرى وانضموا إليه، لذلك لا أرى مشكلة في العلاقة بين الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني.
إذاً لماذا تواتر خروج الإسلاميين من حزبهم الذي أسسوه «المؤتمر الوطني» في الوقت الذي أدخلت فيه الحكومة دماء جديدة من أحزاب كانت معارضة ما أثر ذلك على الأسلمة؟
- المؤتمر الوطني لا يوجد به شخص علماني، لأن واحدًا من ثوابته الأساسية هو إسلامية الدولة وتحكيم شريعة الإسلام، فنحن في حكومة مايو بقيادة الراحل الرئيس «النميري» طبقنا قوانين إسلامية هي قوانين سبتمبر «1983م» وقبلها أصدر الرئيس «نميري» كتابين من تأليفه أولهما «الشريعة كيف؟» والثاني «النهج الإسلامي لماذا؟»، وفي عهد نميري ولأول مرة ومنذ الاستعمار قام بإغلاق كل البارات وبيوت الدعارة، وقام بمراجعة كل القوانين السودانية لتتماشى مع الإسلام.
ً عفواً، ولكن البعض يشير إلى ان هناك شبهات كثيرة حول قوانين «الشريعة» المعروفة بقوانين سبتمبر «1983م».. هل تفند أم تؤيد وهل من علاقة بينها وبين الأسلمة الحالية؟
- كل الذين انتقدوا قوانين الشريعة الإسلامية «قوانين سبتمبر 1983م» أُتيحت لهم الفرصة فيما بعد عهد «نميري» لحكم البلاد أكثر من ثلاثة أعوام من (1985 1989م) وكانوا يقولون إن هذه القوانين لا تساوي الحبر الذي كُتبت به، ولكنهم لم يستطيعوا أن يحذفوا أو يعدلوا منها حرفاً واحداً طوال موت حكمهم، واتضح أن ما كانوا يرددونه مجرد شعارات سياسية ليس إلا، وقُصد بها الاستهلاك، لهذا ، فالانتقادات التي توجه لتطبيق الشريعة الإسلامية مجرد مكايدات سياسية سواء في عهد «النميري» أو الآن، فهم يتشدقون بالنقد ووجود الشبهات ولا يستطيعون مس أنملة من تلك القوانين الإسلامية.
اذاً فأنت على ثقة بأن المشرع الإسلامي صامد مهما حورب وأن العروة الوثقى مُستمسَّك بها؟
- أنا على يقين أنه لو ذهبت حكومة الإنقاذ الوطني أو قل المؤتمر الوطني فإن هؤلاء الذين يرشقونها بالسهام ويزعمون أنهم قادة تغيير للأنظمة الحاكمة ومعارضون للأسلمة، أنا واثق أنهم أبطال من ورق، ومهما غيروا أو بدلوا، فلن يستطيعوا أن يغيروا شرع الله أبداً، فلو ذهب نميري أو المؤتمر أو غيرهما وتنحوا عن الحكم فلن تذهب لبناتهم الإسلامية التي وضعوها لشعب مسلم وأمة تعرف الدولة الإسلامية.
علاقتنا مع دولة الجنوب مؤخراً ماضية نحو الأحسن بعد اللقاءات الثنائية بين الرئيسين، ولكن تظل بعض الأمور التي قد تشوب العلاقة؟
- دستور «2005م» هيأ لانفصال الجنوب عن الشمال في المادة «226» في الفقرتين التاسعة والعاشرة فنصت على أنه إذا كانت نتيجة الاستفتاء هي الانفصال تُخذف جميع الأبواب والفصول المتعلقة بالجنوب، فهناك مواد تتحدث عن الجنوب من حيث السياسة والمؤسسات، ويكون الدستور سارياً إلى حين وضع دستور جديد، وإذا كانت هناك أشياء متعلقة بعلاقة الشمال بالجنوب يُفصل فيها عن طريق الحوار، لذلك عُقدت تحت إشراف الاتحاد الإفريقي عشرات التفاوضات بين الجنوب والشمال ولقاءات القمة أكثر من مرتين.
وماذا عن المسائل العالقة بين الشمال والجنوب السوداني؟
- المسائل العالقة بين الشمال والجنوب تكاد تكون قد انتهت، فقد فُتحت المعابر وأنابيب البترول وأُمنت الحدود، ولم يبقَ منها سوى مسألة منطقة أبيي؟
- مسألة أبيي ألا تتفق معنا أن الذي عقَّدها هو انتهاك بعض الدينكا للقانون بإجراء الاستفتاء الأحادي؟
قضية أبيي قبلية بين «الدينكا نقوك» و«المسيرية»، أمرها للإدارة الأهلية ثم بعدها الترتيبات الإدارية والقانونية، ورغم أن ما حدث من استفتاء أحادي بأبيي من قبل الدينكا إلا أن الآخرين صبروا على هذا الاستفزاز من أجل تحقيق السلام بالمنطقة.
قانون الحريات الأربع عارض البعض تطبيقه مع دولة الجنوب، وأيد البعض مستندين إلى تطبيقه مع مصر، وأن تطبيقه مع الجنوب أولى باعتبارهم الأقرب وكانوا جزءاً منا؟
- هذا ليس صحيحاً. فالحريات الأربع لم تطبق بمصر بل جوانب معينة فقط هي التي طبقت، ثم أنه لا مجال للمقارنة بين هذا وذاك، فالجنوب دولة كانت أو كان مؤسسوها معنا في حالة حرب إلى أمد قريب لهذا من الأفضل، لهذا قبل إبرام هذه الاتفاقية يجب التأكد من حسن نية الجنوب تجاهنا بالشمال وحرصه على الالتزام بالاتفاقيات، وبعدها تأتي تلقائياً مسألة الجنسية المزدوجة.
ولكن هناك تحفظات حول قانون الجنسية المزدوجة وأنه قد يحدث تضارباً؟
- ليست هناك أية مشكلة أو تضارب قانوني، فهناك سودانيون لديهم جنسيات أجنبية مثل الجنسيات الكندية والأمريكية ولم تسحب منهم الجنسية السودانية.
بعد الانفصال يلاحظ أن هناك تحاملاً من القوى الدولية ضد شمال السودان؟
- نقرُّ أن هنالك تحاملاً على الشمال وانحيازاً نحو الجنوب من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وحريصون رغم ذلك أن يصل الاتفاق بين الشمال والجنوب إلى ما فيه خير البلدين، فالأمر يحتاج إلى صبر، والرئيسان البشير وسلفا قطعا شوطاً كبيراً وتوصلا لاتفاقيات كثيرة وحسما كثيراً من المسائل العالقة ولم تبق إلا مسألة منطقة «أبيي».
ما رأيك في الاستفتاء الأحادي الذي أجري بمنطقة أبيي من قبل بعض الدينكا ورغبتهم في إدخال المنطقة في تحكيم دولي جديد؟
- هؤلاء الذين أجروا الاستفتاء الأحادي يحرثون في البحر، ولن يعترف أحد بنتائجهم، وكذلك اللجوء للتحكيم الدولي ثانية سيعقِّد المشكلة فقد سبق التحكيم في هذه المشكلة ولم يزدها إلا تعقيداً وخلق فتنة بين الطرفين المتحاكمين.
ما المطلوب حالياً حتى تستقر الأمور ويعم السلام؟
- بناء الثقة بين شمال وجنوب السودان أهم خطوة لتحقيق السلام الشامل والاستقرار الحقيقي، وقد وصل البلدان إلى مرحلة معقولة في هذا الأمر، وخاصة بعد اللقاء الأخير الذي تم بين الرئيسين البشير وسلفا كير في مؤتمر القمة العربي الإفريقي، وفي إطار بناء الثقة تم إبعاد المتربصين بالسودان من الجنوبيين من قبل حكومة الجنوب أمثال باقان أموم.
ما الجديد الذي أتى به المؤتمر الوطني «الحزب الحاكم» في تكوينه لحكومة مشتركة مع أحزاب المعارضة وقد فعلها الإسلاميون سابقاً ثم انفض السامر؟
- الجديد في الأمر أن حكومة الوحدة الوطنية التي كونها المؤتمر الوطني «الحاكم» أنها رفعت شعار حكومة الجبهة القومية العريضة، بمعنى أنها حكومة لكل الحادبين على مصلحة الوطن وإن اختلفت أحزابهم، فالمهم أن قلوبهم ائتلفت حول حب السودان، فهذا هو الجديد، برنامج وطني قومي متفق عليه بين جميع الأحزاب عبر قوانين منظمة للعمل الحزبي.
هل يندرج الإصلاحيون الذين خرجوا أخيراً عن المؤتمر الوطني وكونوا حزب «الاصلاح» هل يندرجون تحت ما ذكرته باعتبارهم حزباً منفصلاً الآن؟
- الذين خرجوا عن المؤتمر الوطني فعلوا ذلك، لأنه رفض حضورهم اجتماع مجلس الشورى، واستنكروا على الحزب موقفه من القرارات الاقتصادية، ولكن بعد أن انفصلوا وكونوا حزباً آخر، مؤكد أن النظرة لهم ستختلف ويحكمون بقانون الأحزاب لا اللوائح الداخلية.
لماذا دوماً اللوائح الداخلية للأحزاب ترفع العصا في وجه المجددين والإصلاحيين وتعتبرهم عصاة مارقين؟
- هذه التهمة توجه لكل الأحزاب خاصة الأحزاب العقائدية. فمثلاً في الماضي حدثت مفاصلات بالحزب الشيوعي أدت إلى خروج الأستاذ أحمد سليمان ومعاوية إبراهيم الأمين العام للتنظيم، وحتى الأحزاب القومية والوطنية الأولى حدث بها خلاف، فالرئيس إسماعيل الأزهري والسيد علي الميرغني اختلفا فكون الأزهري الحزب الوطني الاتحادي، وكون الآخر حزب الشعب الديمقراطي، وحزب الأمة حدث خلاف بين السيد الصادق المهدي والإمام الهادي المهدي، وكذلك الإمام أحمد المهدي، وحتى الآن الأمر مستمر لأن الخلاف طبيعة البشر، فما بالك بالسياسيين والأحزاب السياسية.
هل رفض مبدأ المناصحة والشورى هو الذي يفضي دوماً إلى طريق مسدود وانشقاقات حزبية ومشكلات تنظيمية؟
- الذي يؤدي إلى استفحال الأمر وتفاقم الخلاف وعدم الوصول إلى صيغة مشتركة هو أزمة الممارسة الديمقراطية داخل أحزابنا وعدم قبول الرأي الآخر، مما يزيد النار اشتعالاً والأنفس عناداً إلى حد يدعو إلى الفراق. والإسلاميون الخلافات موجودة داخلهم منذ عهد الرشيد الطاهر الذي خرج عن التنظيم وخلفه الشيخ الترابي الذي ترجل هو أيضاً في مرحلة لاحقة وانشق وخرج عن المؤتمر الوطني مكوناً حزبه المؤتمر الشعبي، وهكذا دواليك، فهذا كما ذكرت داء ألم بكل الأحزاب السودانية ولم ينجُ منه حزب عقائدي أو قومي.
دستور البلاد ووثائق حقوق الإنسان تتحدث دوماً عن أنها تكفل الحريات، وخاصة حريات التعبير، كيف ترى الواع الآن؟
- هذه معضلة مزمنة بالسودان، فهناك فجوة وطلاق بائن بين النظرية والتطبيق، فوثيقة الحقوق بدستور «2005م» الانتقالي والتي شاركت فيها جميع الأحزاب، من أعظم الوثائق وتكفل كل الحريات، ولا بد أن نعترف إذا ضربنا بهذه الوثيقة مثلاً، لا بد أن نعترف بالطلاق بين النظرية والتطبيق، فهذا الداء القانوني والتشريعي ملازم للأدواء السياسية المزمنة الأخرى بالبلاد.
قوى المعارضة «قوى الإجماع الوطني» تدعى أن هذا التقييد من الأسباب التي تمنعها من الممارسة الديمقراطية وتنتقد الحكومة في ذلك؟
المعارضة غير موضوعية، فهي لا تطرح بديلاً بل تكتفي بنقد الحال الراهن، فهذا غير مقبول وغير ممكن أن تقول لشخص إنك خاطئ ولا تبصره بالبديل الصحيح وتطرحه له، فعلى المعارضة اقتراح البديل المقنع للجميع وإلا فإن معارضتها تنطلق من منطلقات سياسية لا وطنية.
دستور السودان المرتقب كونت لجان بشأنه ماذا عنها وإلى أين وصلت؟
السيد رئيس الجمهورية دعا رؤساء الأحزاب للمشاركة في صناعة الدستور المرتقب للبلاد، وكونت لجنة لهذا الأمر سميت لجنة الدستور، مهمتها استقطاب الجميع للمساهمة برأيهم في صناعة الدستور من الأحزاب وقوى المجتمع المدني والمنظمات الفكرية والقانونية والسياسية وكل الجهات ذات الصلة، واللجنة كونت برئاسة الحاج آدم والمشير عبد الرحمن سوار الذهب والسيد الطيب حاج.
وماذا على صعيد الأحزاب المشاركة في صناعة الدستور وكيف يتم التنسيق بحيث يدلي كل بدلوه؟
كل حزب له لجنة خاصة بالدستور، ثم تكون مفوضية فيما بعد لتجمع الآراء، والمادة «226» من دستور 2005م تحدثت عن تنقية الدستور من المواد الخاصة بالجنوب، وأشارت إلى أنه يستمر سارياً إلى حين إعداد دستور دائم للسودان، وهذا ما يعكف عليه الجميع الآن.
لماذا كلما يتحدث متحدث بحكومة يسمى الدستور دائماً.. وقد فعلها «نميري» قبلاً وسمى دستور 1973م دائماً، ولم يدم الدستور أو النميري.. ما معيار الديمومة عندكم؟
لا أقصد بكلمة دائم الثبات إلى يوم يبعثون، فالدوام لله، ولكني اقصد المعنى اللغوي المقابل لكلمة «مؤقت» أو «انتقالي»، فالدستور الحالي انتقالي وبالتالي المرتقب سيكون دائماً، بمعنى لا يكون مؤقتاً وليس بالمعنى الحرفي لكلمة «دائم».
في الانتخابات العامة السابقة يقول المؤتمر الوطني انه انتقل بالفوز فيها من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية ويخالفه البعض؟
نعم هذا صحيح، فقد أضفت الحكومة على نفسها الشرعية بإجراء الانتخابات العامة التي شاركت فيها جميع الأحزاب السياسية، وفاز المؤتمر الوطني «الإنقاذ سابقاً» بجدارة، وباختيار الجماهير له أصبح حاكماً.
ولكن المخالفين للحكومة غير مقتنعين بنتائج تلك الانتخابات، ويعتبرون الحكومة الخصم والحكم.. والآن الانتخابات القادمة أزفت؟
هذه اتهامات باطلة، لأن الانتخابات لم تكن تحت رقابة المؤتمر الوطني بل كانت هناك جهات رقابية وفنية محايدة، وكذلك كانت هناك رقابة دولية من منظمات دولية على رأسها مؤسسة كارتر التي قام رئيسها بزيارة لنا بالمجلس الوطني بلجنة العدل والتشريع التي كنت حينها رئيساً لها.
ماهو تقييمك للحريات الصحفية؟
أنا شخصياً عندما كنت رئيساً لمجلس الصحافة والمطبوعات أيدت حرية الصحافة ووقفت ضد الحجر على حرية التعبير، ورفضت مبدأ عقاب الصحف بإيقافها، وعندما ذهبوا للمحكمة وقفت معهم وقلت إن حرية الصحافة مكفولة للجميع وعلى رأسهم الصحافة.
والصحافي بوصفه مواطناً سودانياً لا يحكمه قانون الصحافة والمطبوعات فقط بل تحكمه كذلك القوانين العامة، فمثلا تحكمه المادة «159» من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م وهي المادة الخاصة بإشانة السمعة، فأكثر الناس عرضة لهذه المادة هم الصحافيون، لأن إشانة السمعة حسب تعريف المادة هي «أن ينشر الشخص أو يروي أو ينقل لآخر بأية وسيلة وقائع مسندة إلى شخص معين أو تقويماً لسلوكه قاصداً بذلك الإضرار به»، وكذلك يحاكم الصحفي بقانون الأمن الوطني إذا كان ما ينشره مهدداً للأمن وقانون الإجراءات المدنية والجنائية..الخ.
إذن فهذا النص بالقانون الجنائي حتى يطبق على الصحفي مقيد بشرط سوء قصد الصحفي أو عدم تناوله مصلحة عامة أو تقويم سلوك؟
إذا أثبت الصحافي في دفعه أن ما نشره من إشانة سمعة كان في إطار المصلحة العامة وحقيقي أو تقويماً لسلوك أصحاب مناصب عليا وعامة وثبت أنهم يستحقون ذلك التقويم، فهنا لا يعتبر الصحافي قاصداً الإضرار، وبالتالي لا يعتبر مرتكباً لهذه الجريمة.
مفردة حقوق الإنسان بالسودان كثر الجدل حولها محلياً وعالمياً.. ما قولك أنت؟
كما قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه «قول حق إريد بها باطل»، فأمريكا ودول الاستكبار العالمي تتحدث عن انتهاك حقوق الإنسان في دارفور، وهذا الإنسان المتمرد الخارج على السلطة الشرعية، هذا الإنسان رفع البندقية في وجه السلطة العامة، وفي ذات الوقت تغزو أمريكا دول العالم بادعاء وجود أسلحة كيميائية بها ولا تبرهن على صحة ذلك كما فعلت بسوريا وأفغانستان، وفي دارفور ترفع البندقية في وجه النظام القائم ويتم الاعتداء على المدنيين العزل من قبل الحركات الخارجة المسلحة، ثم تأتي أمريكا وأمثالها وتتهم السودان بانتهاك حقوق الإنسان والإبادة الجماعية، وأمريكا التي تتصدر الجهات التي تتهمنا هي نفسها تقوم بإبادة جماعية في أفغانستان وفرنسا ومالي.
أخيراً بدأت بوادر حميدة باتحاد الأفارقة في مواقفهم ضد الاستكبار العالمي، وأبرزها رفض بعضهم تطبيق قرارات المحكمة الجنائية الدولية.
الأفارقة انتبهوا إلى أن المحكمة الجنائية محكمة سياسية، ومن خلال أدائها وعملها اتضح أنها أُسست خصيصاً لإدانة ومحاكمة الرؤساء الأفارقة، في الوقت الذي تتجاهل فيه الرئيس الأمريكي الأسبق بوش وما فعله بالعراق من دمار، وقيادات أوروبا وأمريكا وما فعلوه بأفغانستان وغيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.