الدكتور/ محمد عبد الله الريح... أسدل الله عليه ثوب الصحة والعافية... من الشخصيات التى تجبرك أن تقرأ لها إذا «كتب»... وأن تستمع له إذا «حكى».. وهو فى كلٍّ مجيد ومفيد.. مجيد في تناول الموضوعات التي يطرحها بأسلوبه السهل الممتنع.. ومفيد للملتقي وذلك بإضافة معلومة جديدة إليه... أو بتحريك مؤشر «الانبساط» في نفسه إيجابًا في هذا الزمن المدلهم. في صبيحة يوم الخميس الموافق 3 يناير 2013 وأنا أطالع الصحف اليومية.. إذا بي أمام عنوان شدني كثيرا... «شاعران وغيبونتان»... نعم شاعران مفردها شاعر وهذا معلوم.. غيبونتان مفردها غيبونة... وبالرجوع الى معجم بروفسور محمد عبد الله الريح نجد أن«غيبونة» هي الدخول في غيبوبة بسبب الغبينة... نرجع للموضوع... ود الحساس أحس بأحاسيس هذين الشاعرين وكتب: «الشاعر الدكتور عبد الواحد عبد الله يوسف.. شاعر نشيد الاستقلال... اليوم نرفع راية استقلالنا الذي تغنى به الفنان الراحل المقيم محمد عثمان وردي والشاعر شمس الدين حسن الخليفة شاعر مرحبتين بلدنا حبابا والتي تغنى بها الفنان الراحل المقيم حسن خليفة العطبراوي... تغنيا للسودان بوجدان صافٍ ومشاعر دفاقة.. ولكن في هذه المناسبة أقلق مضجعهما ووجدانهما الصافي ما يشهدانه من تفرق كلمة أهل السودان واحتراب دام ليس له مكان في أمة جُبلت على نبذ الفرقة والتشتت، ولهذا جاءت كلماتهما تنبض بالألم والحسرة على أمه يخاف ونخاف معهما على تفرق كلمتها وتهون على الأعادي والمتربصين.» حقيقة وأنا أقرأ القصيدتين قد أُعجبت بهما أيما إعجاب شأني وشأن أستاذنا.. فالغيبونة تحسها وتتذوقها وتلمسها وتراها تسعى بين كلمات القصيدتين وشعرت بهما تسري في جسدي من حيث لا أدري.. وأنا في هذه الحالة.. دخل مكتبي مدرس اللغة العربية بالمدرسة... أعطيته صحيفة «الإنتباهة» قائلاً: عليك الله يا أستاذ اقرأ عمود محمد عبد الله الريح وداير أسمع رايك فيهو؟ بعد ساعة رجع الأستاذ وابدى إعجابًا مضاعفًا وهستيريا «الغيبونة» تسري في عروقه وهو ينشد قصيدة الدكتور عبد الواحد عبد الله يوسف «حديث للوطن في عيد جلوسه»: وطني ويالك من وطن ياشامخًا رغم المحن وطن النفوس العاشقات المفعمات بكل فن وطن المشاعر والمفاخر والشجن انا ما سلوتك يا وطن ما بعت حبة خردل في وجهك الحسن ويعقبها بأبيات من قصيدة الشاعر شمس الدين حسن خليفة «خلوا المحبة شعار»: صلاتنا المن زمان كانت قوية منيعه ضعفت والنفوس ما لاقية حتى وجيعه بينا الدنيا ضاقت ما بشوفا وسيعه بعد الموية نحنا «الفكة» صرنا نبيعا ما دام الأمر كذلك .. اتفقت مع الأستاذ على تصوير الموضوع وتوزيعه على تلاميذ الصف الرابع والصف الخامس بالمدرسة للمطالعة والمناقشة كبرنامج تربية وطنية.. وقد كان ذلك... والمفاجأة أنه في ظرف يومين فقط حفظ أغلبيه التلاميذ القصيدتين حفظًا جيدًا ومعبرًا. في نهاية شهر فبراير الماضي احتفلت المدرسة احتفالها السنوي بنهاية العام الدراسي وعيد الاستقلال... كان موضوع «شاعران وغيبونتان» هو الهيكل الذي بُني عليه برنامج الاحتفال.. وكان فرضًا أن تتغنى الفرقة الغنائية بنشيد وردي «اليوم نرفع راية استقلالنا» ونشيد العطبراوي «مرحبتين بلدنا حبابا ».. ومن ثم جاء الإبداع والأداء المدرسي من تلميذات المدرسة وهن ينثرن نثرًا بهيًا قصيدة «حديث إلى الوطن في عيد جلوسه» وقصيدة «خلوا المحبة شعار» على الجمهور. أستاذي الجليل بروفسور ود الريح.. لا أستطيع أن أصف لك إعجاب وانفعال أولياء الأمور والحضور مع كلمات القصيدتين وأداء التلميذات.. وكست الوجوه سحابة ألم حيرى.. وانداحت الغيبونة وسط الجميع.. فهمست في أذن الاستاذ سليمان الذي كان يقف بجواري شاهدًا للمشهد.. إنها ليست «شاعران وغيبونتان» ولكنها غيبونة شعب. حفظك الله أستاذي محمد عبد الله الريح، حفظك الله أستاذنا الدكتور عبد الواحد عبد الله يوسف، حفظك الله شاعرنا شمس الدين حسن الخليفة وأدام الله عليكم نعمة الصحة والإبداع.. وما هنت يا سوداننا يومًا علينا. مهندس مستشار الحاج الخضر أحمد مدارس أبو الهيثم أساس... مرابيع الشريف شرق النيل ت0912350680 «ملحوظة: بروفسور ود الريح أرجو أن تجد هذه المشاعر طريقها إلى النشر». تعليق: ظل الناس يتناقشون حول البيت الشعري الذي يقول فيه الدكتور عبد الواحد عبدالله يوسف: ما لان فرسان لنا بل فر جمع الطاغية. وقد كان المؤرخ الراحل الأستاذ التجاني عامر رحمه الله هو أول من أشار إلى أن ذلك البيت يجافي الحقيقة التاريحية وقد كتبت مقالاً قلت فيه إنه إذا كانت علة القصيدة كلها تكمن في ذلك البيت فيمكن تغييره كالآتي: ما لان فرسان لنا في وجه ذاك الطاغية ولكن أن ندين كل القصيدة بما حملته من قيم وطنية راسخة بأربع كلمات وردت في عجز بيت واحد فهذا لا يجوز. وستظل تلك القصيدة الوطنية الرائعة تُنشد في أول كل عام ومتى ما جاءت ذكرى الاستقلال المجيد. مع خالص شكري وتحيات الشاعر شمس الدين والشاعر عبد الواحد عبد الله يوسف..