طالعت دراسة جديدة ومهمة في مجال البحث العلمي المرتبط بالإعجاز الرباني منشورة على موقع معهد الدراسات المعرفية والإعجاز القرآني بجامعة الرباط الوطني، وهو موقع تم إعداده بصورة باهرة، فقد طالعت موضوعاً تناول البصمة اللونية كإعجاز قرآني، وتوصلت الدراسة إلى إضافة بصمة جديدة لسلسلة البصمات المعروفة، فأعدت قراءة البحث بعمق وأُشهد الله كأني أسمع قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) لأول مرة في حياتي، وهي حقيقة لأنني سمعتها بفهم علمي جديد ومتطور، بل كانت دافعاً لمزيد من البحث والمعرفة في كنه هذه الآية العظيمة، فخرجت بحزمة من المعارف اليقينية بأن هذا الاختلاف في الألوان من حكمة الخالق عزَّ وجلَّ، ومظهر من مظاهر آيات الله تعالى الدالة على قدرته وتوحيده. ولكم إعادة قراءة ما جاء في موسوعة النابلسي حول قوله تعالى: (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ.) يقول العلماء: إن في أدمة الجلد خلايا عنكبوتية، وهي على شكل العنكبوت تمتد على جوانبها زوائد رقيقة، يصل عدد هذه الخلايا في كلِّ بوصةٍ مربعةٍ إلى ستين ألف خلية، ولا اختلاف في عدد الخلايا بين أبيض وأسود، إن عدد الخلايا في الإنسان الأبيض والإنسان الملون عددٌ ثابت، ولكن اختلاف اللون ينجم عن اختلاف في كثافة المادة الملونة التي تُسمى الميلانين، وهي ذات المعلومة التي وردت في البحث المنشور بالموقع، وتقول الموسوعة: لا يوجد فرق في هذه المادة الملونة بين إنسانٍ فاقع اللون وإنسانٍ داكن اللون إلا بما لا يزيد عن واحد غرام، وأن هذه الخلايا تتناقص بمعدَّل عشر إلى عشرين في المئة كل عشر سنوات، لذلك يميل جلدُ الإنسان مع تقدُّم العمر إلى أن يصبح أكثر نصاعةً. وفي ما يتعلق بحكمة هذا الاختلاف أن ترسُّب هذه المادة الملونة في الخلايا العنكبوتية التي تحت أدمة الجلد، والتي يزيد عددها في البوصة المربعة الواحدة على ستين ألفاً، أي أن نسبة هذه المادة الملوِّنة تحددها المورثات في نوية الخلية، ولكن ما هي العلاقة، وما هو تفسير أن الشعوب التي تعيش في خط الاستواء ألوانها داكنة، وأن الشعوب التي تعيش في قطب الكرة الشمالي أو الجنوبي ألوانها فاقعة؟ هنا تتجلى حكمة الله عزَّ وجلَّ. قيل: إن من خصائص المادة الداكنة أنها تمتصُّ الأشعة فوق البنفسجية الضارة، وأشعة الشمس في خطِّ الاستواء عموديةٌ وشديدةٌ وذات تأثيرٍ كبير، لذلك تأتي هذه المادة الكثيفة في الجلد لتمتصَّ الأشعة فوق البنفسجية، وتضعف أثرها السيئ على جسم الإنسان، وهذه هي حكمة زيادة هذه المادة الملونة عند ساكني خط الاستواء مما يجعل جلدهم داكن اللون، بينما عند ساكني المناطق الباردة تقل كميتها في الأرض، فتبدوا ألوانهم فاقعة أو فاتحة. إن اختلاف ألوان البشر أيةٌ دالةٌ على عظمة الله عزَّ وجلَّ، وينبغي أن ندقق فيها، وأن نقف عندها، وأن نبحث عن السر الذي تنطوي عليه، إنك إن نظرت بعينك إلى وجوه الناس، لا ترى إنساناً له لونٌ كلون الآخرين، إذن دِقَّة العين تفرِّق بين دِقَّة الدرجات في التلوين.. يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف: (لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلا بِالتَّقْوَى). بهذا المفهوم العميق يجب أن ترتفع مدارك العامة خاصة الشباب والفتيات واللائي يبحثن عن لون جديد لبشرتهن في محاولات لتغيير مقتضى حكمة الله وتقديره في الصورة التي يختارها للبشر من ألوان مختلفة، وكثيراً ما نسمع بتناول العقاقير الفاتحة للون وسميات المساحيق الكيميائية والخلطات الغريبة التي تتسبب في هلاك الكثير منهن، وقد تصل بالبعض درجة الجهالة إلى تعاطي حقن بحثاً عن اللون الأبيض والفاتح، وقد تسببت في وفيات وإصابات بالفشل الكلوي الحاد، لذلك أقترح عليكم سادتي بمعهد الدراسات المعرفية والإعجاز القرآني أن يُكمل هذا البحث بتسليط الضوء على مقتضى حكمة اختلاف الألوان البشرية، وضرورة توعية الشباب بمخاطر محاولة تغيير هذه الحكمة الربانية، بما نشاهده من واقع اليوم، فالذي يفعل ذلك فكأنما يعلن الرفض لحكم الله ومصيره في الأفق الأخير. أفق أخير: إن لنا في هلاك مايكل جاكسون لعبرة، وهو نموذج حي، فقد تحلل الرجل وذاب وهو على الفراش فقط لأنه أسود ولا يرغب في ذلك.