أقدم أستاذاً ومحامياً وشاعراً أديباً وهو غني عن التعريف، علم من أعلام البلاد عرفته المحافل الدولية من الرعيل الأول وعرفته الأجيال الماضية ولكننا نقدمه لجيل اليوم الحاضر والمستقبل اسمه محمد أحمد محجوب «حميدان» وقد كان له القدح المعلى في الصولات والجولات في الحركة الوطنية... وكان زعيم المعارضة في أول برلمان للسودان بعد خروج المستعمِر وقد رفع علم السودان مع الزعيم إسماعيل الأزهري وهو ذو قامة شامخة وشخصية فريدة وهو رقم كبير عرفه منبر الأممالمتحدة خطيباً مفوهاً وسياسياً بارعاً وهو صاحب الموقف الذي جمع رؤساء الدول العربية في حرب قناة السويس وهو الذي أصلح بين الملك فيصل ملك السعودية وجمال عبد الناصر رئيس دولة مصر، وهو الذي جمع دول البترول والمال ليدفعوا دولة مصر في محنتها، وكان ذلك المؤتمر الذي خرجت به اللاءات الثلاثة، من هو هذا المحجوب العملاق؟ وأين وُلد؟ تقول سيرته الذاتية إنه من مواليد الدويم بالنيل الأبيض في عام «1908م» وقد تخرج في كلية الحقوق قانونياً بارعاً ثم التحق بكلية الهندسة وعمل في بداية عهده بالقضاء وكان قامة سامقة حتى كانت القضية التي لا يدافع فيها المحجوب ناقصة، وكم له من المواقف المشهودة في العاصمة وفي محاكم الأقاليم وتغنى به الشعراء وهو شاعر من شعراء السودان المعدودين، وقد سجل التاريخ قصيدته الشهيرة في رثاء السيد عبد الرحمن المهدي حينما زار داره في صباح العيد بعد فقده بأيام قائلاً: أقبل العيد فأين البشر والطرب * وأين الإمام الفارس الذرب وهي قصيدة طويلة مشهورة وله مؤلفات أدبية وسياسية وهو مؤلف الكتاب الشهير «موت دنيا» مع ابن خاله د. عبد الحليم محمد والمحجوب ينتمي إلى الهاشماب من ناحية والدته وله كتاب سياسي اسمه «الديمقراطية في الميزان» بالعربية وترجم للإنجليزية وفيه تحليل خطير لمستقبل السياسة في السودان والدول العربية. هكذا سيداتي سادتي: إن المحجوب قد أثرى الحياة الأدبية والسياسية وقد كان رئيساً للوزراء في دورتين وهو ينتمي إلى حزب الأمة ولكنه قومي في سياسته محبوب لدى كل ألوان الطيف السياسي ثم كان زعيماً للمعارضة في حكومة الرئيس الأزهري، وقد كان الناس يتوافدون زواراً للبرلمان ليستمعوا للمحجوب، وله كلمته الشهيرة حينما جاءت حكومة الصادق رئيساً للوزراء قال ساخراً: استبدلوني بسيف من العشر، ومازالت الأممالمتحدة تفخر بخطابات المحجوب وهي مسجلة في المحاضر. إن المحجوب كان أمة قائمة في كل منصب تولاه. رحم الله حميدان المحجوب أبو سامي . كان يجب على الدولة وهي تكرم الرعيل الأول من عمالقة السياسة والنضال أن تكون هناك جامعة تحمل اسم المحجوب ولكنه خالد في كتاب التاريخ السوداني والعربي، ونحن نحتفل بعيد استقلال السودان الثامن والخمسين كما كنا نحيي الرعيل الأول ونحيي قائد الأمة السودانية الزعيم الأزهري كان لنا أن نحيي زميله المعارض الهادف الذي رفع معه العلم. هذا المحجوب عليه الرحمة والرضوان.