هناك من الأسماء ما ينبغي أن نهتم بها حيناً بعد حين، لتظل ذكراها ماثلة في ضمير الأمة وفي وجدان الجماعة، وأن نحيي ذكراها بالكلمة والقلم، وقد قصر تلاميذه ومن رعاهم وهم بعد صغار زغب الحواصل من الذين نهلوا من ينابيع علمه وأدبه عبر عقود من الزمان، وتقاصر من انتمى اليهم فكراً ومعتقداً وخصهم بقصائده وخالص حبه، بل ظل وفياً لهم وهو يتسربل أثواب الشيخوخة بعد الثمانين فلم تجُد قريحتهم ببيت شعر واحد في مدحه، ولم يقيموا له الاحتفال والمهرجان، وهو الذي أقام لهم في قلبه وفي فؤاده ألف مهرجان.. الرحمة عليك شآبيبا لا تنقطع أيها الشاعر العظيم، وكلما أتذكر كرف وابداعه وعبقريته أتذكر الشاعر رابينول تلكم اللوحة الخالدة التي خطها يراع شاعر فرنسا العظيم جورج كليمونصو رئيس وزراء فرنسا ابان الحرب العالمية الأولى، والتي سرد فيها بأسلوبه الروائي الشيق مسرحيته الخالدة عن هذا الشاعر الذي ضيعه قومه حياً.. ثم أدركوا قيمته بعد فوات الأوان. إنني لأتساءل ما هي وظيفة الأدب في مجتمعنا ومن هم المسؤولون عنه؟ وأين الجهات التي تحتفي بالمحجوب الرئيس الشاعر العملاق، وقد فعلناها نحن مرة مع منبر الزعيم الأزهري ولم تتكرر، وأين الجهات التي تحتفل بمخطوطات شعر شاعري المؤتمر علي نور و(خلف) خلف الله بابكر السياسي الوطني السابق لجيله.. ومن ذا الذي يحيي ذكرى كرف والتني، ومختار محمد مختار، ومحمد المهدي المجذوب، وعلي باخريبة، ومحمد عثمان جريتلي، ومحمد سعيد الكهربائي الكتيابي، والشيخ الطيب السراج، والشيخ عبد الله عبد الرحمن الأمين، والشيخ عبد الله البنا، والشيخ الرئيس أحمد محمد صالح، من الذي يحرص ألا تعلو أصوات هؤلاء الذين يمثلون تراث الأمة وتاريخها وصدق توجهها، وأنا أتحدث عن كرف لابد لي أن أشكر مركز عبد الكريم ميرغني والقانوني الضليع الناشط مدنياً الدكتور محمود شعراني على مبادرتهم بالاهتمام بالشاعر الكبير قصائد ومناسبات.. واعتقد أنها نقطة البداية التي حركت الموج، وأحسب أن كثيراً من الدراسات سوف تلي عن هذا الشاعر الكبير كما أتوقع أن تتوالى جهود عارفي فضله ليرفدونا بما غاب عنا من روائع هذا الشاعر اللغوي العبقري الفذ محمد عبد القادر كرف.