{ ما معنى أن تقوم حركة العدل والمساواة بإيواء نجل الرئيس الليبي المخلوع الهارب المقتول سيف الإسلام القذافي بدارفور أو بالوديان التشادية القريبة من الحدود الليبية؟! ما هي أهمية نجل القذافي في هذا الوقت بالنسبة لهذه الحركة التي ما زالت متمرِّدة حتى هذه اللحظة؟! هذا إذا كانت أهميتها واضحة بالنسبة لسيف الإسلام.. وإن كانت هذه الأهمية ليست أبدية.. حركة العدل والمساواة احتاجت في وقتٍ سابق إلى نظام القذافي في مدها بالسلاح والمال، وربما تفكِّر الآن بعد زوال حكم القذافي وإزهاق روحه في أن ترث بعض هذا السلاح من خلال إيوائها لنجله سيف الإسلام الذي نصبه الموهومون من أنصار والده قائداً عاماً سموه بالمقاومة.. وغريبة طبعاً هذه المقاومة، فإذا كانت قوتها وقدرتها عاجزة عن أن تحمي نظام القذافي فكيف تملك الاستطاعة إلى سبيل إعادة الحكم؟!. وحركة العدل والمساواة لا يهمّها سيف الإسلام ولم يكن يهمّها من قبل والده القذافي، ورئيسها خليل إبراهيم هو من أكثر الذين يفهمون شخصية العقيد المقتول، وأظن أنه لم يكن يوافقه في عملية غزو أم درمان، لكن «المضطر يركب الصعاب».. وإذا كان القذافي يوهم نفسه بأنه قادر على تغيير الحكم في الخرطوم ليقول بعد تغييره بأنه أطاح حكم «الكلاب الضالة».. وهو بهذه الإساءة يرمز إلى الإسلاميين، ودارت الأيام ومرت السنوات وأحد الإسلاميين وهو الشيخ عبد الحكيم بلحاج جعله هو وأنصاره مثل الكلاب الضالة في سرت، ولقي حتفه مع ابنه المعتصم ورفيق دربه الانقلابي أبو بكر يونس على طريقة التخلّص من الكلاب الضالة بواسطة رجال الشرطة.. فمَن إذن صار مثل الكلاب الضالة؟! وبالطبع أفضل لسيف الإسلام أن يلجأ إلى جهة تضمن له إقامة كريمة بقية عمره وتستفيد مقابل هذا بما سيمنحه لحركة التمرّد، التي قد تتجاوب للضغوط الشعبية فتستجيب لنداء السلام أو تذوب في خضم التطورات مع مرور الأيام. فلا يملك سيف الإسلام قدرات يمكن أن يمنحها حركة العدل والمساواة لتعينها على تغيير النظام في الخرطوم.. وحتى لو ساعدها سلاح كتائب القذافي على الضغط على الحكومة فمهما بلغ هذا الضغط لن يفيد نجل القذافي في شيء، وحتى لو حكمت حركة العدل والمساواة البلاد فلن تنصبه رئيساً لليبيا، وهذا على سبيل الافتراض طبعاً. ولا أظن أن سيف الإسلام سيفكِّر في الإقامة بمعسكرات حركة العدل والمساواة حتى ولو كانت هناك وصية منسوبة لوالده للحركة بأن تحمي أسرته مقابل الأموال التي منحها لها إبان حكمه وبعد سقوطه المذل على يد الثوار. وهنا سؤال: إذا صح أن سيف الإسلام أصبح «محتمياً» بحركة العدل والمساواة، هل ستطالب المحكمة الجنائية ومدعيها أوكامبو بتسليمه لمحاكمته أم أن المذكرة التي صدرت بحقه أراد بها أوكامبو أن ينتهز فرصة لإضفاء شرعية موهومة للمحكمة المعنية بالعالم الثالث فقط ولا علاقة لها بجرائم الكيان الصهيوني؟! وحملة المحكمة الجنائية ضد السودان بقيادة أوكامبو مدعيها العام جاءت أصلاً كدعم سياسي ومعنوي للحركات المتمردة فهل يطالب أوكامبو بتسليم نجل القذافي إذا كان تحت حماية المتمردين؟!. تقليل الأزمة إذا كان الدكتور التجاني السيسي قد أدّى القسم رئيساً للسلطة الإقليمية بدارفور وفق اتفاق وثيقة الدوحة فإن المفهوم من هذا هو إدخال الاتفاق حيز التطبيق لإعادة الأمن والاستقرار وإحلال السلام بولايات دارفور.. ولكن هل هذا الاتفاق سيبقى فقط من أجل تقليل الأزمة الأمنية باعتبار أن حركة التحرير والعدالة قد وضعت السلاح وغيرها ما زال يحمله أم أن هذه الحركة من موقع منصب رئاسة السلطة الإقليمية ستعمل مع الحكومة بطريقة أو أخرى لدحر التمرد وتنظيف ولايات دارفور منه تماماً؟!. لا نقول بأن استمرار التمرد في دارفور في بعض المناطق يفرغ اتفاق الدوحة من مضمونه، لكن إذا رأت جماعة السيسي أن استمرار المشكلة الأمنية من بعض الحركات في دارفور لا يعنيها وهي غير ملزمة بالدفاع عن دارفور وإنما ملزمة القوات الحكومية فهذا يعني أن الاتفاق معها جاء تقليلاً للمشكلة.. وهذا أيضاً جيد، لكن حتى لا ينطبق علينا المثل القائل: «كأنك يا أبوزيد ما غزيت»، فلا بد أن نجد لحركة التحرير والعدالة عملاً سياسياً ذكياً ودؤوباً وجهوداً مضنية لحسم أزمة دارفور استكمالاً للنضال من الاتجاه الآخر الذي يقف فيه معها الشعب السوداني، وذلك حتى لا تتكرر أبوجا وحالة حركة مناوي التي أضاعت بيدها فرصة «المجد الوطني».. ونتمنى ألا تضيع هذه الفرصة من حركة التحرير والعدالة سيما أن زعيمها من الساسة العظام المخضرمين المتسامين على الضغائن وهو الدكتور التجاني السيسي الذي كان حاكماً لإقليم دارفور في النصف الثاني من الثمانينيات من القرن الماضي والآن يعود ليحكمه بصورة أخرى. وأهم ما قاله الدكتور السيسي في تصريحاته بعد أن أدى القسم أمام الرئيس هو: «إن أي قتيل في دارفور منذ السبعينيات قتل برصاصة جاءت من ليبيا». فإن الإشارة إلى هذه الحقيقة تؤكد نزاهة وشرف ووطنية صاحبها، فهو الذي اعترض على ارتماء حركته في حضن نظام القذافي؛ لأنه يفهم مَن هو القذافي، ويعلم أن أهله وأبناء وطنه الذين سقطوا ضحايا، كانوا ضحايا لتآمر نظام القذافي على بلادهم. البرلمان والتلفزيون حينما ينتقد البرلمان أداء التلفزيون أو الإذاعة أو الصحافة، لتكن مقارعته بحجة مقبولة، أن تكون مثلاً هذه الحجة هي أن الدولة تمضي نحو غاياتها بحكمة سياسية اقتضت أن تنحني في مرحلة ما لعاصفة بعض الانتهازيين، والحكمة مهمة في إدارة الدولة حسب ما يحيط بها من ظروف.. لكن أن يتساءل البعض باسم الشعب ويقول هل طلب الشعب من البرلمان جعل التلفزيون بصورة معينة فهذا غير معقول، وهذي محاولة نهب للرأي العام، فأغلب الشعب السوداني يوافق السيد هجو قسم السيد على انتقاده لأداء التلفزيون، فكم بالمائة من الشعب لا يوافقون هجو؟ هذا هو السؤال.