بقلم: لواء ركن (م) بابكر إبراهيم نصار بعد زوال نظام حكم منقستو في إثيوبيا تاهت الحركة الشعبية وفقدت المأوي وتفاقمت مشاكلها وإنشق منها قادة مؤثرون أمثال رياك مشار وكاربينو وأورك وإستثمرت القوات المسلحة السودانية هذا الموقف وشنت عمليات صيف العبور الناجحة التي أجبرت الحركة علي قبول الجلوس للتفاوض الذي إنتهي الي إتفاقية السلام الشامل وتبعاتها من إستفتاء الي إنفصال الجنوب، ونفس السيناريو يتكرر حالياً مع قوات العدل والمساواة التي فقدت المأوي والدعم العسكري الذي كانت تجده وتتلقاه من ليبيا وتشاد . ونري ان تشاد لعبت الدور الرئيسي في إضعاف قوات العدل والمساواة وإنسلاخ قادة مؤثرين منها وحضورهم الي الخرطوم وأكمل هذا السيناريو غياب القذافي وموته، الرئيس إدريس ديبي عندما زار الخرطوم في الثامن من شهر فبراير 2010 جاء متحرراً من أي قيود أو ضغوط خارجية وجاء بدون وسطاء وقبل مجيئه الي السودان طلب من القوات الأوربية الموجودة في تشاد مغادرتها بعد إنتهاء فترة عملها ووقع مع الرئيس البشير إتفاقية مصالحة تحظر التدخل في شئون الدولة الأخرى وتشكيل لجان أمنية وعسكرية لمراقبة الحدود المشتركة، وفي نهاية المحادثات رفع الرئيس ديبي المنديل الأبيض ملوحاً بنهاية الخصومة وأتبع القول بالعمل عندما رفض دخول خليل إبراهيم الي تشاد بعد مجيئه من إحدي الرحلات الخارجية، وغادر خليل الي ليبيا حيث إحتضنه نظام القذافي الذي أساء لاحقاً إستخدام قوات العدل والمساواة عندما إستخدمهم مرتزقة ضد ثوار ليبيا وبعد سقوط القذافي وموته تكرر سيناريو الحركة الشعبية. وتاهت قوات العدل والمساواة وأصبحت بدون مأوي وإتجه قائدها خليل إبراهيم الي دولة جنوب السودان لتكون مرتكزاً له وهنا كانت بداية النهاية لحركته لأنه لم يقدر الموقف تقديراً سليماً وكان عليه ان يتعظ من إعتقال وأسر الفريق ألماظ وعدد من قادة حركته بواسطة القوات المسلحة أثناء تحركه من دول الجنوب الي دارفور قبل شهور خلت، وهو الآن يكرر نفس المحور تقريباً ليلاقي مصيراً أبشع من مصير ألماظ ونري ان هناك أسباباً كثيرة أدت الي هزيمة قواته وموته منها إفتقار حركة العدل والمساواة الي القائد العسكري المحترف، مثلما كان عليه العقيد جون قرنق في الحركة الشعبية الذي كان يقرأ الموقف جيداً قبل أي خطوة يخطوها وهذا الغياب للقادة العسكريين أدي الي أخطاء كبيرة مثل التحرك العرضي في أراضي مكشوفة يعرضها للقصف الجوي ولا تملك هي أسلحة مضادة للطائرات. والتحرك في أراضي قبائل مواطنين غير موالين لحركته وعدم إرسال عناصر إستطلاع ومخابرات في مقدمة القوات للإمداد بالمعلومات عن الطرق والرأي العام للمواطنين وهل سيرحبون بهم أم لا؟ كما أنه لا يعقل ان يتحرك رئيس الحركة ويقود معركة بنفسه وكان عليه الإنتظار في مركز قيادة آمن وهكذا إنطوي تقريباً ملف حركة العدل والمساواة ونتوقع ان يلحق بقية قادتها بإتفاقية سلام الدوحة، وقد تخلو الساحة لعبد الواحد محمد نور ولكن لا نعتقد أنه سوف يحقق النجاح لأنه رجل غير عسكري ولا توجد لديه قوات ومعدات عسكرية كافية ولوجوده الدائم تقريباً خارج السودان ولإعلانه علي الملأ إنحيازه الي إسرائيل وزارها، وهذا ضد رغبة أهالي دارفور المسلمين البسطاء كما ان دكتور تجاني السيسي سحب البساط من تحت أقدامه لأنه أدري بشعب دارفور وعاش مشاكلهم وتفقدهم في ديارهم. ومهما حدث من الراحل خليل إبراهيم يحفظ له أنه لم يلجأ الي إسرائيل لمساعدته ولم يطالب بالإنفصال أو تقرير مصير دارفور ولم يرحل أسرته من السودان ومتمسك بدينه الإسلامي، ومن المفارقات ان يموت ويدفن خارج حدود دارفور التي قاتل من أجلها، ومن أخطائه الكبيرة لجوؤه للحركة الشعبية لإيوائه وهو يدرك تماماً ان الحركة سوف تستخدمه لتحقيق مصالحها أولاً للضغط علي حكومة الخرطوم لتحقيق مصالحها مثلما إستخدم جون قرنق الدار فوري الإسلامي الراحل داود يحيي بولاد عندما أرسله في حملة عسكرية مع عبد العزيز الحلو من الجنوب الي دارفور لتشتيت جهود القوات المسلحة ولكنه مات مقتولاً في دارفور. وهناك مقارنة بين موت القذافي وخليل إبراهيم، فالأول مات متأثراً بجراحه بعد قصف كنفوي عرباته بواسطة طيران التحالف الغربي وخليل إبراهيم مات أيضاً متأثراً بجراحه عبد تعرض كنفوي عرباته الي القصف الجوي أيضاً ولكن بواسطة سلاح الجو السوداني ثم حصار هذه القوات والاشتباك معها وفي الحالتين لم يتوقع المهاجمون ان يكون القذافي وخليل إبراهيم ضمن هذه القوات وقد تم التعرف عليهما بعد حين، وأخيراً نقول بقليل من الجهد والمتابعة من حكومة الخرطوم ودكتور السيسي وحكومة قطر قد يتحقق سلام دائم في دارفور في إطار إتفاق الدوحة وقبل ذلك لابد من تجديد العفو العام لحاملي السلاح مرة أخري. الملحق العسكري الأسبق في إثيوبيا.