صدقت التوقعات التي دارت بخاطر كل السودانيين في أن تكون دولة السودان هي الملجأ والمكان الذي يقصده نازحو دولة الجنوب وبعد الحرب الأهلية التي اندلعت في جنوب السودان وما صاحبها من آثار سالبة منها توقف الحياة الاقتصادية وتوقعات الآلاف من القتلى وأخيرًا النزوح الذي بدأ بالفعل إلى الدول المجاورة منها كينيا ويوغندا وقد وردت أخبار أنها أغلقت حدودها، وإفريقيا الوسطى التي تدور فيها المعارك ثم السودان الشمالي، ووصول نازحين إلى الولايات المتاخمة لحدود السودان مع دولة الجنوب وأعداد كبيرة يتوقع أن تزيد أضعافها إضافة لوصول أعداد أخرى إلى ولاية النيل الأبيض بأعداد غير معروفة، فقد كان السودان هو الهدف الأساسي لهم. لما سبق أن كانوا جزءاً من المواطنين ونسبة لارتباطهم وتعودهم وإلمامهم المعرفي لبعض التقاليد والعادات كل هذه تعتبر من الأسباب التي يمكن أن تجعلهم يستهدفون النزوح للسودان دون غيره من الدول المجاورة، وبدورها كشفت معتمدية اللاجئين عن دخول (3630) لاجئًا من دولة جنوب السودان إلى السودان عبر ولايتي النيل الأبيض وجنوب كردفان، وتوقعت وصول أربعة آلاف آخرين عن طريق معبر جودة إثر تصاعد الصراعات بدولة الجنوب، فيما استنفرت اللجنة التنسيقية للاجئين بولاية النيل الأبيض المنظمات لاستقبال تدفقات اللاجئين الموجودين حالياً بالمنطقة الصفرية عند جودة الفخار. وقال معتمد اللاجئين المهندس حمد الجزولي في تصريحات صحفية إن المعتمدية بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي ستعملان على تقديم المساعدات الأساسية العاجلة للاجئين المتأثرين من الأحداث متوقعاً تزايد أعداد اللاجئين القادمين من دولة جنوب السودان إثر تصاعد الأوضاع التي تشهدها الولايات المتاخمة للسودان حالياً على خلفية الصراعات بين الحكومة والمتمردين. من جانبه قال رئيس اللجنة التنسيقية للاجئين بولاية النيل الأبيض الطيب محمد عبد الله إنهم وقفوا على أوضاع اللاجئين بالمعبر على الشريط الحدودي بين الدولتين موضحاً أن الاعداد في تزايد مستمر وفقاً للأحداث العسكرية الجارية بدولة الجنوب. وأبان أن اللجنة تقوم بعمليات حصر وتصنيف اللاجئين وفقاً للقوانين الدولية الخاصة باللجوء، موضحاً أن اللجنة قامت بتحديد نقاط الانتظار للاجئين بالكيلو «4» بمحلية الجبلين ومنطقة الاحيمر بمحلية السلام بغرض استقبال اللاجئين. ما جعل الجهات المختصة أن تضع في حساباتها الانعكاس السلبي بتدفق لاجئي الجنوب إلى السودان وما يترتيب من زيادة على أعباء السودان اقتصاديًا وسياسياً. وفي تصريحات صحفية سابقة أكدت أن والي النيل الأبيض يوسف الشنبلي وجه السلطات الإدارية في محليتي (الجبلين) و(السلام) الحدوديتين مع دولة الجنوب بتحديد نقاط الاستقبال للاجئين الفارين من المعارك في جنوب السودان، بينما أشار مسؤول سوداني إلى تحرك أعداد كبيرة من الجنوبيين الفارين من الحرب، في طريقهم إلى السودان وبدورها أشارت الأجهزة المختصة بالولاية إلى أنها ستتعامل معهم بحسب القانون الدولي الإنساني، وقال المحلل السياسي د. عبد الوهاب عثمان في تصريح ل (الإنتباهة) أن من دلائل تدفق لاجئي الجنوب على السودان هو الترابط القوي الذي ساد منذ القدم بأن الجنوبيين مع السودانيين شعب واحد تم انفصاله منذ ثلاث سنوات فقط ولكن انتماءهم الداخلي هو الذي قادهم إلى أن يتجهوا نحو السودان وهم في حالة من الطمأنينة بأن الحكومة وشعبها سيرحبون بهم، وأشار إلى أنه منذ أن تم الانفصال قدمت دعوة للجنوبيين على أن يقوموا بتوفيق أوضاعهم وحصرهم إلا أن الدولة لم تمارس الضغوط ضدهم ولم يسبق أن تم القبض عليهم وحجزهم بل قامت بتوفير رحلات طوعية إلى بلادهم، وأضاف لا يمكن أن نترك المواطن الجنوبي وسط تلك المطاحن والحروبات الأهلية والعرقية فكان لا بد أن نمد لهم يد المساعدة علماً بأن أي توتر وزعزعة في أمن دول الجوار تصيب الضرر وعدم الاستقرار للدولة الأخرى، وزاد أنه بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد فإننا نجد أن رئيس الجمهورية أدلى بتصريحات حول أن لا يتم إبقاء لاجئي الجنوب داخل معسكرات وإنما منحهم الحق في التمتع والعيش بحرية حول أرجاء الوطن مثلهم كمثل المواطن السوداني وهذا ما جعلهم يقدمون على النزوح بجانب توفير الوسائل الناقلة لهم وتذلليل كل العقبات التي يمكن أن تواجههم لافتاً إلى أن ذلك الحق يسبب كثيراً من الضغط على المواطن من ناحية اقتصادية فيما أنه ليس كل اللاجئين على خلق قويم فمنهم من يمكن أن يسبب خللاً في الأمن وانتشار الجريمة التي أيضاً تقع على عاتق الدولة والمواطن الأمر الذي يتطلّب الحكمة لمواجهة مثل هذه المشكلات، وأضاف عبد الوهاب أن معلومات وردت عن محاصرة مدينة جوبا واشتعال نيران الحرب هناك ما دعا حكومة الجنوب أن تطمع في طلب المساعدة من حكومة السودان وقال على القائمين بأمر السياسة أن لا يتدخلوا ولا ينحازوا إلى قبيلة دون الأخرى علماً أن تلك الفصيلة التي تقف مع مشار بها من يملكان العداء السافر للسودان وهم باقان وعرمان اللذين ساندا في الحرب الدائرة بجبال النوبة مشددًا على عدم الاندفاع التام في تقديم المساعدة لدولة الجنوب، ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير ل (الإنتباهة) أن تدفق لاجئي دولة الجنوب على السودان سيؤثر سلبًا على الاقتصاد، وأضاف أنه إذا استمرت دائرة الحرب بالجنوب فستتوسع انعكاسات كبيرة للاجئين إلى السودان، لأن المواطن الجنوبي لا تكون لديه الرغبة في الذهاب إلى دول الجوار وسيتوجه نحو الشمال باعتبار أنه سبق أن كانوا شعبًا واحدًا لدولة واحدة قبل حدوث الانفصال ما ينتج عنه تكلفة وضغوط كبيرة على حكومة السودان من ناحية اقتصادية وصحية وضرورة توفير إيواء وغذاء وكساء للجنوبيين، وذلك فوق طاقة الحكومة ما يتطلب دعم ومساعدة المجتمع الدولي الذي بدوره ينتظر هذه السانحة لإرسال المنظمات الدولية بذات الأجندة السياسية وكل ما تحمله من مخاطر على السودان.