وفي أسمرا التي كانت تحتضن الحركة الشعبية.. ولم تغادرها إلا بعد اتفاقية نيفاشا.. الرئيسان البشير وأفورقي يعلنان دعمهما «السياسي» لسلفاكير.. بوصفه رئيساً منتخباً دعماً سياسياً فقط.. فالسودان منذ اندلاع الحرب الجنوبية التزم جانب الحياد.. وكان بوسعه استغلال ظروف الحرب لصالحه.. لكنه التزاماً باتفاقية التعاون مع دولة الجنوب والتزاماً بمقررات الإيقاد التي تقود التفاوض...التزم جانب الحياد.. وسعى لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء.. فالموقف السوداني أشادت به أمريكا والدول الأوروبية.. فهذا الموقف للسودان جاء انطلاقاً من معرفة السودان بالجنوب.. فقبائل الاستوائية «الزاندي».. لها تداخل مع زائير والتبوسا اللاتوكا مع يوغندا.. وكينيا.. والدينكا مع السودان«دينكا أبيي».. والأفورقي مع السودان«جنوب دارفور» والنوير لهم تداخل مع إثيوبيا «نوير جمبيلا» فمساندة أية دولة لمنسوبيها.. هو وضع عويش على نار.. تأكل الأخضر واليابس.. ونيرانها تسري داخل الدولة.. فحين تفلت.. مجموعات من نوير إثيوبيا.. لنجدة قوات مشار ابن النوير.. تتسع دائرة الحرب.. لذا من الحكمة.. أن تضبط إثيوبيا مثلاً حدودها.. حفاظاً على أمنها وأمن المنطقة.. ولا سيما أن إثيوبيا.. هي المقر للاتحاد الإفريقي.. ومنها تنطلق المفاوضات.. فإن تراخت إثيوبيا.. ولم تحكم الرقابة على حدودها مع دولة الجنوب.. فإن حرب داحس والغبراء لن تنتهي.. أما يوغندا لم تخف تدخلها في حرب الجنوب.. فقواتها اشتركت في عدة عمليات عسكرية ضد قوات مشار.. وما زالت قواتها في قلب المعارك.. تحارب بجانب سلفا كير.. وبجانبها ما يسمى «الجبهة الثورية»..التي تحارب في صف سلفا كير.. بدافع أن قيادتها موجودة في يوغندا.. فأصبحت بين أمرين.. إما أن تحارب مع سلفا كير.. المسنود بيوغندا.. وإما أن تغادر يوغندا.. وبدخولها في حرب الجنوب.. تكون الجبهة الثورية قد حملت صفة«المرتزقة» ودخولها في دائرة الحرب.. أفقدها حلفاءها القدامى «أولاد قرنق» فتبرير يوغندا بأن لها اتفاقية عسكرية مع دولة الجنوب.. تبرير فج.. فلا اتفاقية عسكرية.. لحرب داخلية.. لذا ليس من مصلحة الجنوب ولا المنطقة.. تدخل يوغندا عسكرياً.. أو تقديم دعم عسكري من أية دولة.. للأطراف المتحاربة في الجنوب.. فالدعم العسكري يطيل من عمر الحرب,..فالمطلوب من دول الجوار.. أن تعمل على إيقاف الحرب في الجنوب.. بالضغط على الطرفين.. فالخاسر في هذه الحرب اللعينة.. شعب الجنوب.. فالجنوب معقود وجهه بالأسى والعذاب فسماواته التي كانت تمطر مطراً مدراراً.. أصبحت لا تمطر إلا الموت والدمار والهلاك.. لا شيء في الجنوب غير الجثث المتفحمة ورائحة الدماء المتخثر.. فسماواته أمست فضاء بلهب المدافع والصواريخ.. فالسحب التي كانت تزخ زخات المطر.. أطلقت سحائب الدخان.. وإنسانه ما كان أمامه إلا أن يركض خارج المدار الأثيم... لاجئاً بطلب الأمان.. فالتدخل اليوغندي يحول هذه الحرب الداخلية.. إلى صراع إقليمي.. سيعجز المجتمع الدولي من إيقافه...فالنهاية أن نار حرب الجنوب ستأكل كل دول المنطقة.. فالصراع السياسي.. الذي خلف هذه الحرب.. بدأ يتحول إلى صراع قبلي دينكا نوير يعيد للقارة المأزومة سيناريو رواندا وبروندي فالتدخل الاستخباراتي هو المحرك الأساسي لهذا الصراع.. فأوروبا بجانب طرف وأمريكا وإسرائيل بجانب الطرف الآخر.. فهذه الحرب تتجه إما إلى تقسيم الجنوب وتمزيقه.. وإما وقوعه تحت الحماية الدولية.. لذلك توجب على الاتحاد الإفريقي قبل الوصول إلى اتفاق الطرفين.. وقف التدخلات الأجنبية الظاهرة والمستترة.. ومطلوب بإلحاح شديد من الاتحاد الإفريقي والإيقاد.. التدخل وإيجاد حل لوقف الاقتتال في هذا الصراع.. وأظن أن الرئيس سلفا كير يدرك تماماً أن الخاسر في هذا الصراع هو إنسان الجنوب.. وأن مشار يعي تماماً أن إنسان الجنوب لن يجني من هذا القتال غير التشريد والموت والهلاك.. وأن الطرفين يدركان.. أن التدخلات الأجنبية وراءها فواتير واجبة السداد. محطة أخيرة: من خيبات وترهات الماركسي العجوز أبو عيسى أنه بعد أن فشل في «صنع» معارضة قوية.. طلب من شباب حزب الأمة.. تحديد موقفهم من ديكتاتورية الصادق المهدي.. فهذا الطلب الساذج يؤكد أن المعارضة الهزيلة التي يقودها أبو عيسى هي فعلاً.. عمياء وقايداها مجنونة.