لا تزال كرة اللهب تتدحرج بقوة في دولة جنوب السودان رغم الجهود التي تقودها دول الإيقاد لإعلان وقف إطلاق النار بين طرفي الأزمة والصراع حكومة الجنوب برئاسة سلفا كير ميارديت ونائبه السابق وقائد المتمردين الحالي رياك مشار. في هذا السياق خصص المؤتمر الشعبي بالأمس منبره الدوري لأمانة الشباب حول تداعيات حرب الجنوب تحدث فيه القيادي في الحزب د. محمد الأمين الخليفة الذي رصد الواقع السوداني اليوم قياساً لقوته البشرية والاقتصادية والعسكرية والسودانية والدينية والسياسية، ليخلص إلى أن السودان رغم أنه مؤهل لقيادة العالم العربي والإفريقي والإسلامي إلا أنه مكبل جراء الحروب التي استغرقته منذ الاستقلال إلى اليوم، وألقى باللائمة على كل الحكومات التي حكمت البلاد دون استثناء بفشلها في إدارة التنوع بالسودان والنتيجة انفصال الجنوب والوضع الراهن بالبلاد. ونفى أن يكون حق تقرير المصير الذي أقرته اتفاقية نيفاشا 2005 من أدوات الانفصال، فهو من أدوات الوحدة للذين لهم دراية بعلم السياسة، وقال نحن الآن نواجه أسوأ السيناريوهات انفصال الجنوب واشتعال الحرب في البلدين. وعلى صعيد الوضع الراهن بالجنوب فهو في تقديره سيء للغاية، فهو وإن كان دولة شبه قبلية قبل الانفصال، فهو بعده دولة قبلية. وفي تفصيله للخريطة الجنوبية أشار إلى ثلاثة أقاليم كبرى هي أعالي النيل وتضم ست قبائل ثلاثة كبرى «النوير والشلك والدينكا» وأخرى «المابان والأنواك والمورني» وبحر الغزال الكبرى «أكثر من 95% دينكا»، أما الإستوائية الكبرى فتضم أكثر من عشرين قبيلة, أكبرها الزاندي ثم الباريا. وفي تشخيصه لطبيعة تلك القبائل وصف الشلك بالانضباط وأن رث الشلك أشبه بالملك. أما الدينكا فتتم السيطرة عليهم عبر السلاطين. أما النوير فلا يمكن السيطرة عليهم لديهم فقط الأب الروحي «كيوج» ونبوءته المعروفة بأن الجنوب سيحكمه رجل من النوير أعسر ويحمل عصا وله فلجة، ومشار يستمد قوته من تلك النبوءة من خلال اعتماده على جيش النوير الأبيض. وبشأن الصراع الدائر الآن قال الأمين إن الصراع في بانتيو مرير جداً ووقعت إعدامات جماعية، وهناك مقابر جماعية لم يرها أحد. أما جوبا فقد شهدت أحداث قتل مريرة للنوير فيها بمساعدة الرئيس اليوغندي موسفيني الأمر الذي ستكون له تداعيات كبيرة جداً في المستقبل على الجنوب. وأشار الى طرف ثالث في الصراع هو شعبة هو مجموعة المثقفين، ومنهم أبيل ألير وديفيد ديشان وفرانسيس دينق، فهي تسعى للوصول الى نوع من التهدئة وحلول للاختلافات التي وقعت في مجلس التحرير في ديسمبر الماضي، قوامها أن يكمل سلفا دورته الانتخابية وتعقد انتخابات حرة، وذهب إلى أن هذه القوة إذا وجدت مساندة من دول الجوار خاصة الإيقاد فأنها سيكون لها تأثير حقيقي على الأحداث. وشدد الأمين على أن الحرب ستطول إذا لم تكن دول الإيقاد محايدة. أما السودان وفقاً له فقد كان محايداً في البدء ولكن يبدو أن ثمة تغييرات خارجية من دول الجوار خاصة بعد زيارة الرئيس عمر البشير إلى أريتريا التي أفرزت حلفاً بين البلدين إضافة إلى يوغندا لمؤازرة سلفا، ويقابل ذلك حياد كل من إثيوبيا وكينيا. ومنشأ الخلاف بين فرقاء جوبا في طبيعته خلاف داخل الحزب الحاكم. ولفت الى تمايز وصفه بالمهم هو أن الجنوب محكوم بالجيش الشعبي في المقام الأول ثم الحركة الشعبية. وقال إن سلفا في نزاعه مع مجموعة مشار داخل مجلس التحرير استخدم السلطة الرئاسية للجيش الشعبي، منوهاً إلى أن سلفا في مؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه عن الانقلاب كان يرتدي الزي العسكري، بينما يرى مشار أن مؤهلاته تجعله يستحق الترشح للرئاسة في 2015 في الوقت الذي ترى فيه قبيلة الدينكا أن زخم وجودها كعنصر غالب في البلاد لا يسمح لظهور أي حاكم من قبيلة أخري. ومن خلال خبرته كمفاوض سابق قال إنه لا يرى أن مساعي الإيقاد ستثمر. وقال لا توجد مبادرة حقيقية. وأبدى أسفه على أن الثقافة السائدة في دول الإقليم هي قانون القوة لا قوة القانون لذا فإن موسفيني يرى ضرورة الحسم العسكري وقتل مشار.. أما الآثار التي سيخلفها الصراع على دول الجوار عامة والسودان خاصة فهي على مستوى الإقليم ستفرز لاجئين ونازحين، كما ستعقد العلاقات الخارجية بين تلك الدول، وعلى مستوى السودان ستؤثر على إنتاج النفط، وبالتالي الاقتصاد، كما ستؤثر على السلطة الحاكمة في الخرطوم، فالسياسة مثل الفيروس معدية جداً. وفي رده على أسئلة الصحافيين قال لو كانت الخرطوم محايدة لكانت لها قوة تمكنها من استضافة سلفا ومشار في الخرطوم. وأن تصل لحل الأزمة. وقال إنه فجع بزيارة الرئيس لجوبا، وقال إن لديهم اتصالات مع طرفي الصراع عبر سفير الجنوب في الخرطوم ميان دوت وول.