قال تقرير نشرته صحيفة «الواشنطن» بوست في عددها الصادر أمس بعنوان «بعد أن أصبح النفط على المحك.. أزمة دولة الجنوب تهم زبائنه»، قال عندما انفصلت دولة الجنوب في عام 2011كان ينظر للنفط على انه الشرارة التي يمكن أن تشعل التوترات التي من شأنها أن تدمر الدولة الجديدة، إلا أن الواقع يقول إن النفط الآن هو الحافز الذي يدعم الجهود من أجل حمايتها من الدمار الكامل، حيث قامت هذه السلعة الثمينة بتحفيز القوى الأجنبية على العمل في تناغم من أجل إنهاء الصراع بين الفصائل المتحاربة بدولة الجنوب، كما أنه أجبر الصين على التخلي عن سياستها العتيقة والقائمة على عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية لتشارك وبنشاط في المحادثات الجارية من أجل انهاء الصراع، كما ان السودان استطاع ان يغض الطرف عن عقود طويلة من العداء من اجل دعم الحكومة في جوبا، ولم تدخر كينيا جهداً لوقف حمام الدماء. وبحسب الصحيفة فإن الخرائط تثبت أن أكبر الاحتياطات النفطية وأكثرها ربحاً للدولة الوليدة وشركائها على المحك، حيث يتوقع ان تدر مليارات الدولارات. ويقول ليبان مورو الاستاذ بمركز دراسات السلام والتنمية بجامعة جوبا للصحيفة إن القوى الكبرى وخاصة الصين لديها مصلحة كبيرة في دولة الجنوب، بحيث يمكن أن يكون النفط المنقذ غير أنه قد يتحول إلى لعنة حال استمر القتال. وبحسب الصحيفة فإن الصراع الذي اندلع في جوبا قبل أكثر من شهر كانت تغذيه دوافع سياسية، إلا أن الصراع سرعان ما تحول الى صراع حول المناطق الغنية بالنفط، حيث شهدت المدن الإستراتيجية مثل بانتيو وملكال معارك شرسة تبادل فيها المتمردون والجيش الحكومي السيطرة العسكرية عليهما لأكثر من مرة، كما اشتعلت المعارك الدامية في بور عاصمة أكبر الولايات احتياطاً للنفط في البلاد، ويقول لوغا باتي أحد كبار الباحثين في المعهد الدينماركي للدراسات الدولية ومؤلف كتاب «ملوك النفط الجدد» وهو كتاب تناول دولة الجنوب ونفطها، يقول للصحيفة: «تأمل المعارضة من خلال الاستيلاء على حقول النفط أن تكون لها اليد العليا في المفاوضات لوقف إطلاق النار من خلال وقف مصدرها الرئيس للدخل، والنفط هو الجائزة في نهاية النزاع». وتقول الصحيفة ان انتاج النفط قد انخفض 20% منذ بداية الصراع، وان الصين التي استثمرت مليارات الدولارات في البنية التحتية للنفط في الجنوب قد اضطرت لإغلاق عدد من منشآتها وإخلاء العشرات من العمال بعد أن استولى المتمردون علي المناطق الحيوية المنتجة للنفط، كما ان توقف انتاج النفط قد تكون له آثار مدمرة على السودان الذي يحصل على مئات الملايين من الدولارات من رسوم ترحيل النفط عبر أنابيبه إلى بورتسودان، حيث اثر النزاع حول رسوم العبور في عام 2012م، الذي أدى الى اغلاق انتاج النفط لمدة عام بشكل كبير في اقتصاد البلدين، ومازالت آثاره واضحة حتى اليوم، وتمضي الصحيفة قائلة إن المسؤولين الكينيين من بينهم الرئيس اوهورو كينياتا قد حثوا كلا الجانبين على الدخول في المفاوضات واستمروا في لعب دور دبلوماسي رئيس، وبحسب الصحيفة فإن نيروبي تأمل في مد خط أنابيب اللنفط الجنوبي المقترحة عبر أراضيها إلى ميناء لامو الأمر الذي يدر اموالاً طائلة عليها، فضلاً عن أنها اكتشف حقول غنية بالنفط تقع على حدودها مع دولة الجنوب، ويقول باتي ان آخر شيء ترغب فيه ان يستمر العنف في دولة الجنوب، بل انها ترغب في ان يسود السلم البلاد حتى تجد لها شريكاً قوياً في قطاع النفط في منطقة شرق إفريقيا، كما ان يوغندا التي شاركت بثقلها في الصراع لديها تطلعاتها الخاصة في ما يتعلق باحتياطي النفط ومخاوفها من أن يؤدي العنف الى هروب المستثمرين من المنطقة بأسرها، كما أن العقوبات الأمريكية التي فرضتها الادارة الامريكية على السودان في عام 1997 بحجة دعمه للإرهاب قد حرمتها من الاستثمار في النفط السوداني بالرغم من أنها تعمل على ايجاد موطئ قدم في دولة الجنوب، فإن العنف في الجنوب يهدد استثماراتها المحددودة، كما أن استمرار الصراع سيؤدي الى اغلاق النفط ومن ثم افلاس البلاد الوليدة بعد ان انفقت فيها الولاياتالمتحدةالامريكية مئات المليارات من الدولارات في محاولة لإنجاح مشروعها الديني والديمقراطي هناك، ويرى دانيل لارج المحلل في جامعة اوروبا الوسطى ببودابست أن دولة الجنوب ولدت وهي دولة نفطية، وأن غياب النفط يمكن أن يدمرها تماماً الفقر رغم النفط وتقول الصحيفة: بالرغم من ان دولة الجنوب غنية بالنفط الا انها تعاني الفقر المدقع وتعتمد بشكل أساس على الاعانات التي تقدمها الولاياتالمتحدةالامريكية وشركاؤها، اضافة الى ان هذه المساعدات يتم اهدارها بسبب الفساد الممسك بحكومة جوبا، حيث أعلن الرئيس سلفا كير عن سرقة «4» مليارات دولار من خزائن الدولة في عام 2012م، وترى الصحيفة انه وفي حال استمرار الحرب فإن الجنوب سينضم الى قائمة الدول الغنية بالنفط والموارد الطبيعية «من أنغولا إلى تشاد ونيجيريا إلى غينيا الاستوائية» التي يرزح سكانها تحت وطأة الفقر بسبب النزاعات والفساد. وتضيف الصحيفة قائلة إن النزاع في دولة الجنوب قد جدد للصين ذكريات النزاع في ليبيا إبان ثورة الربيع العربي التي اطاحت العقيد معمر القذافي، حيث دمر الصراع جميع استثمارات النفط الصينية في البلاد ومازال العديد من الاستثمارات الصينة في ليبيا متوقفة حتى اليوم، ولهذا فقد قامت بكين بإرسال وزير خارجيتها وانغ ييي الى اثيوبيا لحث الجانبين على وقف الاعمال العدائية، ويقال انها عرضت التوسط بينهما، وكانت الصين قد لعبت دوراً مماثلاً أثناء الأزمة بين السودان ودولة الجنوب في عام 2012م، حيث توجت جهودها بتوقيع اتفاق بين الطرفين. ويحذر المحللون من ان الصين قد يكون لها دور محدود في الصراع بين سلفا كير ونائبه الدكتور رياك مشار، ويقول لارج للصحيفة إن الصين لا تمتلك علاجاً سحرياً لمعالجة الأزمة في الجنوب، اذ هناك حدود لامكانات الصين عندما يتعلق الأمر بالنزاع في الدولة الوليدة. التعاون من أجل البقاء وتقول الصحيفة ان الحكومة السودانية قد خاضت حربين اهليتين طويلتين ودمويتين في آن واحد مع الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة، والذين هم الحزب الحاكم الآن في دولة الجنوب، وان مشار قد انضم للشمال عندما انشق من الحركة في تسعينيات القرن الماضي، ثم عاد في وقت لاحق للحركة الشعبية قبل توقيع اتفاقية السلام الشامل التي أنهت الحرب وأثمرت عن انفصال الجنوب، إلا ان كبار القادة بالحركة مازالوا ينظرون الى تحالف مشار مع الخرطوم على أنها خيانة لقضيتهم، وعندما بدأت الأزمة توقع كبار المحللين والمسؤولين ان السودان سيتدخل لصالح مشار، وبدلاً من ذلك توجه وفد سوداني رفيع برئاسة الرئيس عمر البشير الى جوبا لإظهار الدعم للرئيس سلفا كير وعملية السلام. وبحسب الصحيفة فإن الخرطوم ترى من الضروري التحالف اقتصادياً مع دولة الجنوب، حيث واجهت انتقادات شديدة من المتشددين السودانيين الذين اتهموها بالتخلي عن مليارات الدولارات من خلال سماحها للجنوب بالانفصال. ويقول مورو إن النخبة في الخرطوم قد تعلمت درساً من إغلاق النفط لسنة واحدة، حيث أنها كانت تعتقد أن الجنوب سينهار أولاً، الا انها اكتشفت انها والجنوب سينهاران في وقت واحد، ولذلك فإنهم اكثر اهتماماً بالتعاون من أجل البقاء، في وقت يقول فيه المتمردون انهم يسعون للسيطرة على مناطق النفط للتأكد من ان جوبا لا تستخدم امواله من اجل اذكاء الصراع ووضعها في حسابات جانبية لتصرف على المواطنين بعد انتهاء الازمة، الا ان لارج يرى ان ذلك لا يخدم قطاع النفط في الجنوب، بل إن استمرار العنف سيؤدي الى هروب المستثمرين لسنوات او حتى عقود، وأن هذا الوضع ليس ملائماً لاجتذاب استثمارات ضخمة لقطاع النفط بدولة الجنوب. Clojure Docs: Returns non-nil if nums are in monotonically decreasing order, otherwise false. →