أجمع خبراء اقتصاديون على أن التوصيات التي خرج بها مؤتمر القطاع الاقتصادي في المؤتمر الوطني الذي عُقد الأسبوع الماضي بقاعة الصداقة يمكن أن تسهم في الاستقرار الاقتصادي للبلاد إذا تم تنفيذها بالصورة المطلوبة لتتماشى مع المتغيرات الاقتصادية الراهنة، مؤكدين أن الدولة اتجهت نحو معالجة القضايا الرئيسية المتعلقة بالإنتاج والإنتاجية، و في ذات السياق شدّد الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز في حديثه ل «الإنتباهة» على ضرورة زيادة الصادرات للخارج وخفض الإنفاق الحكومي بغرض تحقيق الاستقرار الاقتصادي كهدف أساسي مبيناً أن المرحلة المقبلة تتطلب إقامة شراكات حقيقية وتنمية العلاقات الدبلوماسية الخارجية، وقال إن تخفيض أسعار السلع يصبح هدفاً ثانوياً يمكن تحقيقه إذا ما تم تنفيذ الإجراءات الأساسية فعلى سبيل المثال خفض أسعار السلع المستوردة يمكن أن يتم بإيجاد بدائل رئيسية من السلع السودانية وبالتالي لا تكون هنالك حاجة لاستيراد البضائع من الخارج، وضرب مثلاً بالقمح والحبوب النباتية وقال: إذا تمكّن السودان من خلال فتح أبواب الاستثمارات في المجالين سابقي الذكر وتحقيق زيادة ملحوظة في مساحات زراعة القمح والحبوب الزيتية فمن الممكن أن نحقق الاكتفاء الذاتي في غضون الثلاث أو الخمس سنوات القادمة في هذه المجالات، وبالتالي تنخفض الأسعار، وكذلك الأمر فيما يتعلق باللحوم والخضروات، فبزيادة الإنتاج والإنتاجية واتباع الحزم التقنية يمكن السيطرة على أسعارهما لأن مدخلات الإنتاج التي تستجلب الآن بأسعار كبيرة وعالية وبالعملات الأجنبية هي من الأسباب الأساسية التي أدت إلى ارتفاع الأسعار وخاصة أسعار الخراف على سبيل المثال. ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي محمد الجاك في حديثه ل«الإنتباهة» إن المؤتمر راجع البرنامج الاقتصادي للمؤتمر الوطني خلال الفترة الماضية مع بعض المستجدات والتي دعته لتعديل برنامجه ليتماشى مع تلك المتغيرات، واستدرك بقوله: تأكيدًا على التوجه الرأسمالي للدولة واعتمادها بصورة أساسية على سياسة تحرير السوق وتركيزه على تقليص دور الدولة بصورة كافية في النشاط الاقتصادي وما يجعله تحت رحمة السوق والمؤسسات التي تديره سواء كانت شركات أو افرادًا. إنّ محاربة الفقر هو الهَمّ الأول للدولة لتحويل الفقراء إلى منتجين من خلال تقديم مبادرات كثيرة لمحاربة الفقر عبر مشاريع التمويل الأصغر بعد إيجاد حل لمشكلة الضمانات والتي قلل الجاك من جدواها لتركيز الموازنة على القطاعات المستهلكة والشرائح الضعيفة على الرغم من عدم مقدرتها على التمويل بصورة كافية وأن ما يسمى برفع الدعم هو عبء غير مباشر على هذه الفئات، وقال إن ما تم من معالجات لها بغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار هي معالجات خطيرة وأثبتت فشلها وإن الصناديق الاجتماعية التي تعتمد عليها سياسة الدولة لم تدعم الفقراء والشرائح الضعيفة بصورة عامة بل ظلت تقدم ما لا يرقى لمستوى رفع الغلاء عنها، وورد ذلك في توسع دائرة الفقر، في وقت تعهّد فيه رئيس الجمهورية بسد فجوة ميزان المدفوعات والميزان التجاري بزيادة الإيرادات دون وضع أعباء ضريبية جديدة على المواطن، وقال: في هذا الظرف يجب علينا أن نجتهد لحل مشكلاتنا ومشكلات العالم من حولنا بالبحث عن نظام اقتصادي يحدد توزيع الثروة بعدالة بعد انهيار النظام الاشتراكي وسقوط النظام الرأسمالي منذ مطلع العام 2008م، بينما أوضح الجاك قائلاً: إذا وجهت هذه السياسات نحو إعادة قطاع الدولة لزيادة النشاط الاقتصادي كنت أعتبرها جديدة وإذا ركزت على القطاعات التقليدية بصورة واضحة ومراجعة الخصخصة التي تمت في بعض المؤسسات الإنتاجية ولم تحسن في أدائها وأيضاً النظرة في سياسة التحرير الاقتصادي لم تراعِ جوانب إنسانية ولم تبدأ برؤية كافية حيث إنها أثرت على القطاعات الضعيفة ولابد من أن تطبق بالصورة التي تمنع تأثر هذه الطبقات والحد من الاحتكار.