أجرته: آمال الفحل - فتحية موسى السيد أحدث خطاب رئيس الجمهورية حول برنامج الإصلاح السياسي في البلاد مساء أمس الأول بقاعة الصداقة بالخرطوم ردود فعل واسعة النطاق في أوساط الساحة السياسية، حيث تفاوتت ردة الفعل ما بين النقد، والتحليل، والإشادة والتحفظ.. (الإنتباهة) رصدت صدى الخطاب الرئاسي من خلال استطلاع واسع أجرته أمس بين رموز وقيادات العمل السياسي بالبلاد حول المضامين الجديدة له، وما إذا كان معبرًا عن تطلعات القوى السياسية والشعب السوداني، فإلى حصيلة الاستطلاع: أهمية الخطاب وزير الإعلام السابق ورئيس حزب الأمة الوطني (م) عبد الله مسار أوضح عدم اهتمامه بالخطاب، وقال: لم يكن فيه شيء وباعتقادي المحاور الأربعة التي تناولها في مضمون الخطاب سواءً كان السلام أو الهوية السياسية وقضايا الاقتصاد، هذه الأشياء مفرغ منها والأجدر أن يتناول الخطاب رؤية سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة قومية انتقالية قبل الانتخابات، أيضاً لم يتناول مسألة الديمقراطية وحرية الصحافة، وللأسف هذا الخطاب أتى هزيلاً لم يفصح أو يتطرق لخطوات وحلول ناجعة. وأكد مسار أن المؤتمر الوطني عندما أحس بأن المركب في طريقها إلى الغرق تحرك، وقال إن الجراحة الكبيرة في الطريق وخلال الفترة القادمة، والخطوة المهمة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية وثيقة الإصلاح أو الوثبة الوطنية المزعومة المعني بها الشعب السوداني كافة وليس حزب المؤتمر الوطني فحسب لأنه فشل في الإصلاح من الداخل.. خطاب الرئيس به شيء من الاستعراض السياسي بالحديث عن الإنجازات وتمسك بالثوابت وهو خطاب أكثر انفتاحاً نحو الآخر، وهناك أسلوب تشويقي في الإعلان عن تلك الخطوات عبر وسائل الإعلام المختلفة وعن وجود مفاجأة ما جعل الكل يتكهن بطريقته، لكن في خاتمة المطاف لم يتم تناول أي من التكهنات. ضياع المضمون أضاف نائب الأمين السياسي للاتحادي الموحد الأستاذ، عصام أبو حسبو أن الفكرة بداية تعتمد على الصراحة والصدق مع الذات في الإحساس ومسؤوليتنا التاريخية تحتم علينا بأن الحاكم حتى إذا اختلفنا معه يجب أن نكون صادقين معه في الاثنين الاختلاف والاتفاق معاً، من هذا المنطلق بعد استماعي للخطاب استنبطت منه الآتي: أولاً لا يرقى للتوقعات الكبيرة من الإعلام الرسمي والعام وليس به جديد على الإطلاق وأيضا اللغة العالية والفخيمة وهي تكاد تختلف من اللغة الأكاديمية واستخدام المصطلحات الفخمة أضاعت المضمون الحقيقي والهدف الأساسي ومن المحتوى السياسي الذي يتماشى مع متطلبات المرحلة هذا بشكل مؤجز، والكل تفاجأ بأن الخطاب صادر من رئيس الجمهورية وليس من رئيس المؤتمر الوطنى ومن المفترض ان تغلب الصفة الثانية على الأولى، وهذا الخطاب يجدر أن يلقى في المؤتمر الوطني في شارع المطار وليس في قاعة الصداقة، إضافة إلى زن سقف تطلعاتنا ذهب أبعد من ذلك وتوقعنا انقلابات حسنة على الأجندة السياسية وعلى النمط الذي اتبعته الإنقاذ على مدى (25) عاما الماضية توقعنا شيئاً كبيراً يخص الجنوب الذي بدأ منه الخطاب الذي لم يرتكز على أي منهجية سوى على المحاور الأربعة أو النقاط الاساسية وهى محاور تطرقت الحكومة لها من قبل ولم نلمس شيئاً جديداً.. وهو أقرب إلى الخطاب الديني نوعاً ما، وهو معد بطريقة لا أعتقد أنهم وفقوا فيها، من مدخل الإصلاح الحزبي مرورًا ببقية السياسات، ونظرياً جيد جدا لكن دون إطار زمني أو آليات معينة ما عدا ذلك يبقى الأمر برمته تنظيراً فقط، حيث اشار الرئيس الى التطبيق والتنفيذ الفوري لمجمل الأشياء لكن في لغة السياسة يجب ان لا نضع سقفاً زمنياً للأشياء وتقديم مشيئة الله في نية الفعل والإنجاز أولاً قبل كل شيء، توقعات الشعب كانت مختلفة من حجم الإعداد المسبق والحديث عن المفاجأة التي ستحدث خلال أسبوع او أكثر.. عموما لم يتم التوفيق على الوقيت الزمني أيضاً. تضمن بعض السلبيات وقال البروفيسور حسن مكي إن الخطاب اختزل الحديث فى عبارات مُوجزة قائلاً : الخطاب فيه سلبية غير متوقعة اضافة إلى انه لا يحمل ولا يوجد به زي جديد يذكر. مضامين مكررة أما الأستاذ يوسف حسين الناطق الرسمي للحزب الشيوعي فاستهل حديثه بالقول: الخطاب الذي قدمه رئيس الجمهورية تقليدي ويتحدث عن حدوث حلول فوقية للأزمة السودانية التي لم تعالج من خلال حكومة القاعدة العريضة .. والتعديل الوزاري الذي تم فيه تغيير الوجوه فقط ولم تتغير السياسات. وفي تقديري هذا خطاب إنشائي مكرر وما تردد فيه من عبارات لا تطابق الواقع العملي، مبيناً أن هذه الأزمة لها حلان لا ثالث لهما: أولاً: حل جذري للقضايا واستجابة لمطالب الجماهير وهذا يكون بقيام مؤتمر قومي جامع لكل القوى السياسية تنبثق عنه حكومة انتقالية، وهذا المؤتمر تدعى له كل القوى السياسية وتقوده شخصيات مستقلة لأن المؤتمر الوطني الآن هو أساس الأزمة السودانية. وقال: بعد ذلك على الحكومة الانتقالية إنفاذ التحول الديمقراطي بصورة ملموسة، وأضاف قائلاً: يوجد الآن آلاف المعتقلين، فلا بد من الارتقاء بالمحاكم وإجراء تحقيق للذين قاموا بإطلاق الرصاص في التظاهرات وهذا لم يمسح »باستيكة« وأما عن حديث الرئيس للانتخابات فهذا ليس وقته لأن الانتخابات والدستور يتطلبان جواً ديمقراطياً وليس في ظل هذه الحروب. ثانياً: الآن يمنع قيام الأحزاب إلا داخل دورها. وفي تقديري أن اغلاق الصحف يثبت عدم وجود حريات وأنا أعتقد أن الخطاب للاستهلاك المحلي وسياسات وتكتيكات النظام مستمرة. فكرة عامة وأبان الخبير الإستراتيجي الدكتور محمد حسين أبو صالح أن خطاب السيد رئيس الجمهورية هو دعوة لعمل وطني للخروج من الأزمة الحالية وتشكيل سياسة جديدة وهو بالتالي فكرة وطنية تعبر عن البعد الوطني، مشيراً للحرية السياسية والمواطنة التي أصبحت هي الأساس. وفي تقديري هذه خطوط عامة وفكرةعامة تعبر عن حسن نوايا وهي خطوط عريضة ولا توجد في هذا الخطاب أفكار محددة وسياسية واقتصادية واجتماعية، مؤكداً أن القضية السودانية تحتاج إلى حوار للقضايا الإستراتيجية للدولة الإستراتيجية وليس الحكومة الإستراتيجية ونأمل أن يكون الحوار ليس حوارا تكتيكيا لقسمة السلطة والثروة وينبغي أن يكون لإنتاج فكرة وطنية سودانية تعبر عن الوجدان الوطني السوداني. مخيباً للآمال أما الأستاذ علي السيد القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي، فقال إن خطاب السيد رئيس الجمهورية عبارة عن مذكرة داخلية لعضوية المؤتمر الوطني، وجاء مخيباً لآمال الشعب السوداني والقوى السياسية. وأشار علي السيد قائلاً إنه قبل إلقاء الخطاب ارتفع سقف الآمال تمشياً مع الإعلام الحكومي في الأجهزة الإعلامية المرئية والمقروءة والمسموعة مما رفع سقف التوقعات وجعل الشعب السوداني منتظراً أمام التلفاز لسماع خطاب السيد الرئيس إلا أن الخطاب ألقي بلغة غريبة.. مشيراً الى أن اكثر من 09% من الشعب السوداني لم يفهموه واصفاً الخطاب بأنه قدم بعبارات تدريبية تقدم لطلاب الجامعات والمعاهد العليا. مبيناً أن هذا الخطاب جمع فقط المعارضة تحت سقف واحد، الحزب الاتحادي وحزب الأمة والمؤتمر الشعبي ولكنه تم عزل قوى اليسار، مبيناً أن قوى اليسار لم تصلهم أي دعوة وهذا يوضح أن هناك »إقصاء«. لا خلاف في لغة العموميات أشار المحلل السياسي صفوت فانوس في حديث ل (الإنتباهة): جاء الخطاب بلغة عموميات دون تفاصيل ودائما العموميات لا يوجد اختلاف حولها، موضحا الحديث عن السلام والمشاركة السياسية وصنع الدستور والانتخابات، والكل يُريد ذلك وايضا الحديث عن محاربة الفقر وإحداث التنمية جميعها أهداف متفق عليها لكن يبقى الحديث والنظر في الآليات وطريقة تنفيذ تفاصيل هذه الأهداف وهل سيصدر على حسب وعد المؤتمر الوطني وثائق تفصلية خلال اسبوع او عشرة ايام حينها سيتم الحكم والتعقيب على ما قاله الرئيس، وهل هناك جديد وتطبيق هذه العموميات وإنزالها أرض الواقع في فترة زمنية محددة بآليات متفق عليها ودعونا ننتظر لنرى ماذا سيحدث. البروفسيرالساعوري : الإصابة بالإحباط المحلل السياسي البروفيسور الساعوري: خطاب الرئيس كان عبارة عن رؤية المؤتمر الوطني في القضية السياسية السودانية، وبالتالي هو ليس خطاب رئيس جمهورية لأن فحوى الخطاب كان من رئيس الحزب والشعب السوداني كان متلهفاً لسماع خطاب رئيس الجمهورية وعندما استخدم صفة رئيس المؤتمر الوطني أحبطوا، هذا هو الإحباط الأول، أما الثاني فهو رؤية المؤتمر الوطني الخالي من الجديد او المفاجأة المتوقعة، هذا الرؤية تم عرضها للأحزاب من قبل وتم تناولها بالصحف، ثالثاً: الساحة السودانية جميعها والإقليمية والدولية كانت (راخية آذانها) لسماع هذا الخطاب، ثلاث ساحات أحبطت نسبة لأن الخطاب جاء خالي المضمون حتى من ناحية إعلامية للحزب فهو لا يعني ولا يقدم أي شيء، وأنا شخصيا أصابني إحباط لا أستطيع وصفه، فما بال الشعب السوداني الذي ظل ينتظر ذاك الخطاب بحذر وترقب شديدين. د: أسامة توفيق: أولوية الرئيس فصل الحزب عن الدولة انتقد القيادي ومسؤول الإعلام بحزب (الإصلاح الآن) د: أسامة توفيق قائلاً: خطاب الرئيس كان مكتوبا بلغة اكاديمية متنافية مع الواقع، اضافة الى ذلك الخطاب كان عاماً لم يسجل في أرض الواقع من خطط او برامج لخارطة طريق محددة المعالم،,اضافة الى الإرادة الحقيقية التي تتوقف على ذلك من الحزب الحاكم لتنزيل أجندة الحوار والمرتكزات التي تم تناولها، واشار الى أن كل ما قيل عبارة عن شعارات ومازالت الهيمنة الأمنية تسيطر على مفاصل او زمام الأمور بدليل حزبنا الآن تحت التأسيس ولم نتمكن من تحصيل إذن الترخيص لإقامة ندوة نخاطب من خلالها قواعدنا الحزبية، مبينا أن الواقع شئ وخطاب الرئيس بالامس مغاير للواقع تماما، واوضح: لطالما الدولة ارادت خطوة الاصلاح فلا بد من تقديم تنازلات كما يفعل وهو إصدار العفو العام عن لحملة السلاح قبل الجلوس معهم في طاولة الحوارإضافة الى إطلاق سراح المعتقلين في احداث سبتمبر، لا بد من دلائل تثبت حسن النية، واشار د: توفيق إلى التوقعات المحتملة كنا أو بالأحرى الشعب السوداني برمته كان يتوقع قومية الرئيس والأجدر به أن يلقي ذاك الخطاب بصفة رئيس الجمهورية وليس رئيس المؤتمر الوطني، كنت أتوقع إصدار قرار يتم بموجبه فصل الحزب عن الدولة وفصل هيمنة المؤتمر الوطني العميقة من الدولة من أجل إحداث تكافؤ للفرص بين القوى السياسية، وذهب توفيق إلى أن على الرئيس العمل على التوافق الوطني وحكومة وفاق وطني وتشكيل جمعية تأسيسية من القوى السياسية لوضع الدستور وآلية الانتخابات والاستفادة من ما حدث في تونس وتوافق جل الأحزاب السياسية مع بعضها البعض لإنقاذ السودان من الهاوية السحيقة ومنها الأزمة الاقتصادية، كما ينبغي أن تكون هناك حكومة رشيقة، خطوط عريضة فقط تناولها الرئيس لا يمكن تشخيص العلاج فقط عليها، بل عليه العلاج وإجراء جراحات شافية وحلول حقيقية.