(المفاجأة) ومقاطعة قوى الإجماع الوطني الشعب السوداني الذي يوسم بأنه (فضولي) ظل ينتظر وعلى أحر من الجمر طوال يوم (الإثنين) الماضي مفاجأة المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية في خطابه المهم الذي قدمه للشعب السوداني، ومع إرتفاع سقف توقعات المفاجأة وتكهنات الجماهير المتعطشة لها كانت التحليلات والنقاشات تتداول بينهم وكل يتمنى مبتغاه، وربما جاء تعطش الجماهير للمفاجأة لاعتبارها ستكون ترياقا يشفي الوطن من علاته المزمنة التي ألمت به خلال حوالي ستة عقود مضت منذ إستقلاله وحتى يومنا هذا. وقبل ساعات من خطاب رئيس الجمهورية تفاجأت الأوساط السياسية بقرار تحالف قوى الاجماع الوطني القاضي بعدم تلبية دعوة الاستماع لخطاب رئيس الجمهورية أمس الأول (الاثنين) بقاعة الصداقة ما عدا حزبين فقط لبيا الدعوة هما (المؤتمر الشعبي) و(حزب العدالة) أما بقية أحزاب التحالف المتمثلة في(الشيوعي والبعث والمؤتمرالسوداني وحركة القوى الجديدة الديمقراطية والحزب الناصري والتحالف الوطني وأحزاب الحركة الاتحادية وغيرها من أحزاب التحالف الأخرى) أعلنت مقاطعتها لحضور خطاب رئيس الجمهورية. وبرر تحالف قوى الاجماع الوطني لخطوته التي إتخذها قبل ساعات قليلة من (مفاجأة) رئيس الجمهورية في خطابه بأنه تفاجأ بدعوة إنتقائية تقدمت بها أمانة العلاقات السياسية لبعض أحزاب التحالف للاستماع لخطاب رئيس الجمهورية لاعلان وإذاعة رؤية حزب المؤتمر الوطني في الاصلاح الشامل، ووصف التحالف الخطوة بأنها جاءت لشق صف قوى الاجماع الوطني رأس معارضة قوى الشعب السوداني، وتعهد التحالف بطرح رؤيته كاملة ومفصلة حول ما يحتويه خطاب رئيس الجمهورية في وقت لاحق. ووصف التحالف في بيان صادر عنه تحصلت (اليوم التالي) على نسخة منه السلوك بأنه يدلل علي تلاعب المؤتمر الوطني بقضايا الوطن وعدم الجدية في إخراجه من النفق المظلم الذي يقبع فيه، وشدد التحالف بحسب البيان الصادر عنه على ضرورة الجلوس في حوار جاد مع كل القوى السياسية المعارضة للوصول الي كلمة سواء حول كيف يحكم السودان؟ وليس من يحكم السودان؟ والوصول مع الاخرين لتحقيق السلام والحرية والديمقراطية للشعب السوداني. وأكد التحالف وحدة صفه وقوته وإلتزامه بما إتفقت عليه كل القوى السياسية المنضوية تحت لوائه في البديل الوطني الديمقراطي والدستور الانتقالي الذي سيحكم الفترة الانتقالية التي تعمل علي تفكيك دولة المؤتمر الوطني وإقامة إنتخابات حرة ونزيهة يولي فيها الشعب من يولي لحكمه، وشدد التحالف على ضرورة إستعادة الحرية والديمقراطية المسلوبة والتي إعتبرها من مطلوبات قوى المعارضة الأخرى. المهندس صديق يوسف القيادي بالحزب الشيوعي وعضو لجنته المركزية قال في سياق حديثه ل(اليوم التالي) حول خطاب رئيس الجمهورية أن القضايا الأربعة التي أثارها الرئيس في خطابه الذي قدمه للشعب السوداني متعلقة بقضايا (الحرب والحريات والأزمة الاقتصادية والهوية السودانية) مبينا أن حزب المؤتمر الوطني هو الذي تسبب في إندلاع الحرب في مناطق( دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق) وإتهمه بالمساهمة في نشر العنصرية والأثنية بالبلاد، إضافة الى أنه ظل دوما يعيق ويكبت الحريات الأساسية المتمثلة في (حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية النشاط السياسي وغيرها من الحريات الأساسية). وأشار يوسف في حديثه الى الانتهاكات التي قادم بها النظام خلال قمعه لمظاهرات هبة (سبتمبر) الماضية إبان رفع الدعم عن المحروقات والسلع الاستهلاكية، مؤكدا أن السياسات الاقتصادية للنظام الحاكم هي التي حطمت الاقتصاد السوداني الذي وصفه بأنه إنهار تماما، وأشار يوسف الى أن القضايا الرئيسية الأربعة المتمثلة في(الحرب والحريات والأزمة الاقتصادي والهوية) جميعها مسؤول منها في المقام الأول حزب المؤتمر الوطني، وقطع بأن علاجها يتمثل في ذهاب النظام الحاكم. الخطاب غير موفق شكلا ومضمونا وإعتمد لغة متعالية وغابت مضامينه عن أغلب المواطنين ويبدو أن ذلك الأمر كان مقصودا في حد ذاته للتستر على فقر المضمون ناهيك عن بعده أن يكون (مفاجأة) لأية مقياس.. هكذا إبتدر محمد ضياء الدين المتحدث الرسمي بإسم حزب البعث العربي الاشتراكي حديثه ل(اليوم التالي) وأضاف أن خلاصة الخطاب تشير الى أن النظام بلغ مرحلة متدنية من الافلاس ولم يكن يملك مايقدمه وخاصة فيما يتعلق بالاصلاحات، فضلا عن أنه لم يخلو كعادة الخطب الرسمية من بذل الوعود وهو أقٌرب لخطاب ثلاثين يونيو، منوها الى أنه بعد ربع قرن من الزمان أكد الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية أن هناك فجوة كبيرة بين القول والعمل والافتقار للمصداقية. وفي ذات المنحى أكد ضياء أنه لاجديد في الخطاب وأن الموقف ظل على ماهو عليه، وقطع بأنه لاحل في ظل وجود هذا النظام ولابدأ من ذهابه ليجد الشعب حل لازماته كافة التي هي أصلا نتاج سياسات نظام المؤتمر الوطني والذي وصفه بأنه أساس الاشكالات مطالبا أن لايكون طرفا في حلها، وأوضح أن أي حوار لابدأ أن تسبقه جملة من الاجراءات تبدأ بالغاء القوانين المقيدة للحريات وتهيئة المناخ وإيقاف الحرب وإطلاق سراح المعتقلين، وشدد على ضرورة أن يأتي الحل في إطار قيام وضع إنتقالي كامل وأضاف قائلا (بدون ذلك لاحوار مع النظام) وأي محاولة بخلاف ذلك تعني مزيدا من الأزمات ومحاولة لاحباط قطاعات واسعة من الشعب التي تأمل في التغيير المنشود والمرتبط بتطلعاتها في حياة حرة كريمة. وفي ذات الاتجاه أكدت هالة محمد عبدالحليم رئيسة حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) أن حزب المؤتمر الوطني لم يوجه لحزبها دعوة رسمية لحضور خطاب رئيس الجمهورية الذي وصفته بأنه مثل الخطابات السابقة، وأبانت أن لغته إستعلائية وفيه إستهتار بمعرفة الناس الى جانب أنه لم يتحدث بشفافية ومصداقية عن القضايا التي تعاني منها البلاد، وأشارة الى أن الخطاب تحدث عن وثبة والحزب الحاكم وحكومته في حالة شلل ولايمكن أن يحدثوا وثبة وقطعت بأنه لاتوجد وثبة لجهة أن هناك أزمة حقيقية تعاني منها البلاد، فضلا عن وجود دمار للبلد لم يتحدث عنه الخطاب بشكل حقيقي، ووصفت الخطاب بأنه عبارة عن أحلام بعيدة عن الواقع، ونوهت الى أن الخطاب أقفل الواقع وتحدث عن الخيال ولم يلامس جذور الأزمة ومسبباتها، ونبهت الى أنه تحدث عن الهوية وهو صاحب خطاب(الدغمسة). وبحسب هالة أن الخطاب أراد أن يحمل الأخرين الأخطاء وإعتبرت الأمر خطأ في حد ذاته فضلا عن أن الخطاب لم يكن صريحا، وأكدت أن إيقاف الحرب وإطلاق سراح المعتقلين وإطلاق الحريات تعتبر خطوة ومقدمة للحوار، وأشارة الى أن دعوة الرئيس للحركات المسلحة التي أطلقها غير موفقة، ووصفت دعوة الرئيس للقوى السياسية (المدنية والعسكرية) للحوار بأنها غير جادة لجهة أن الحكومة تريد كسب الوقت والزمن لتحقيق مكاسب سياسية ووصفتها بأنها (دعوة مراكبية) وغير جادة وغير مسؤولة، ودمغت الخطاب بأنه لم يعلن فتح صفحة جديدة للحوار الأمر الذي إعتبرته يحتاج لمتطلبات الحوار بقرارات فورية يعلنها الرئيس الذي إعتبرته يمتلك هذا الحق وتابعت (الحوار له متطلبات وأجواء يجب أن تتوفر) وختمت حديثها بالقول (الخطاب لم يأتي بجديد). ومضى مستور أحمد محمد الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني في ذات المنحى ووصف الخطاب بأنه ليس فيه جديد ولم يحمل شيئا جديدا ولم يتوقعوا أن يكون هناك جديد أصلا مؤكدا أن الحديث عن الحوار الشامل ليست له ضمانات والتي إعتبرها تتمثل في تهيئة البيئة السياسية التي تؤكد جدية دعوة الحوار، وأبان مستور أن الدعوة للحوار يجب أن تتبعها قرارات في الحريات الأساسية الأمر الذي إعتبره غير موجود، وأكد أن أحزاب التحالف لديها إتفاق حول الحوار مع بقية القوى السياسية، موضحا أن التحالف يمتلك وثيقة البديل الديمقراطي وتحدث عنها وطرح حكومة قومية إنتقالية تضم الجميع مهمتها عقد مؤتمر دستوري ومناقشة كل القضايا والاعداد لانتخابات نزيهة، مبينا أن الحكومة الانتقالية هي التي تدير المرحلة الانتقالية، مؤكدا إلتزام أحزاب التحالف بوثيقة البديل الديمقراطي، وطالب مستور أن يكون الحوار شامل لكل القضايا وأن يشمل الجميع وتابع (نريد حوار حقيقي) وفي ختام حديثه وصف الخطاب بأنه لم يتحدث عن تبعات الحوار وأنه لايستاهل الضجة التي لازمته. وفي الضفة المغايرة إتخذت بعض الأحزاب السياسية منحى أخر مخالف لمقاطعة تحالف قوى الاجماع الوطني وقررت المشاركة في إستماع خطاب الرئيس الذي قدمه للشعب السوداني أمس الأول(الاثنين) وشكل حضور الامام الصادق المهدي إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي والدكتور حسن عبدالله الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي والدكتور غازي صلاح الدين رئيس حركة الاصلاح الان مظهرا لانقسام قوى المعارضة حول خطاب الرئيس ومخرجاته التي ربما لم تلبي طموحاتهم التي كانوا يتوقعونها. وكان المشير عمر البشير رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني دعا القوى السياسية للجلوس إلى مائدة مستديرة بين كل القوى السياسية والحركات المسلحة شريطة أن تترك الأخيرة العنف لتحقيق وثبة سودانية وطنية شاملة طموحة لحل مشكلات البلاد تقوم على أربعة محاور حددها في (السلام، وحرية العمل السياسي، والهوية السودانية والقضايا الاقتصادية) ودعا البشير في ذات الخطاب القوى السياسية أن تهيئ نفسها للمرحلة القادمة بغرض الدخول في مناظرة وحوار وطني شامل في أمهات القضايا الوطنية والعمل لخلق مجتمع سياسي حر يراعي الحقوق الدستورية، وأطلق نداء لانتخابات حرة ونزيهة ودستور دائم وحرية الترتيب السياسي ، مؤكدا أن تباين الغايات السياسية لن يخدم السودان. معالجة رايات العنف المرفوعة في كل من (دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق) وإعطاء الأولوية للسلام ووقف الحرب إعتبرها البشير حجر الزاوية في عملية الاصلاح، مؤكدا أن السلام غاية أكبر ويجب أن يكون قراره موحد لجهة أنه لانهضة إقتصادية بخلاف السلام.. اذا خطاب البشير الذي قدمه للشعب السوداني كان عبارة عن وثيقة ورؤية طرحها حزب المؤتمر الوطني لمعالجة قضايا البلاد ربما تتفق معه فيها بعض القوى السياسية وتختلف معه فيها الأخرى الأمر ذاته جعل بعض المتابعين ينظرون لدعوة البشير للحوار بأنها دعوة قديمة متجددة لاتختلف كثيرا عن الدعوات التي سبقتها من قبل، ولكن رغم ذلك ستكون الايام القادمات حبلى بماتخبئه ردود الأحزاب ورؤيتها تجاه الثيقة. [email protected]