أزمة دارفور هي واحدة من الأزمات الإنسانية التي استعصى حلها رغم الجهود الإقليمية والدولية المبذولة في حلها، يعد نزاع دارفور نزاعا مسلحا نشب في إقليم دار فور غربي السودان منذ بداية فبراير 2003 على خلفيات عرقية وقبلية وليست دينية كما في حالة الحرب بالرغم من ذلك تبدو الفروق العرقية والقبلية واضحة، بداية الأزمة كانت على إثر احتدام صراع بسيط بين الفور والعرب وتمت المصالحة في مؤتمرعقد في الفاشر عاصمة الإقليم، أما السمة الواضحة على سكان تلك الإقليم آنذاك هو التعايش السلمي حتى اندلاع الحرب التى بذلت فيها الحكومة جهودا كبيرة لإطفاء جذوتها، وكانت آخر الجهود المبذولة ملتقى أم جرس وهي إحدى المدن التشادية التي تقع على الحدود الشمالية الغربية لولاية شمال دارفور محاذية لمناطق دار زغاوة، وتعتبر إحدى حواضر دولة تشاد إضافة الى أنها مسقط رأس الرئيس إدريس ديبي وعاصمة لولاية تشادية، كما أنها تمثل إحدى مناطق التداخل القبلي بين السودان وتشاد كما توجد حولها أعداد كبيرة من المعسكرات للاجئين والنازحين الذين قدموا من دارفور منذ أيام اندلاع الصراعات في دارفور. ملتقى «أم جرس» الذي تم انعقاده خلال الفترة من 25 27 أكتوبر الماضي داخل الأراضي التشادية فيما ظلت التكهنات وأجواء التعتيم مضروبة على مخرجاته باستثناء شذرات هنا وهناك، وعلى خلفية ذلك أقام الاتحاد العام للمرأة السودانية بالتعاون مع منظمة سواعد دارفور الخيرية والآلية العليا لتنفيذ مقررات أم جرس ملتقى تنويريا لقيادات المرأة حول قضايا الأمن والسلام والتنمية في دارفور تحت شعار«السلام ممكن دعنا نبنيه سوياً» وبمحتواه القبلي الذي يناقش هموم ومعاناة إنسان دارفور والانعكاسات السالبة للحرب في دارفور ومناطق الزغاوة عموماً وهي تتحول إلى مسارح للقتال وأماكن لانطلاق وإيواء الحركات المسلحة مما دفع ثمنه مواطنو دارفور وتمخض عنه إهمال للتنمية والتدهور الكامل في الخدمات الصحية والتعليمية خاصة بعد انهيار وفشل كل المبادرات واتساع رقعة القتال، على رأس الملتقى نجد زعامات من المؤتمر الوطني على رأسهم نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن ووزير العدل مولانا محمد بشارة دوسة والسيد حسن محمد عبد الله برقو والفريق التيجاني آدم الطاهر والدكتور التيجاني مصطفى وبحر إدريس أبو قردة وغيرهم من أحزاب أخرى، أما جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة ومني أركو مناوى رئيس حركة تحرير السودان وكلاهما من أبناء الزغاوة قد رفضا فكرة الملتقى وهاجما الرئيس ديبي مهندس الملتقى ورئيس الآلية هجوما عنيفا واعتبرا ما قام به تدخلا سافرا في شأن سوداني بحت وجود القبيلة في السياسة السودانية حكومة ومعارضة وحمل سلاح اصبح أمرا لا يمكن نفيه أو حتى التقليل من شأنه حركة التمرد في دارفور لأبناء الزغاوة دور كبير فيها مني أركو وجبريل إبرهيم كان للدور القبلي القدح المعلى وموقف تشاد من حروبات دارفور سلبا وإيجابا معروف في لحظة توتر العلاقات بين البلدين وصل تبادل الأذى لدرجة غزو إنجمينا وغزو أم درمان وقبل ذلك أربع جولات مفاوضات سلام اثنان في أبشي واثنان في إنجمينا، كل هذا قبل أبوجا والدوحة والآن العلاقة بين البلدين فى احسن الأحوال، في هذا الإطار التاريخي السياسي جاء ملتقى أم جرس وخرج الملتقى بتوصيات وقرارات تتعلق بتنمية المناطق المعنية من حيث توفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومياه وطرق ولكي يتم ذلك لا بد أن يكون هناك جهد حاسم لإلزام الحركات المسلحة بوضع البندقية لضمان أمن المنطقة أو أية جهة تستثمر فيها كما أن الخيار للرئيسين البشير وديبي باتخاذ ما يريانه مناسباً لفرض السلام إذا ما استدعى الأمر ذلك لضمان حياة آمنة في مصلحة المواطن في نهاية الأمر. دافع وزير العدل رئيس آلية تنفيذ مقررات ملتقى أم جرس للسلام والأمن والتنمية في دارفور محمد بشارة دوسة عن الملتقى أم جرس من خلال حديثه ل «الإنتباهة» حيث قال: إم جرس ليس منبرا للتفاوض مؤكدا دوسة أن هدف الملتقى هو إنهاء إشكال الحرب وإحداث التنمية والاستقرار، واصفا الملتقى بأنه إضافة حقيقية لمخرجات السلام واتفاقية الدوحة وانه توصل إلى ثلاث قضايا على رأسها إنهاء الحرب عاجلا وإحلال السلام ومطالبة الحركات المسلحة بالجلوس إلى طاولة التفاوض للوصول إلى سلام عادل ومستدام بدارفور، وطالب كل القوى السياسية بضرورة القيام بدور إيجابي في التبشير بمخرجات الملتقى، مشيرا إلى أن آلية تنفيذ مقررات ملتقى أم جرس عقدت أكثر من عشرين تنويرا بولاية الخرطوم شملت قواعد ومكونات مجتمع دارفور بجانب عقد لقاءات مماثلة بولايات دارفور الخمس. يذكر أن ملتقى أم جرس للسلام والأمن في دارفور الذي استضافه الرئيس التشادي إدريس ديبي لدعم جهود السلام والاستقرار بدارفور وإيقاف تداعيات الحرب على مواطني الدولتين، ولكن التساؤلات ترى هل الذين يحملون السلاح الآن من أبناء القبيلة مني وجبريل الموجودين ضمن وفد الجبهة الثورية في باريس في دائرة نفوذ دبي؟ و ما مدى قدرة الرئيس ديبى في حمل مجتمعه وجيشه لتنفيذ وعيده هذا بافتراض أنه جاد فيه؟ هل الرئيس ديبى لديه غرض من الملتقى يخص حكمه داخل تشاد؟ هل مخرجات أم جرس تتقاطع مع مخرجات مبادرة صديق ودعة التي وافق عليها جبريل ومني في كمبالا؟ التحدي يتمثل هنا في تحويل عمل قبلي الى منجز وطني، فالأمور دوماً ليست ببداياتها إنما بمآلاتها.