افكار في الاقتصاد: التجاني حسين أكبر دولتين في العالم من حيث الكثافة السكانية، وهما الصين والهند، تعتمدان في معالجة مشكلة الغذاء لديهما على الإبداع الشعبي في الإنتاج، حيث إن هنالك مصانع يدوية صغيرة في الأرياف تمارس الصناعات التحويلية وتنتج غذاء الإنسان بمختلف مكوّناته «كالسكر والصلصة ومنتجات الألبان والزيوت.. إلخ» ولا تعتمدان فقط على المصانع الضخمة.. ويدخل الإبداع الشعبي في كافة صنوف الإنتاج لديهما. والإنسان بطبعه كائن مبدع في البحث عن سبل كسب العيش ونموذج ذلك نجده في مناطق كثيرة بالسودان وعلى الدولة أن تشجع الناس، لا أن تضع العراقيل في طريقهم.. هنالك أماكن في السودان اشتهرت مثلاً ب «التنقيب البلدي العشوائي عن الذهب».. أي هنالك مواطنون يحفرون آباراً في جوف الأرض بالوسائل التقليدية ويدخلون إليها ويغامرون من أجل استخراج الحجارة التي تحتوي على الذهب الخام.. وهم يبيعون الذهب الخام لتجار محددين.. والكثيرون فقدوا حياتهم في هذه المغامرة.. وبالطبع فإن ثروات باطن الأرض هي ملك الدولة.. ولكن طالما أن الدولة لم تستطِع أن تستفيد من استخراج الذهب من تلك المنطقة لسبب ما فلماذا لا تشجّع الدولة مواطني المنطقة على استخراج الذهب بطريقة مقننة بدلاً من الطريقة العشوائية الراهنة مثل: أن تساعد الحكومة المواطنين بتقديم آليات أكثر تطوّراً للكشف والحفر للمواطنين الذين يعملون في تلك المناطق.. أن توفر الحكومة سيارات متحركة بالأغذية والأدوية والمياه اللازمة والظل «خيم متطورة» لتزويد المنتجين في تلك المناطق «بمقابل طبعًا».. أو أن تدخل الدولة كشريك مع المواطن المنقِّب عن الذهب بشروط متفق عليها مقابل توفير الحكومة للأجهزة والآليات والأمن والإسعاف والعلاج والغذاء والماء.. إلخ إن فائدة هذا الفعل هي أن الدولة تكون قد شجّعت مواطني المنطقة على الاستفادة من الموارد والثروات الطبيعية الموجودة في مناطقهم ووفرت لهم فرص عمل ترفع من مستواهم المعيشي وأنعشت المنطقة اقتصادياً.. وفي نفس الوقت تكون قد ضمنت أن الذهب المستخرج من المنطقة يذهب مباشرة للحكومة التي تشتريه من المواطنين وبالتالي تضمن حسن استغلاله لصالح الوطن. والمنهج نفسه يمكن تطبيقه لتطوير الإنتاج الريفي للأغذية والأسماك واللحوم والدواجن وبيض المائدة و«السكر الشعبي» والزيوت ومنتجات الألبان والصناعات التحويلية الشعبية كافة، وعندها نكون قد أسّسنا قاعدة فاعلة من أجل محاربة الفقر.