نسعى لتحقيق تغيير ما في حياتنا وأن يكون نحو الأفضل دوماً، وكم نحلم بتغيير أشياء فينا وفي شخصياتنا، ونعجز لقلة المحاولة أو لعدم الجدية ولاتخاذنا التغيير شعارًا ودعاية انتخابية داخلية تزول بزوال أو ابتعاد الدافع! وطالما كانت هناك إمكانية للتغيير نحن نملك حظاً من السعادة حتى وإن لم نقدرها حق قدرها، سعادة في وجود الخيارات والشجاعة لممارستها والقبول بها خروج من الزاوية الضيقة إلى شرفة واسعة تطل على فضاء أرحب. لكن ما نعايشه كل يوم يهز ما نضع من ثوابت وما نعمل عليه من قيم حياتية وخلاصة تجارب شخصية واقعة أو مشاهدة. قد يتفق معنا الكثيرون أن القصص الحياتية اليومية التي تشغلنا وتوترنا وتغير فينا الكثير دون أن نحس، فيها من نكهة الحياة وجمال الحياة ونبضها، فلا يعقل أن نعيش حياة باهتة مسطحة لا حب فيها ولا كره ولا ألم فراق ولا دهشة لقاء ولا لحظة تضييق حد الضيق ثم تفرج وتتسع. لا أحسب أن الركود يتفق مع كلمة حياة، ولا أحسب أن هناك حياة كلها ورود أحمر وبلدي، وتبدل الحال من شؤون الحياة، ولا نجادل حين نكون في حالة طيران من الفرح، أو هبوط من الأسى، أو نكون خارج التوقيت لا في السماء ولا في الأرض! فقط الذي نتمناه أن تكون لدينا المقدرة على التعاطي ومصادقة كل الحالات وبمصالحة هائلة تمر بنا الأوقات، وبين زمن نعيش فيه وآخر يعيش فينا لا يبارحنا نقضي أيامنا حتى النهاية، وتسعدنا اللحظة ونحتفي بالدقائق حينًا ونرجئ الزمان تحايلاً وتغابيًا وندرك بعد حين أن العمر فات.! .. دومًا أحس أننا جيل أقل حظًا من الجيل الذي قبلنا، قد نكون أسعد حظًا منه في تعاطينا مع التطورات العلمية والتقنية مع الآلة، ولعل زماننا يبعدنا قليلاً قليلاً عن التعاطي مع البشر إلى التقرب من الآلة والأنس بها بدلاً من الأنس بثراء العقول وأصحاب الخبرات والتجارب الناصعة والشخصيات الفريدة، ولا نعيب الزمان. وأخشى أنني أشفق على حالنا في هذا الزمان حيث تبهت الأشياء تدريجيًا وتخف الأوزان وتتقزم القامات ويخف الإحساس!. ونمني النفس كل يوم أن لانفقد قامة مرت بنا وعايشناها ولو برهة وأن تكون لدينا القدرة والوقت دوماً على اكتشاف المدهش من شخصيات تحوم بيننا، أن نرقى لمستوى نصادف فيه ونصادق ونتعامل مع قامات بعمر زماننا سامقة.