كلام النيل أبو قرون الذي وصف فيه «الفتوحات الإسلامية» بالبطلان، وذلك ضمن «هرطقاته» التي قالها في برنامج «مرافئ النيل» ونشرته صحيفة «السوداني» قبل يومين.. حيث سأله السائل: «يعني الفتوحات الإسلامية كلها مخطئة؟» فأجاب: «الفتوحات الإسلامية مخطئة».. وذكر نموذج «فتح مكة» فقط!! كما أقرّ مقدم البرنامج في سؤاله بأن تلك الفتوحات هي «استعمار عربي»!! إن هذا الكلام هو طعن صريح في النبي عليه الصلاة والسلام وطعن في صحابته الكرام وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون وطعن في دين الإسلام الذي أمر بتلك الفتوحات وأقرها وكان نصر الله فيها.. إن كلام النيل أبو قرون طعن في النبي عليه الصلاة والسلام الذي قاد معركة بدر الكبرى، وهي يوم الفرقان بوصف القرآن الكريم وقاتلت فيها الملائكة مع النبي والصحابة الكرام.. وإن كلامه طعن فيما فعل النبي عليه الصلاة والسلام في بني قريظة وفي خيبر وفي حنين، وهذه وغيرها فتوحات إسلامية كما أقرّ هو بأن فتح مكة من الفتوحات.. وإن تلك الفتوحات التي شهد المدعو النيل عليها بتلك الشهادة الخبيثة هي ما نصر الله فيها نبيه ودينه والمسلمين، وكلامه طعن إضافة لما سبق في تجهيز النبي عليه الصلاة والسلام لجيش أسامة رضي الله عنه، وقد كان ذلك الجيش في طرف المدينة بالجرف وتوفي النبي عليه الصلاة والسلام، فسيّره أبو بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيّن أنه لن يحل لواءً عقده النبي عليه الصلاة والسلام.. لقد بشر النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الفتوحات التي وصفها النيل أبو قرون بالبطلان، وأخبر عليه الصلاة والسلام ببلوغ ملك أمته حصون كسرى «ملوك الفرس» وقيصر «ملوك الروم» والمعلوم من الدين بالضرورة أن تحقق ذلك كان على يد صحابة النبي عليه الصلاة والسلام خاصة في زمن الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. فالطعن في الفتوحات وإبطالها طعن في من بشّر بها وهو النبي الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام وطعن في دين الإسلام.. عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِىَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِى مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ» رواه مسلم. قال النووي الشافعي في شرح الحديث: «وهذا الحديث فيه معجزات ظاهرة وقد وقعت كلها بحمد الله كما أخبر به صلى الله عليه و سلم قال العلماء المراد بالكنزين الذهب والفضة والمراد كنزي كسرى وقيصر ملكي العراق الشام فيه اشارة إلى أن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداده في جهتي المشرق والمغرب وهكذا وقع وأما في جهتي الجنوب والشمال فقليل بالنسبة إلى المشرق والمغرب وصلوات الله وسلامه على رسوله الصادق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى» أ.ه. وقال القاضي عياض المالكي: «وهذا الحديث علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم لظهوره كما قال، وأن ملك أمته اتسع في المشارق والمغارب كما أخبرمن أقصى بحر طنجة، ومنتهى عمارة المغرب إلى أقصى المشرق مما وراء خراسان والنهر وكثير من بلاد الهند والسند والصغد، ولم يتسع ذلك الاتساع من جهة الجنوب والشمال الذي لم يذكر - عليه السلام - أنه أريه وأن ملك أمته سيبلغه. وقوله: «وأعطيت الكنزين الاَحمر والأبيض»: ظاهره الذهب والفضة، والأشبه أنه أراد كنز كسرى وقيصر، وقصورهما وبلادهما، يدل على ذلك قوله في الحديث الآخر عنهما في هلاكهما: «ولتنفق كنوزهما فى سبيل الله»أ.ه. وفي الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لاَ يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ وَقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ ثُمَّ لاَ يَكُونُ قَيْصَرٌ بَعْدَهُ وَلَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهَا فِي سَبِيلِ الله». وفي الصحيح من حديث جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «أُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ». فقد أحلت الغنائم التي هي من نتائج تلك المعارك والفتوحات.. إن هذا الكلام أكبر وأخطر وأعظم من أن يدفع ببيان حقيقة الفتوحات الإسلامية ومعالمها وخيرها ورحمتها مما شهد به الكفار قبل المسلمين.. لأن هذا الكلام طعن في دين الإسلام وفي جانب عظيم من جوانبه وينسحب هذا الطعن الإجرامي على نصوص الكتاب والسنة التي جاءت بالحث على القتال، ولذلك في نفس الحلقة أنكر النيل أبو قرون حديث: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله...» وهو حديث صحيح ثابت رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والطبراني والبزار وغيرهم. وسأتحدث لاحقاً إن شاء الله عن الخير الذي كان في هذه الفتوحات، لكن المقصود هنا بيان هذا الجرم المنشور على الملأ. إني من خلال هذا العمود أطالب بتقديم النيل أبو قرون لاستتابة رسمية من قبل الجهات المختصة وأن تقدم القناة اعتذاراً رسمياً عن بث هذه الأباطيل التي نشرت ووصفها مقدم البرامج بأنها اجتهادات بين الخطأ والخطأين!