سناء الباقر: أنهى الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان مشهود بادرين أمس زيارة للسودان استمرت أكثر من أسبوع التقى خلالها بعدد من المسؤولين الحكوميين المختصين والمعارضين ومنظمات المجتمع المدني، ليقوم بتقديم التقرير المكلف به من قبل الأممالمتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في سبتمبر القادم. وقدم بادرين خلال الزيارة توصيات للحكومة والمجتمع الدولي، كما أدلى في المؤتمر الصحفي الذي عقده أول أمس بصندوق الأممالمتحدة الإنمائي خاتماً به زيارته كالعادة، وأشار خلال المؤتمر الذي تنادت له الوكالات السودانية والعالمية إلى أنه وجد تجاوباً من الحكومة حيال الالتزامات بإدارة حوار بناء لتعزيز حقوق الإنسان، وحذر من الآثار السالبة لنشاط الحركات المسلحة في مناطق النزاع بكردفان ودارفور الذي وصفه بأنه بات يعيق الجهود المبذولة من قبل منظمات حقوق الإنسان، وبالمقابل كان البرلمان قد احتج للخبير قبل انتهاء زيارته واتهمه بالتباطؤ في تنفيذ تفويضه تحت البند العاشر الخاص بتقديم المساعدات والدعم الفني للسودان منذ أكثر من عامين وتقديم الوعود فقط. واتهم البرلمان مجلس حقوق الإنسان دولاً بعينها مستبعدين السودان. واجتمع بادرين كذلك مع مدير جهاز الأمن والمخابرات وتحدث معه عن الحريات الصحفية وأنه قدم توصيات بشأنها، كما تناول ذات القضايا في اجتماعاته مع رئيس الإدارة القانونية في جهاز الأمن، وناقش معه قضايا الصحف واعتقال الصحافيين على حد قوله. وأكد أن رئيس الإدارة القانونية نفى له وجود أي صحفي بالمعتقل وقدم له ملفاً يشرح فيه الأنشطة التي يقوم بها عبر المحاكم. وكشف بادرين أن لقاءاته بالدكتور غازي صلاح الدين رئيس حزب الإصلاح الآن والصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي أظهرت أن للسودان فرصة كبيرة في النجاة إذا ما استثمرت الفرص للحوار السياسي وليس الصراع.. وعلى ذات النهج سار السفير الصادق المقلي مسؤول ملف حقوق الإنسان بالسودان السابق بجنيف، حيث أكد أن حقوق الإنسان تمثل إفرازات طبيعية للصراع والاحتراب وأنه ما لم تحل النزاعات ويتم الاعتراف بحق الآخر ستظل حقوق الإنسان شوكة حوت في حلق الدولة، وأن النزوح يعتبر الوليد الشرعي للحروب والصراعات مما يعني البحث لهؤلاء عن حقهم في السكن اللائق والمياه العذبة والتعليم والصحة وكل هذه تعتبر من الحقوق الرئيسة للإنسان. فالمرض والفقر تسمى تداعيات لصيقة بحقوق الإنسان، فكلما طال أمد الصراع واستمر ظلت حقوق الإنسان بمجلس الأمن والأممالمتحدة مهما فعلنا وقدمنا من دلائل فالأمر سيان. وكلما كان هناك تناغم وتوافق في الحل السياسي والحوار الجاد لحل المشكلات الداخلية لانتفت الانتهاكات في حقوق الإنسان واحترام الحريات وعلى رأسها حرية التعبير المرتبطة أساساً بالأمن القومي باعتبار أن إيقاف أية صحيفة أو اعتقال صحفي، دائماً ما توصم بأنه مس بالأمن القومي للبلاد وهو أكيد ذو علاقة وطيدة بالصراعات الموجودة والنزاع.. ونحن دائماً ما كنا نواجه في جنيف بتحدي عدم تناغم الخطاب الإعلامي ووحدته، فكلما حدث تقدم في الملف بجنيف نفاجأ بتصريح من السودان يعرقل ما بدأناه. أيضا الخطأ الأعظم والحديث مازال للمقلي الذي ارتكبته الحكومة هو تدويل قضيتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وطلبها من الاتحاد الإفريقي رفع القضية لنيويورك وإقحام هذه المناطق في اتفاقية نيفاشا وفي صراع بين الشمال والجنوب، وهذه المناطق ليست لها علاقة البتة بالجنوب فأصبحت كذلك من المناطق المطلوب فيها تقارير لحقوق الإنسان إضافة لدارفور. .. فهل سيظل السودان رازحاً تحت البند الخاص بانتهاك حقوق الإنسان طالما وجدت الحروب والنزاعات، وهل سيأتي يوم يرفع فيه أحد الخبراء تقريراً نظيفاً خالياً من الهوى هدفه فعلاً الدفاع عن حقوق الإنسان السوداني؟ أم أن هذه الزيارات الدورية المزعجة سيطول أمدها دون أن يحصد المتضررون شيئاً سوى المتاجرة الدولية بهم، ثم من أين لهذا الخبير الموصوف بالمستقل بالمعلومات التي على أساسها يقدم تقريره؟ لماذا دائماً ما يكون هناك طرحان؟ أحدهما في السودان البلد المضيف، والآخر داخل أروقة الأممالمتحدة؟ هل فعلاً توجد دول تضعط للي عنق الحقيقة وتغيير الحقائق عن السودان كما قال البرلمان؟ وهل وجود الحروب بأوربا لمدة ثلاثين عاماً كانت أيضاً مدعاة للتدخل لذات السبب؟ أم أن هذا البند يخص الدول الفقيرة فقط؟