وجد قرار مجلس وزراء ولاية الخرطوم والخاص بجعل العاصمة المثلثة خالية من الظواهر السالبة ومن كل أشكال المخالفات اهتمام متعاظم من قبل الصحف الصادرة بالخرطوم ما بين مؤيدة لهذا القرار أو رافضة له ببعض التحفظات وأذكر أني كتبت حول هذا القرار وأنا أقول إن اللجنة العليا والتي يترأسها السيد/ صديق الشيخ نائب والي ولاية الخرطوم والتي تضم في عضويتها وزراء البني التحتية وبعض معتمدي محليات الولاية، قلت إنها أي اللجنة لن تتمكن من إنجاز مهامها خلال المدة التي حددها قرار حكومة الولاية بثلاثة أشهر لأن الظواهر السالبة والمخالفات بمحليات العاصمة الكبرى في كل من الخرطوم وبحري وأم درمان بحاجة إلى عمل لن يتم خلال هذه المدة القصيرة وقلت إن الظواهر السالبة والمخالفات في سوق مدينة بحري وحدها سوف تأخذ من عمر اللجنة الكثير من الوقت ثم هناك سوق محلية أم درمان وهذا وحده بحاجة إلى شهور، أما في سوق الخرطوم فيبدو أن اللجنة في ورطة بسبب إصرارها على تحويل المطاعم والأكشاك إلى مكتبات لبيع الصُّحف والأدوات المكتبية ومنشأ هذه الورطة أن المحلية لم تشرك أصحاب الوجعة ممن تم التصديق لهم بموجب لوائح المحلية بممارسة هذه الأعمال، وفي مجال محاربة الظواهر السالبة كالمتسولين والمعتوهين والمتشردين يصطدم عمل اللجنة بالكثير من العقبات لأنه ليس لديها الإمكانات الكافية للقضاء على ظاهرة المتسولين والمتشردين والمعتوهين خلال ثلاثة أشهر، صحيح أن اللجنة تعمل في هذا الإطار بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية بغرض تجميع هذه الشرائح في الدور الإيوائية المخصصة لهم ولكن أين هي هذه الدور؟ وكم عددها؟ وكم تبلغ ميزانية تسيير مثل هذا العمل؟ وهل تم التحوط حتى لا يتسرب هؤلاء القوم من بعد الإيواء في هذه الدور إلى خارج الأسوار مرة أخرى؟ إذن ورطة اللجنة العليا ليست في الهمة والعزم الذين يتحلى بهما السيد/ صديق الشيخ نائب الوالى وإنما في كيفية توفير الأموال والإمكانات اللازمة لكهذا أمر لأن السعي لجعل الخرطوم عاصمة بهية وذات رونق وجمال هو عمل كبير وشاق ويجب أن يحظى بدعم من جهات عديدة مثل منظمات المجتمع المدني كالمرأة والشباب والطلاب للتراضي والتوافق على نفرة ولائية تنهض بإزالة الظواهر السالبة والتي أضحت من أبرز سمات العاصمة وهناك سلوك انتهازي من قبل بعض الفئات والمتنفذين ممن يرون أنهم فوق القانون والمساءلة وهؤلاء هم أس البلاء ورأس الحية وقد طلب مني بعض القُراء أن أذهب وأرى بنفسي ما الذي تفعله هذه «الحية» بمحلية شمال بحري، وحين ذهبت رأيت العجب العجاب فهذه المحلية مثال صارخ للفوضى وبالتحديد في السامراب شرق في الموقف المخصص لحافلات «شرق» و«حطاب» و«دردوق» فقد أضحى هذا الموقف المخصص للمركبات العامة عبارة عن سوق عشوائي يتمدد ويتوسع بطريقة مذهلة حتى لم تعد فيه مساحة تستوعب الحافلات القادمة من بحري أو تلك التي تنقل المواطنين إلى ضاحيتي «حطاب» و«دردوق» بل أضحى الموقف عبارة عن رواكيب وأكشاك لبيع الخضار والفاكهة وبعضها يعمل كمطاعم وهناك جيش جرار من بائعات الشاي و«مكروفونات» تنادي زبائنها للشراء بسعر الجملة وهذه زريبة للفحم والحطب وعدد هائل من «الرقشات» وضجيج هائل مبعثه الفوضى الناتجة من الزحام والأدهى والأمر أن سلطات المحلية والنظام العام تعلم بأمر هذا السوق العشوائي ولكنها لا تود إزالته بينما يتسع هذا السوق بالمزيد من «الرواكيب» و«الأكشاك» وأنا أقول هذا الكلام لأني شاهدت أحد المواطنين وهو يقوم بالإشراف على بعض العمل الذين كلفهم بتشييد «راكوبة» في الموقف العام للمواصلات فقمت بسؤال صاحب كشك مجاور للراكوبة المزمع إنشاؤها «هل يملك صاحبكم هذا تصديق بإنشاء هذه الراكوبة»؟ ضحك صاحب «الكشك» قبل أن يجيب: «تصديق شنو، دا نص السوق دا حقو»!! قلت له: وهل هو مسنود بسلطات المحلية؟ قال: لا.. دا ما شغال بناس المحلية لأنو جرئ وعينو قوية! سبحان الله، أي جرأة هذه تلك التي بسببها أضحى الموقف العام للمركبات العامة ضيعة لهذا الرجل أو اللغز المحير بل ظل سائقو المركبات العامة تلك التي تنقل الركاب إلى بحري أو «حطاب» أو «دردوق» في حيرة من أمرهم فلم تعد هناك مساحة مناسبة تسمح بوقوف صحيح لهذه المركبات بما يتيح للركاب استغلال هذه المركبات بطريقة مريحة بل علمت أن هذا الرجل قام في الأسبوع المنصرم بتشييد ثلاثة أكشاك وبعد الفراغ من تشييدها قام ببيعها لأشخاص آخرين. خرجت من «السامراب شرق» وأنا أضرب كفاً بكف وأرجو ألا يتبعني نائب الوالي في مسيرة هذا العجب لأن انتظر منه زيارة تفقدية عاجلة للموقف المخصص للمركبات العامة لمواصلات «السامراب شرق» «حطاب» و«دردوق» ووقتها سوف يجد أن الظواهر السالبة بالعاصمة المثلثة «كوم» والذي يجري في الموقف النهائي لمواصلات السامراب شرق «كوم آخر» ولكنه كوم عجيب وغريب وكله من صنع رجل واحد ولكنه جرئ و«عينو قوية»!.