اقتحمت الفضائيات البيوت و الحيشان من غير استئذان .. و(ختّت بنبرا و قعدت) وأصبحت الشبكة العنكبوتية أولى ضرورات الحياة الأربع (النت و المأكل و الملبس و المسكن) .. و تربعت على كرسي السيادة الثقافية .. و على الرغم من ذلك ازدادت الفجوة بين الكثير من أهل البنادر و التراث القومي .. فقد تشرّبت العقول بثقافة الغرب .. و تفرنجت وافرنجنت .. حتى صار اللسان العربي المبين غريباً ضل سامره .. وأضحت لغة القرآن بحاجة إلى ترجمان .. وكذلك عاميتنا التى تضرب بجزورها عميقاً في الفصحى .. فاذا سألت أحد الشباب أو الشابات عن معنى الحاسوب مثلاً لأتتك الاجابة : بالعربي كدا ؟ .. يعني الكمبيوتر .. فأي الكلمتين أفصح ؟! لا يدري ولا يدري أنه لا يدري .. سألت (لما الكلام جاب الكلام ) عن الكنتوش أو الكتّوش (بعد الضرايب طبعاً) ؟ فأقسم أحدهم ثلاثاً أنه (نقش) معناها .. فقال بكل ثقة أنه نوعٌ من الحلوى .. و لكنك نطقتها غلط لأنك (عريبي ساكت) (و الكلام موجه لشخصي الضعيف ) هذا ما حدث لي (بالظبط) .. و الحمد لله أنقذني من هذا الموقف الحرج آخر من نفس الموديل حيث قال :الكنتوش يا دا ما نظام من أنظمة الكمبيوتر (لاحظ .. نظام من أنظمة الكمبيوتر) .. فعلّقت ساخراً : بل هو نظام من أنظمة الحكم في ظل النظام العالمي الجديد ..(ما نظّمتو ليك ؟) ...أمّا انا (أبو العِرّيف) فلا أستطيع أن أفرّق بين الاثنين إلا إذا تبرع أحدهم بجلب الماكنتوش (الحلاوة طبعاً) و أنا علي أجيب الكنتوش .. عندها (سأفرّق بيناتُن) بأكل الأولى ليبقى الآخر هو الكنتوش ..(مُش فكرة؟) .. و هكذا كناتيش . و في موقف مشابه و ما هو بالموقف الجديد و لا (موقف جاكسون أو شروني) سألت بعفوية عن معنى السيوة ف(سهر القوم جرّاها واختصموا ) .. أشطر واحد فيهم قال: أنا بعرف السوسيوة .. فلما سألته عن معنى السوسيوة أجاب بأنها نوع من الطيور .. بينما قالت زميلته بل هي جنى الجدادة ...قلت في نفسي : الزول دا بقصد (جنى الباباي يا جنى الباباي)، و قال ثالث بأنها الطيرة (وأنا ما عارف الطيرة ياتا فيهم؟) .. فلما أحسست بأنهم حاروا جواباً قلت : طيب .. سيبكم من السوسيوة ... هاكم دي ساهة شويّة :ما معنى السيوة ؟ فصنقعوا ودنقروا و تهامسوا و تجاهروا .. و أخيراً هزّوا (الدقانيس) .. فاستدركتُ قائلاً : طيب ... بما أنكم جميعاً رياضيون .. فما معنى التيوة .. فزادت حنكوشةٌ منهم الطين بلة حيث قالت بلسانٍ يفيض حنكشةً : التيوة ما ياها أخت السوسيوة . ف(انْبَهَطْتَ ) و قلت : إنا لله و إنا إليه راجعون ..فاستوقفني أحدهم قائلاً : ترجع وين .. كدي ورّينا كلامنا دا ..مُش صَح ؟ فقلت : أحسن أمشي . فقالت واحدة من بينهم و هي من ذوات (الوش) الكريمي اللامع (بالمناسبة ..وش دي ذات جذور عربية فصيحة ) قالت : يا عمّو إنت الحاجات دي بتجيبا من وين ؟(بتجيبا بجيم معطّشة و حلقوما ناشف) فكان ردّي : بجيبا من محلات سيبويه للكريمات العربية الفصحى .