عندما استلمت مبلغاً متواضعاً نظير ورثة قديمة قالت لي زوجتي +أوع تبشتنه ساكت لازم تستثمره في حاجة نافعة استثمار شنو يا وليه والله إلا كان طبلية ولا بيع تلج ولا جرائد + طيب ما لو كلها شغلات والزمن ده بقت فيها فائدة كويسه وأحسن من الملاطيش البدوها ليك كل شهر وما عاملة حاجة طيب انتي بتقترحي استثمر في شنو مثلاً + ود إسماعيل الخضرجي في الشارع القصادنا خلى دكان الخضار وهو مرخص وجاهز وفيها التربيزة والميزان ما ناقص شي إلا الخضار يا وليه كان نافع كان خلاهو + كان ما نافع كان صبر عليه السنين دي كلها وبس قالوا فتح ليه كافتريا في أم درمان لكن الخضار عايز خبرة وأنا ما حصل يوم بعت ولا أشتريت كمية خضار زي دي + ما في زول بلدوه بعرف لكن لازم تجرب ولا عايزنا نعيش في البشتنه دي وبعد أن أكملت اتفاقي مع حاج إسماعيل استيقظت مبكراً مع صلاة الفجر وبعد أن أديت الفريضة اتجهت للسوق المركزي مباشرة وفوجئت بإرتفاع كبير في الأسعار وأيقنت أن حاج إسماعيل لم يكن بالطبع يشتري بهذه الأسعار الباهظة لكنني فشلت أن أقنع البائعين بتخفيض السعر ثم أستأجرت عربة كارو وحملت الخضار وكان أول الداخلين للدكان الحاجة حليمة وحين لمحتها تتقدم نحو الدكان شعرت بانقباض شديد وأدركت أن هذه البداية لن تكون سعيدة اذ أن الحاجة حليمة معروفة بحجتها الكثيرة ومشكلاتها التي لا تحصى مع حاج إسماعيل وأصحاب الدكان وبائع اللبن بل حتى الكماسرة في المركبات العامة فضلاً عن أنها تحشر أنفها في كل شيء, وحين وضعت قدمها في الدكان سارعت بتحيتي وهي تبتسم بمكر وسارعت بتوجيه سؤال مفاجئ قائلة : انت يا خوي خليت الوظيفة وبقيت خضرجي لا أبداً بس أنا في اجازة سنوية وقلنا نجرب الشغلانة كان تكون نافعة معانا و بعد داك ممكن نشوف ود حلال يمسك لينا الدكان الزمن ده مافي ود حلال كلهم بقوا بتاعين سف هنا أدخلت يدها في قفة الطماطم وقالت سجمي طماطمك ده كلو ضارب يا حجة ما ضارب ولا حاجة فيها بتاع صلصة ومعظمها سلطة طيب الكيلو بكم الكيلو ستة جنيه ستة شنو يا خوي في الشتاء الطماطم نزل وبعد شويه الصفيحة ذاتها ما بتفوت ليها عشرة ألف ده كان زمان هسي شتاء ولا صيف الأسعار ما بتنقص لكن بنجاملك عايزة كيلو ولا نص دايرة نص وتجامليني ، ثم أخذت تختار بنفسها يا حجة ما تعزلي نحن أخدناه كده وأنا ذنبي شنو أشيل طماطم ضاربة وأدركت أن الجدل لا ينفع معها وتركتها تختار وعندما انتهت قالت عايزة كمان ملوخية لكن شايفاها كلها مضبلنه يا حاجة دي ملوخية طاعمة جداً وما فيها واحدة كعبة انتي بس عايزة بكم ، وهنا أمسكت بالملوخية ووضعتها في الميزان قبل أن تمارس هواية الاختيار لكن مع ذلك كان تنزل بعضها وتختار البديل لكن كنت حريصاً أن اتخلص منها بأسرع ما يمكن وعندما ذهبت ، وقف شاب يحمل دفتر إيصالات وحياني وقال عايزين حق النفايات يا خوي أنا فتحت الدكان ده لأول مرة قبل عشرة دقائق بس وما عندي هسه قروش نفايات خلاص ما في مشكلة لكن الشهر الجاي حندفعك حق شهرين تمتمت في سري قائلاً ده لو لقيتني قاعد وبعد إنصراف الموظف لم يدخل الدكان اي زبون وقلت ربما كانت حاجة حليمة قامت باللازم وعملت حملة رأي عام قوية ضدي المهم نصبر ونشوف آخرتا ولم تمر دقائق حين رأيت شاباً يحمل إيصالاً ويتجه نحو الدكان نحن من المحلية وعايزين نشوف الترخيص السنوي بتاعك الترخيص عند بتاع الدكان السنة دي الدكان ما اترخص ولازم تدفع انت ولا هو كدي أدوني فرصة الليلة أول يوم أمسك الدكان وما في زول دخل علي غير حاجة حليمة الكارثة وهي الجابت لي كل الهوا ده المهم نحن بنديك فرصة وهسي شايف عندك كرسي وعنقريب لكن ما حنطبق عليك القرار قرار شنو يا خوي، ده عنقريب حبالو مقطعها وكرسي مكعوج نحن عندنا واحد أديناه عطاء احتكار للسراير والكراسي وبنابر ستات الشاي وهم لازم يأجروها منو وإلا نحن بنصادرها برضو بارك الله فيك لكن الكرسي ده والسرير ده بتاع سيد الدكان وأنا مؤجر وبس لكن ممكن من بكره بسلم الحاجات دي وأجيب صندوق خشب قديم بتاع تلاجة عشان أقعد فيه يا خوي صناديق الخشب أو التلاجة كلها ممنوعة لا زم يكون في الدكان كرسي أو تقيف على حيلك لكن انت لسه بادي الشغلانة وما حنضايقك وعدت للبيت محبطاً نسبة لفشل المهمة في اليوم الأول و قلت لزوجتي علي الطلاق ما ما شي الدكان تاني دي شغلانه خسرانه النفايات والمحلية وحاج حليمة كلهم في يوم واحد دي مصيبة أنا ما عندي ليها صبر واتجهت نحو الغرفة ولم أرد على كشكول الاحتجاجات من زوجتي التي انهمرت علي كالمطر .