قلت في الحلقة السابعة إنني سوف أتعرض لتفريقهما بين الإنساني والبشر والذي وجدته مفارقاً مفارقة عجيبة لما جاء في القرآن وفي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم . وقبل أن ألج في تلك القضية دعونا نقف عند اختلافهما في معنى للشجرة لا تدل عليه اللغة ولا يدل عليه السياق ولا يؤدي إليه الاجتهاد. الأخوان الماهران الماكران يريدان أن يجعلا من أكل الشجرة معنى غير المعنى المتعارف عليه الذي يتبادر إلى الذهن ولا يتعرف عليه الذهن إلا بشاهد ودليل قوي يفسر المعنى والمعاني الفرعية الملحقة به. إن الاخوين يريدان أن يجعلا معنى الشجرة هو المداخلة الجنسية ويريدان أن نفهم أن الله سبحانه وتعالى نهاهما عن الزنا بالتلميح لا بالتصريح وعبر عن الزنا بالمداخلة. وترك فهم المعنى لذكاء آدم وحواء يتحملان مسؤولية اجتهادهما يوم القيامة. خاصة وليس هناك نبي ولا رسول قبل آدم ولا رسالة ولا كتاب. إن الأخوين لابد أن يكون في عقلهما شيء ما يقودهما إلى هذا الجنوح وإلى هذا الفهم الخاطئ الذي يصادم المعنى القريب والنص الواضح والمفردة التي يخرجانها عن المعنى السهل الميسور إلى المعنى المعتسف والمزعوم بلا أدنى حجة ولا بينة. { تصوروا كيف يتلاعب الاخوان بمعاني القرآن الكريم. { لقد قال الله سبحانه وتعالى لآدم «يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ». { أولاً الاخوان يزعمان أن الجنة التي سكنها آدم وحواء كانت غابة في الأرض. { وهو لا دليل عليه إلا الحكم. { ويقولان إن ابليس لا يمكن أن يدخل الجنة بعد أن طرده الله منها بعد رفضه السجود لآدم. { ولكننا نقرأ في كتاب الله ما يدل على خلاف ذلك أو على أقل تقدير على سوء فهم الاخوين للأمر. { قال تعالى «مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ، قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ، قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ، قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ» {ثم بعد ذلك قول الله تعالى:«وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ» { لاحظوا كيف أن الشيطان بعد أن أمر بالهبوط توعد آدم وحواء بالإغواء فطلب النظرة إلى يوم يبعثون . { فاما أن يكون دخوله الجنة عن طريق التكوين الناري وعن طريق الوسوسة والايحاء ولا يعتبر ذلك دخولاً لأنه لا ينعم من الجنة بشيء من ثمارها ولا خيراتها. { وأما أن يكون الهبوط هو الحرمان من متعها مع بقائه فيها. { إذ أن الاخوين يقولان إن قول الله تعالى «اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا» لا يعني الهبوط من جنة في السماء إلى جنة في الأرض. وهذه من تلك. { ثم إنه سبحانه وتعالى يقول «يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ» فهي زوجه وهو زوجها. ولو لم تكن زوجته لما قال له ذلك ولقال له اهبط أنت وهذه أو أنت وحواء { «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ» هذا دليلنا { ونلاحظ ايضاً الاخوان لا يلاحظان أن الله سبحانه وتعالى يخاطب آدم وحواء قائلاً :«فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ» فالله جل وعلا أباح لهما جميع انواع الأكل في الجنة ولكنه شاءت ارادته ومشيئته ان يمتحنهما بتحريم شجرة واحدة من دون جميع الشجر. ولاحظ قوله «فَكُلاَ» من الأكل ويناسب ذلك أن تكون الشجرة مما يثمر في الجنة. ولو جارينا الأخوين في حمل العبارات على المجاز لكان المعنى «فازنيا كيف شئتما وبمن شئتما ولكن إياكما أن يقرب أحدكما الآخر». وهذا دين يبنى على المجاز والاستعارات والكنايات وتلعن وتطرد فيه مخلوقات الله لأنها لم تفطن إلى الكناية والمجاز والاستعارة! أي دين هذا الذي يبشر به الأخوان الفطنان الالمعيان؟! { وكذلك نلاحظ أن الأمر الوحيد أو النهي أو التحريم الذي صدر من الحق عز وجل لآدم ولزوجه هو قوله «وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ» وهو الأمر الديني الوحيد الذي صدر منه سبحانه وتعالى إليهما.. فلو لم تكن حواء زوجه بصريح العبارة لما كان عليه مندوحة في غشيانها إذ لا تحريم إلا بنهي. ولا دليل في قوله لا تقربا الزنا على أن قوله هنا لا تقربا هذه الشجرة أن الشجرة هي العلاقة الجنسية لأن الله سبحانه وتعالى يقول «لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ» هل يعني ذلك أن كل قرب هو نوع من الزنا؟ أم أننا نضع على الله سبحانه وتعالى فيتو في استخدام الكلمات والمفردات؟! { إن الاخوين يبنيان دائماً نظرياتهما على الظن وعلى الاحتمال وعلى الحدس ولا يبنيانها على اليقين.. انظر إليهما ماذا يقولان في النسخة الالكترونية: إن البشر قبل الارتقاء بهم عقلياً وأخلاقياً كما قلنا ربما كانوا يمارسون كل انواع الشجر «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا» أي أنهم كانوا يمارسون الجنس ذكراً مع ذكر وأنثى مع أنثى. { ذكراً مع أنثى بصورة طبيعية ولكن في وقت غير ملائم للحمل ، ثم ذكراً مع أنثى بصورة طبيعية..» إلى آخر افتراء الاخوين حتى جعلا البشر ربما كانوا يتعاطون الجنس مع أي حيوان آخر.. ربما.. ربما.. ربما هذا هو فهمهما للفساد والإفساد في الأرض!! بالله عليكم أي دين هذا الذي يقوم على ربما.. ربما..؟!! فلا حول ولا قوة إلا بالله!!