الأستاذ يحيى القيسي روائي وصحفي وأمين عام رابطة «القلم» الدولي في الأردن قُبض عليه متلبِّساً بالتسكُّع والتلصُّص في أحراش التأصيل الفكري التي ظلّ يسمع كثيراً عن بعض أسمائها أو مسمياتها لكنه لم يرتد أبداً حيًا من أحيائها ولا سلك طريقاً من طرقها.. ويبدو أنه ظن أنها تماماً مثل الرواية يمكن أن تكذب فيها كما تشاء وتختلق من الأشخاص والأحداث بقدر ما تسمح لك نفسك. ومن عينة تسكُّعه وتلصُّصه في دروب التأصيل الفكري وكيف ضلّ في تلك الدروب مع أنها معبّدة ومضاءة وممهّدة للسالكين.. من ذلك سخريته بمصطلح السلف الصالح اسمعوا لهذا المتأتّي على الجلة من سلف الأمة كيف يسخر من سادته وقادته وأولياء نعمته.. يقول يحيى القيسي: وأصبح الفكر السلفي الإقصائي متسيداً المشهد، لا يقبل الاختلاف ولا التفكر، بل القبول بأن يُحكم المسلمون في القرن الحادي والعشرين من القبور، فكلام ما يسمى «بالسلف الصالح» عندهم لا يأتيه الباطل ولا يقبل النقض وكأنهم أنبياء جدد.. وهذا ما قاد في النهاية إلى أن يصبح الإسلام اليوم تهمة في شتى أنحاء العالم بدعوته إلى قتل الآخرين، وعدم التعايش مع الحضارات والرسالات السماوية الأخرى، ولا يعدم الغرب اليوم الكثير من الأمثلة على هذا الأمر مما تزخر به كتب المسلمين أنفسهم» لقد قلت في المقال السابق إنني سأعود إلى الأستاذ يحيى القيسي إذا بقيت فيه بقية بعد نشر توبة «النيل أبو قرون» التي صاغها على لسان نفسه ووقّع عليها مع من وقَّع من الشهود. وكل الكلام الذي دبّجه يحيى القيسي دفاعاً عن النيل أبو قرون إنما يأتي من باب المكابرة ومن باب الشنشنة الرافضية فالقيسي يقيم الحجة على نفسه. ومن العجيب أن أمين عام رابطة القلم الدولي في الأردن يسخر من مصطلح السلف والسلف الصالح.. وقطعاً هو رجل معذور وعذره البين جهله بأن السلف مصطلح نبوي ورد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات. ومفردة السلف وردت في كتب الحديث والمدوَّنات الحديثة وفي المتون 835 مرة بالمعنيين: المعنى الأول ما تقدم من آباء الرجل وقرابته وقياداته الدينية والفكرية. والمعنى الثاني الدَّين بفتح الدال المهملة وسكون الياء المثناة التحتية. والقيسي يقول «وأصبح الفكر السلفي الإقصائي متسيداً». والقيسي يطلق القول على عواهنه ولا يورد شاهداً واحداً على ما يقول بل يُصدر الأحكام النهائية على أهل العلم وأهل الفكر ويظن أنه يقدم شيئاً يعتد به أو يؤبه له ولكن أقواله وتحريفاته لا تزيد على أن تكون عواءً في الخلاء: وإن يعوِ ذئبٌ في الخلا ونهشل.. فملأ الخلا من كل عاد ونابح وحتى لا نكون مثل القيسي نورد له الشواهد، ولو اتسع المجال لزدناه حتى يمقت اليوم الذي سولت له فيه الأمارة بأن يهيج ساكن هذا القلم أو يهيج أهل «الإنتباهة» أو يمس علماء السودان بأدنى أذاة من قلمه ولسانه. جاء في البخاري: «قالت «أي السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها» «ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره فلما توفي قلت لها عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني.. قالت أما الآن فنعم.. فأخبرتني فقالت: أما حين سارّني في الأمر الأول فإنه أخبرني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة وأنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فإني لك نعم السلف» الرقم في البخاري 6286 وجاء في صحيح مسلم بالرقم «35» على لسان عبد الله المبارك إمام خراسان وهو يقول على رؤوس الأشهاد: دعوا حديث عمر بن ثابت فإنه كان يسبّ السلف. وجاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: صلى عمر على أبي بكر في المسجد وصلى صهيب على عمر بالمسجد بمحضر كبار الصحابة وصدر السلف بلا نكير». وقال ابن نجيم المصري في «البحر الرائق شرح كنز الدقائق» في باب بحث عدم قبول شهادة من يُظهر سب السلف قال: السب الشتم والسلف كما في النهاية الصحابة والتابعون، وزاد في فتح القدير: وكذا العلماء أي هم من السلف، قال: والفرق بين السلف والخلف أن السلف الصالح هم الصدر الأول من الصحابة والتابعين.. والخلَف من بعدهم في الخير، وبالسكون «أي الخلْف» في الشر. والعلماء مُطبقون على أن كلمة السلف عندما ترد إنما يقصد بها الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان.. وترد كلمة السلف كثيراً في أقوال العلماء ولا يختلف في قبول معناه اثنان.. وهي عندهم من المسلّمات. قال النووي في شرح مسلم: قال بعض السلف بجواز الجمع في الحضر في غير مطر كما تراه في شرح مسلم للنووي. وفي صحيح ابن خزيمة في باب الرخصة في الجمع بين الصلاتين في الحضر وفي صحيح ابن حبان أيضاً واختلف السلف في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه.. قلت وهو المشهور في الخلاف بين عائشة رضي الله عنها وابن مسعود وابن عباس وغيرهم من الصحابة. ووردت مفردة السلف الصالح اثنتي عشرة مرة في متون الحديث ومنها ما ورد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترجمة عثمان بن مظعون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّل خده وصلى عليه وسمّاه السلف الصالح. وذكر ابن بطة أن شمول القدر الإلهي لجمع أفعال العباد وأن ما قدره لابد من تحققه ونفاذه هو مذهب السلف الصالح الثابت بالكتاب والسنة. إن القيسي لا يدافع عن النيل أبو قرون وهو في أغلب الظن لم يقرأ شيئاً من كتب النيل أو قرأها ولم يفهمها أو قرأها وفهمها وأعجبته على ما فيها من كفريات ونقول لهذا المتأتي على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الذي نضعه على السفود هو أقوال الرجل لا أطرافه، أما الرجل نفسه فيُستتاب فإن تاب كما فعل النيل وقرأته بالأمس وإلا فالحد ولا ينفعه عمامته السوداء ولا ضفائره ولا أعوانه وحواريوه ليس لهم في الأمر شكاية ولا بالعلم والفقه دراية. إننا من هذا الباب ندعو النيل أبو قرون أن يتوب إلى الله وأن يعلن تمسكه بتوبته تلك المسجلة بالصوت والصورة وأن يحذِّر المواطنين من كتبه تلك التي سبّ فيها الصحابة والسيدة عائشة الصديقة بنت الصديق وأن يوجّه خطاباً بالتكذيب إلى يحيى القيسي ويقول له إنك تفتري على الله بتمسكك بأقوال قد تُبنا منها واستغفرنا الله فيها ورجونا ثواب التوبة وحذرنا الناس عما فيها من المنكرات والكفريات. ونقول ليحيى القيسي أمين عام رابطة القلم الدولي في الأردن انفض عن قلبك هذا الران وتحرر من ربقة الألقاب والمنصب وتُب إلى الله وتعال إلى السودان تزيدك هيئة علماء السودان و المجمع الفقهي والرابطة الشرعية وتنزل علينا ضيفاً مكرماً معززاً.. أما وقد دعوناك لزيارتنا فإني أستحي والله أن أقوم بغير الدعاء لك: اللهم اهدِ يحيى واغفر له وائتِ به إلى السودان.