بشكل مختلف أكتب اليوم.. اكتب الى من أتت بي الى الحياة.. وأعطتني الحياة.. ومن أجلي عاشت الحياة.. أكتب في عيد الأم الى أمي الحبيبة ست الجيل بت عطية الله ود الفكي ود زينب.. ست الجيل بت فاطمة بت صالح ود الباشاب.. أكتب الى ست الجيل.. ست الكل.. ست الدار ست الناس.. ست الحبايب.. ست الطيبة والسماحة.. الساجدة.. العابدة.. الورعة.. التقية.. الزاهدة.. الكريمة.. والأم الحنون.. والأرملة المجاهدة والحبوبة «الحبوبة» والأخت الوفية والخالة «الموجهة».. والعمة «الراشدة» والجارة «النجدة» والاسم بيت الشعر والشطر القصيدة والنغمة الأغنية.. أكتب الى لسان ذاكر لا ينطق إلا طيباً والى أذن سامعة للطيب وغير الطيب لا تسمع.. والى عين عمياء من غير الطيب وغير الطيب لا ترى.. اكتب الى صدر منبع حنان ضم «جناه» وغذاه بالتحنان حتى فاض مانحاً الحنان لغيره.. أكتب اليك أمي العزيزة في عيد الأم وسنوات عمري الطويلة تنطوي طي السجل عائدة بي الى أيام الطفولة والصبا والشباب وأنت معي وإخواني واقفة في أيام المرض حاملة آلام المتألم.. وساهرة ومسهدة في أيام الامتحانات وفرحة بنجاحات حققتها في الحقيقة انت حاسبة اياها الى «وليداتك» وبذلك الحساب المعنوي الذي ظلمت فيه نفسك خرجت الصحفي والطبيب.. والاقتصادي.. والقانونية..! أكتب اليك أمي العزيزة.. وأعود بعمري سنوات الى الوراء واحس كم ظلمناك ونحن نطلب »الطعمية« أو »اللقيمات«.. لتقفي على »المنقد« لترمي اللقيمات والطعمية.. ونقطع نومتك لنشبع رغبتنا في »الرز باللبن« وما اكثر ما طلبنا وانت تنفذي »مسكينة« وكأن طلباتنا أوامر صادرة من قائد الى جندي.. نسألك الآن السماح.. فبقدر ما كنا قساة عليك دون أن ندري كنت رحيمة شغوفة عطوفة علينا.. أمي الحبيبة ان أنسى لا أنسى فلن أنسى اليوم الرابع لوفاة والدي «يرحمه الله» وأنا في الصف الأول بالمرحلة الثانوية وانت ممسكة بيدي تقولين لي.. انت الليلة كبير البيت.. وشيل شيلتك وأنا معاك.. فكان ان شيلتي انت الشيلة.. واقنعت الأهل ان ولدك الكبير معاك شال الشيلة.. فكنت تلك الأرملة القوية التي حملت مسؤولية الأم والأب الى »ميس النجاح«.. أمي الحبيبة رغبتي في الكتابة اليك كبيرة والفكرة والسطر والكلمة والحرف تتسابق ولو حولت ما كتبته طوال اكثر من ربع قرن من الزمان وأنا أكتب ما كتبته يومياً اليك ما أوفيتك، فالكتابة اليك وعنك تحتاج الى حروف جديدة ومفردات اخرى و«تحبير» لم يطرق.. وباختصار الاختصار.. وأنت البعيدة عني بالدمام بالسعودية.. أقول إنني اشتاق اللحظة ان أقاسمك السرير كما تعودت وان اقبل رأسك صباحاً كما اعتدت وان اسألك الدعوات الصالحات في الثلث الأخير من الليل وأنت الرافعة يديك ساعاتها الى رب العباد وانت هنا تقية.. تقية.. أمي الحبيبة اشتاق اللحظة الشوق كله الى ابتسامتك الوضيئة.. والى كلماتك الناصحة.. ويلتزم بوصيتك الدائمة بصلة الرحم.. وحسن التعامل مع الجار.. والاحسان والعفو والتسامح.. وتلاوة القرآن والالتزام بالمعروف والنهي عن المنكر وما اعظم الوصية.. أمي الحبيبة.. أبنائي أشرفت وأحمد يسألون عن موعد عودتك صباح مساء.. ولمى تبكي بعد كل محادثة هاتفية معك وحتى جعفر أصبح «فصيح ولديح» ينافس اخوته في «حب حبوبة» ومن أجلهم وأجلي عودي الينا سريعاً «وكفاك إجازة» وكفانا غربة فنحن بدونك غرباء في بيتنا وأهلنا.. مع خالص حبي وامتناني ومعزتي وكل عيد أم وأنت بخير وكل عام وأنت حبيبتي..