هنادي النور: تعد صناعة الأدوية من أهم الصناعات الإستراتيجية وأكثرها حيوية لارتباطها بصحة المواطن. وبدأت الصناعة الدوائية في السودان منذ عام «1961م» وشهدت تطوراً ملحوظاً، ورغم ذلك ما زال توفير الدواء بالبلاد يعاني مشكلات جوهرية رغم ما يعلن عن جهود عامة لذات الغرض، ففي حين تشكل ندرة الأدوية المنقذة للحياة هماً يؤرق الجميع، أعلنت مصانع محلية عدم مقدرتها على مواجهة متطلبات الخام مما يجبرها على التوقف والخروج الكامل من دائرة الإنتاج، بجانب ما تفرضه الحكومة من رسوم جمركية وجبايات وتضارب في الاختصاصات وازدواجية الإجراءات وضعف التمويل الوطني والأجنبي على حد سواء، إضافة إلى الافتقار للقاعدة التقنية والأبحاث والكوادر المؤهلة، بجانب مشكلة تأخر تسليم العينات التي تدخل المختبر لمجلس الأدوية والسموم والبيروقراطية في إجراءات التفتيش والزيارات للمصانع. وفي غضون ذلك أشار أهل الاختصاص إلى أن التناول الذي تم على مدار الفترة الأخيرة لم يكن موفقاً وصاحبه قدر كبير من التشويش والضحالة، وعلى الرغم من ذلك لا تخفي حقيقة أن القطاع يعاني من مشكلات جوهرية في الوقت الذي ظل فيه صامداً ويحقق بعضاً منها. مطالبين بضرورة إيجاد مجلس سوداني للاعتماد لتوفير النقد الأجنبي، ونظيم المنتدى الاقتصادي الدوائي الأول ورشة بعنوان «الدواء نجاحات وتطلعات» بالتعاون مع الأمانة العامة للمجلس القومي للأدوية والسموم. وأكد الأمين العام للمجلس د. محمدالحسن إمام وجود ضوابط لممارسة وإدارة المنشآت الصيدلانية بجانب إلزام المصانع بإنتاج الأدوية وفق ما تقتضيه الضرورة والموافقة على تصديره إلى الخارج إضافة لمراقبة الإنتاج الدوائي، مشيراً إلى عقبات تعترض المجلس في سبيل إكمال الخطط وإلاستراتيجية التي تتمثل في عدم الاستقرار في الهيكل الإداري في الفترة الماضية، وعدم وجود مقر دائم للمجلس والهيئات والمعامل التي تتبع له وبالرغم من ذلك قال إن هنالك خطوات ملموسة اتخذت للتغلب على هذه المشكلات. رئيس لجنة تسجيل الأدوية البشرية بالمجلس د. عبد الله الخواض أقر بأن عملية تسجيل الأدوية عملية معقدة، مبيناً خلال الورقة التي قدمها حول الإنجازات والتطلعات التي تمت في المجال أن جملة الملفات المودعة لدى المجلس خلال الفترة ما بين «2005 2012» حوالي «1300» ملف، وأرجع أسباب ومعوقات تسجيل الأدوية إلى تسجيل «60%» فقط من الملفات لنهاية العام 2013م، حيث تم تسجيل «452» دواءً. وقال هذا الأمر لم يحدث في تاريخ الصيدلة منذ العام 1963 حيث كانت جملة الأدوية المسجلة من الصناعة الوطنية حتى بداية العام «2013» حوالي «497» مستحضراً، وبلغت نسبة الأدوية الوطنية المسجلة من جملة ما نسبته «26.4%»، وفي ذات الوقت نوه الخواض إلى أسباب الطفرة في عدد الأدوية المسجلة نتيجة لزيادة المصانع بجانب دخول الشركات العربية واعتماد سياسة التوطين وإجازة سياسة التصنيع التعاقدي وتكوين آلية لدعم الصناعة الوطنية مع توفر النقد الأجنبي، مما أدى إلى آثار اقتصادية ملموسة تمثلت في وفرة الدواء وخفض الأسعار وتغطية الحاجة ومنع التهريب والحد من الأدوية المغشوشة، بجانب تشجيع المنافسة وفق قواعد وضوابط الجودة. فيما دعا رئيس لجنة إدراج المصانع المحلية والأجنبية بروفيسور حسن محمد علي إلى الارتقاء بالصناعات الدوائية الوطنية، مشيراً إلى أن المجلس يعمل على النهوض بالصناعة الوطنية من خلال تقوية الدور الرقابي، لافتاً إلى أن هنالك «8» مصانع قيد التشييد، مؤكداً دخول بعضها مرحلة الإنتاج التجربيي، في وقت أكد فيه أن المصانع الوطنية تنتج حوالي «15» مجموعة علاجية تمثل «20%» من قيمة سوق الدواء في السودان والتي تقدر ب «46» مليون دولار وفق إحصائية العام «2005» وارتفعت النسبة إلى «30 %» منذ العام 2006م، منوهاً إلى أن واقع الصناعة الدوائية حاليا يشهد انتعاشا ملحوظا، وعزا ذلك لدخول بعض المصانع العربية من المملكة العربية السعودية والأردن واليمن ولبنان. وقال إن السياسات المتبعة تهدف إلى إحلال الواردات ونقل التقانة الحديثة وخفض الأسعار وتحقيق الأمن الدوائي والاكتفاء الذاتي، كما يتطلع المجلس الى استقطاب شركات بحثية للتصنيع بالسودان وتطوير السياسات الدوائية وإدماج الشركات الوطنية لتأسيس كيان اقتصادي لمواجهة المنافسة الأجنبية والتصدير الى الخارج، لا سيما دول الجوار، وفي ذات الاتجاه تمت مناقشة قضية الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد وانعكاساته خاصة على قطاع الأدوية لا سيما الاتجاه لاستخدم الأدوية الوطنية كبديل متاح.