رباب علي: الزيارة المرتقبة لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مطلع أبريل المقبل، تأتي في ظل توتر وفتور في العلاقات ما بين السودان ودول الخليج العربي، وآخر يكتنف العلاقات القطرية السعودية، بعد استدعاء كل من السعودية والإمارات والبحرين سفرائهم من العاصمة القطريةالدوحة. ظاهر الزيارة يقول إنها في إطار التعاون بين قادة البلدين، بالإضافة إلى مساهمات دولة قطر في المجالات الاقتصادية عبر العديد من المشروعات الاستثمارية، والتي سيكون لها القدح المعلى خلال اللقاء. كما أنها تأتي بعد رعايتها وثيقة الدوحة وسعيها لتركيز أبعاد السلام في المنطقة، والوقوف على المراحل التي وصل إليها والعقبات التي تعترض طريقه. أبعاد الزيارة وصفها الخبير والمحلل الاقتصادي د. محمد الجاك خلال حديثه للصحافة بأنها تصب في عدة جوانب، مما يلي المانحين ومدى استجابتهم وتعهدهم بتنمية اقليم دارفور، وايضا الاستثمارات التي تعتمد على التوجه الجديد للسياسة القطرية حتى وان لم يتميز بالحداثة. وبالنظر لملف علاقة النظام بالخرطوم مع السعودية ودول الخليج نجد انها اصبحت تتسم بشيء من الفتور، مما حدا بالنظام الى تجديد تمسكه بإقامة علاقات متينة مع السعودية ودول الخليج، حيث يرى المراقبون أن تمدد الخرطوم مع طهران بالإضافة إلى أن رسو السفينة الحربية الإيرانية في ميناء بورتسودان قبل عدة أشهر كان لها إسقاطاته السلبية من جانب السعودية وربما الإمارات أيضاً، بينما ظلت الخرطوم دوماً تؤكد أن العلاقة مع إيرن لا تتعدى جسورها حدود المصالح المشتركة ولا توجد بها أسرار، وانها لن تكون على حساب العلاقات مع دول الخليج، ولا تنضوي على اي ضرر يمكن أن يهدد مصالح الخليج من بعيد أو قريب، لهذا يرى المحللون أن زيارة أمير قطر للسودان ربما تنظر إليها بعض دول الخليج التي شاب علاقاتها أخيراً مع قطر الفتور، بشيء من عدم الارتياح، لكن يبدو أن الخرطوم تصر أن تحتفظ بعلاقات جيدة مع الخليج بجانب قطروإيران، ولعل زيارة رئيس الجمهورية الاخيرة للكويت جاءت تأكيداً لتجذر هذه العلاقات عبر اهداء امير الكويت الدكتوراة الفخرية، اضافة الى قطعة ارض زراعية، وهو ما جعلت الخبير الجاك يؤكد أن الكويت لن تتخطى قرارات مجلس دول الخليج وستلتزم بها، ووصف لما حدث بأنه يأتي في إطار البعد الدبلوماسي بغرض ترطيب العلاقات بين البلدين. ولعل مخاوف دول الخليج من التمدد الإيراني في المنطقة يصعب تبديدها، فالمعروف أن إيران تدعم النظام السوري حالياً، بينما تدعم السعودية والإمارات المعارضة المسلحة هناك، كما تدعم إيران حركة حماس في حين أن دول الخليج يدعمون السلطة الفلسطينية. كما مدت إيران جسوراً من التعاون ربما غير المنظور مع حكومة مرسي المقالة في مصر، وهو ما انعكس على تخوف دول الخليج سيما السعودية والإمارات من سياسة الإخوان المسلمين وما تعتبره مخاطر استمرارهم في السلطة بسبب ما ترى أنه سيفسح مكاناً للنفوذ الشيعي في المنطقة، ولهذا كل هذه التداعيات تنعكس على علاقات السودان بتلك الدول. كما يرى بعض المحللين أن تصاعد وتيرة الخلاف بين قطر والسعودية ناجم عن توجهات هذين البلدين بالنسبة إلى بعض الملفات الإقليمية وعلاقة قطر مع الإخوان المسلمين والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو ما جعلهم يفسرون القضية بأنها تكمن في سعي قطر للتحرر من محور السعودية، فهي رؤية تؤكد ما ذهب إليه الجاك بسعي قطر للاستقلالية عن دول الخليج، وهي بذلك لن تتأثر بتوتر العلاقة ما بين السودان والخليج، ويتضح ذلك من خلال رؤيتها للربيع العربي ومجيئه بالإسلاميين على سدة الحكم، وربما تسعى في ظل تلك المعطيات إلى أن يصبح السودان حليفاً. بينما يرى الكثيرون أن المرحلة المقبلة تحمل العديد من المعادلات الصعبة للنظام السوداني في كيفية إدارته لعلاقاته وتوازنها ما بين دول الخليج ودولة قطر الداعم الاقتصادي له، وكيفية إيجاد موازنة للعلاقات الخارجية مع الدول الأخرى التي ترتبط بدول الخليج، وربما تأتي زيارة الرئيس القطري للخرطوم المتوقعة قريباً في قمة تلك الموازنات الصعبة .