كان المجلس التشريعي بولاية القضارف موضوعياً وشجاعاً، وهو يمارس دوره الرقابي ويسائل وزير المالية الولائي حول صفقة العربات الدستورية، دون ضجيج أو خوف من تخفيض المخصصات والدعم المالي. وهو أمر فيه محمدة كبيرة وعافية ويبعث الطمأنينة والثقة وسط المواطنين .. كثير أو معظم الإخفاقات بالولايات سببها ضعف الرقابة سواء كانت في مركز الولاية أو المحليات، فمعظم الولايات تفتقر محلياتها لمجالس تشريعية قوية تراقب بحسم وتجيز الخطط وتتابع تنفيذها على الواقع ، وهناك غياب تام لهذه المجالس في بعض الولايات حيث ترك الحبل على الغارب للولاة والمعتمدين، يفعلون ما يريدون دون خوف أو توجس من عقوبة أو رقيب. وبسبب ذلك تهدر الموارد ويكثر الإنفاق في التعيين الدستوري والترضيات والأهواء «والنزوات» الشخصية للمسؤولين .. اليوم تشريعي القضارف يسأل الوزير، وغداً أتوقعه أن يسأل الوالي. ولكن لدينا في كردفان حكومات فوق المساءلة التشريعية، وولاتها يغرقونها بالتوظيف الدستوري، كما أن وزراء ماليتها سيوبر، لا أحد يسألهم حتى ولو جاءوا بعربات نفايات وخصصوها للوزراء والمعتمدين ولجان المجلس التشريعي، وهذا ما وسّع دائرة السخط الشعبي ضد الطاقم الحكومي. الذي عجز عن تقديم خدمات مقنعة للمواطنين لكنه يفلح في إصدار القرارات غير المدروسة .. نأمل أن يتم وقف لهذا العبث الذي لن يقدم للمواطن ما يطلبه من ضرورات وحاجيات يومية ولأن الشيء بالشيء يذكر، نقول شكرًا لمولانا أحمد هارون وهو يمسك بمقود ولايته بحكمة اتفق الناس أو اختلفوا حولها، وهو ينحو تجاه الأولويات التي ليس من بينها التوسع في الاستيعاب الدستوري بقدر ما « النهضة خيار الشعب ». من القرارات ما يحتاج إلى مراجعة من القرارات التي قرأتها وبرغم ضرورتها نظراً لما بلغه العالم من تطور، ذلك القرار الذي أصدرته وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي الدكتورة سمية أبوكشوة، والقاضي بتطبيق نظام التقديم الإلكتروني لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، اعتباراً من هذا العام 2014-2015م، وذلك على جميع أنواع القبول، بعد اكتمال كافة الترتيبات الفنية الخاصة بتطبيق النظام الجديد .. وهنا نقول قد تكون الوزارة من خلال مركز معلوماتها وضعت الترتيبات والجوانب الفنية والتقنية لهذا المشروع، غير أنه لم تتم دراسته بشكل مستفيض وواف، من خلال مسوحات العمل والتجارب في السنوات الماضية، تفادياً للمشكلات والعقبات المحتملة والتي تبدأ من الولايات، لأن القرار واضح أنه وضع وصمم على خريطة ولاية الخرطوم كحاضرة، دون النظر للولايات التي تعاني تخلفاً إلكترونياً، وبعضها لا يعرف كلمة إلكتروني ناهيك أن يتعامل معه في التقديم وسداد الرسوم وبقية ما يتعلق به من معاملات بكفاءة .. مع كامل تقديرنا لاجتهادات وزارة التعليم العالي ونجاحاتها، عليها بوضع إستراتيجية للتوسع في التعليم التقني وتطبيقه في المناهج التعليمية ، سيما في أطراف السودان المنسية، وأن تؤسس لبنية تحتية تقنية تؤهل الطالب والمعلم ليتعاملا مع التقنية باحترافية، لأننا بكل صراحة لدينا معلمين ناهيك عن طلاب لا يحسنون التعامل مع الصراف الآلي، ولا الكمبيوتر وفنياته المتنوعة ..نعم حدث تطور في العالم في استخدام التقانة كخدمة تشمل كل المعاملات، وفي المملكة العربية السعودية كل المعاملات الحكومية إلكترونية سداد الفواتير، وطلب الإجازات، وتجديد الوثائق، بما فيها إقامات الأجانب. لكن ذلك لم يتم إلا بعد أن أكملت السعودية بنيتها التحتية في هذا المجال، والبتالي من السهل التعامل معها، بخلاف طريقتنا التي تذهب في اتجاه الريادة التي تتطلب دراسات معمقة، في تداعيات وتحديات القرار قبل التفكير في إيجابيات القرار..نأمل أن يحصل تدخل من المركز حتى إن تم تعديل دستوري في القوانين، وذلك بما يمكّن من المراجعة والتدقيق والمواءمة لكثير من القرارات، سيما التي تصدرها الولايات مستندة على قوانينها ولوائحها التي تعطيها الحق في الممارسة دون التدخل من المركز ..!!