بلا شك أن زيارة أمير قطر الأمير «تميم بن حمد» للخرطوم زيارة كبيرة ومحطة هامة في سياق تطوير العلاقات بين البلدين، فدولة قطر وقفت مع السودان في كل تاريخه وفي كل ظروفه ولم تدخر جهداً لتقديم الدعم والعون الإيجابي ليس للسودان فحسب، بل ظلت قطر نصيراً لكل الشعوب في المنطقة وحائط الصد المنيع لقضايا الأمة العربية والإسلامية على الرغم مما تمر به الساحة العربية من تحولات هائلة ومفصلية في جملة من القضايا المصيرية، ولكن الموقف القطري من السودان وقضاياه كان دائماً موقفاً إيجابياً ومشرفاً، أعظمه على الإطلاق الرعاية القطرية المثمرة للحوار بين الفرقاء في دارفور، ومساعيها الجادة في رأب الصدع ولملمة أطراف الخلاف وتحقيق السلام الشامل لدارفور الذي بالطبع ينعم بثماره كل السودان، وما بذلته دولة قطر من خلال رعايتها لمنبر الدوحة والمكاسب التي حققها في سلام دارفور واحد من الشواهد على متانة وصلابة العلاقة، وقطعاً فإن المجال الاقتصادي واحد من أهم محاور الزيارة الكبيرة والهامة لأمير قطر، إذ أن الاستثمارات القطرية في السودان مقدرة ومؤثرة، ووقوف الأمير تميم على حجم هذه الاستثمارات من خلال زيارته الحالية سيساعد في تعزيز فرص الاستثمارات القطرية السودانية وإزالة المعوقات، وهو ما يفضي حتماً إلى المزيد من التعاون الاقتصادي والاستثماري مستقبلاً وسيكون له أثره الكبير على العلاقات السودانية القطرية، فالسودان هو مفتاح إفريقيا وهو بالتالي بوابة آمنة للاستثمارات القطرية في كل البلدان الإفريقية، كما استفادت الصين من قبل من وجودها المكثف في السودان في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وهذا الوجود مكنها من الانتشار في إفريقيا حيث أصبحت اليوم مؤثرة في عدد من البلدان الإفريقية وكل هذه الاستثمارات الصينية كان السودان أساساً لانطلاقها، ولذلك فإن تقوية وتعميق العلاقات السودانية القطرية سيمكن دولة قطر من الانطلاق صوب إفريقيا بذات القوة والنفوذ. تستحق قطر من السودانيين ترحيباً حاراً بالضيف الكبير، ذلك لأن القطريين كانوا ولا يزالوا يرحبون بالسودانيين أشد ترحاب، وأذكر أنني حينما زرت قطر في دورة تدريبية في إذاعة وتلفزيون قطر وجدت ومعي عدد من الزملاء والزميلات من وكالة السودان للأنباء والإذاعة السودانية ووزارة الإعلام حفاوة وترحاباً من المسؤولين عن الإذاعة والتلفزيون القطري، وقد أحسن هؤلاء ضيافتنا، ووجدنا من الزملاء في الأجهزة الإعلامية القطرية كل التعاون والانسجام أثناء الدورة التدريبية حتى أننا لم نشعر أننا ضيوف في الدوحة، وفي أثناء وجودنا بالدوحة عرفت أن أهل الدوحة ملمون بالثقافة السودانية وبمعرفة دقيقة لرموز المجتمع السوداني سواء كان ذلك في الثقافة أو الفكر أو الإعلام أو القانون أو غيره. وزيارة سمو الأمير القطري للخرطوم إنما هي مناسبة لنُبلغ المسؤولين عن الأجهزة الإعلامية القطرية تحياتنا وبالغ شكرنا على ما أتاحوه لنا من فرصة ثمينة لتطوير معارفنا في تكنلوجيا الإعلام عبر تلك الدورة التدريبية التي تحملت الحكومة القطرية كامل نفقاتها، إلى جانب التواصل الحميم الذي ظلت السفارة القطرية بالخرطوم تضطلع به تجاه قطاعات المجتمع السوداني كافة، فألف مرحباً بسمو الأمير في بلده السودان.