إن القطاع المصرفي يعتبر إحدى الدعائم الاقتصادية لبناء أي اقتصاد حر وقوي ويدفع بالدولة نحو عملية النمو الاقتصادي والاجتماعي وأي خلل في الجهاز المصرفي يؤثر بصورة مباشرة على الاقتصاد الكلي للدولة ناهيك عن انهياره بالكامل، فالشاهد اليوم يجد أن المصارف السودانية أصبحت تملك رؤوس أموال ضخمة وأصولاً كبيرة حيث حققت في الفترة الأخيرة أرباحا جيدة وساهمت بشكل كبير في تقديم التمويل لكثير من القطاعات المختلفة ومولت عددا كبيرا من الأفراد إضافة لدورها المعروف في المسؤولية الاجتماعية، وقد طورت بنيانها الداخلي على كل الأصعدة الرأسمالية والبشرية والتكنولوجية وأصبحت مواكبة بصورة كبيرة للعمل المصرفي العالمي. ما دفعني للكتابة عن التعثر في المصارف السودانية هو تناول بعض الصحف لعملية التعثر المصرفي مستندة إلى ورقة عمل قدمت في إحدى الندوات عن مناخ الاستثمار في السودان تحمل في ثناياها عن انهيار وشيك في الجهاز المصرفي بسبب التعثر الكبير في المصارف. فالتعثر المصرفي بمفهومه البسيط هو العجز الكلي أو الجزئي للعميل تم منحه تمويلا من أحد المصارف عن سداد ما عليه من التزامات مالية تجاه المصرف، ويمكن القول إن التعثر المصرفي من المشكلات الاقتصادية الشائكة لأن تأثرها لا يقف عند العميل وحده بل يؤثر سلباً على أداء الجهاز المصرفي وبالتالي على الاقتصاد الكلي وذلك لأن الخلل ينتقل بدوره الى السياسة النقدية للدولة وربما يحدث حالة من الركود والكساد الاقتصادي، ولعل ذلك يكمن في أن التعثر المصرفي سيؤدي الى تجميد موارد المصرف المالية وبالتالي تخفيض دورة رأس المال الذي تعتمد عليه كثير من القطاعات الاقتصادية في تمويل مشروعاتها مما يخلق نوعا من حالة انعدام السيولة وبالتالي تعطل مشروعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتتوقف عجلة الإنتاج وتقل الإنتاجية وتزيد نسبة التضخم، فحتى لا يحدث ولو جزء بسيط مما ذكر فإن بنك السودان المركزي بدوره يتدخل إدارياً لإنقاذ المصرف والمحافظة على ودائع الجمهور كما حدث في عدة مرات، ولكن حتى نصحح ما قيل ونقدم بعض الحقائق الغائبة حسب ما ورد في خطاب اتحاد المصارف عن نسبة التعثر بالأرقام خلال الثلاثة أعوام السابقة: متوسط نسبة التعثر خلال العام 2011م بلغت 12% . متوسط نسبة التعثر خلال العام 2012 بلغت 10 % . متوسط نسبة التعثر خلال العام 2013 بلغت 8.4% . إن عددا كبيرا من المصارف السودانية نسبة تعثرها صفر وحيث يسعى بنك السودان المركزي لخفض نسبة التعثر في البنوك لتصل الى 6% وهي المعيار العالمي. من خلال النسب أعلاه نجد انخفاض نسبة التعثر من عام لآخر وذلك لأن بنك السودان المركزي يمارس رقابة صارمة وفاعلة على وحدات الجهاز المصرفي من خلال الضوابط والمنشورات والسياسات التي يصدرها للمصارف كما أنه يمارس رقابة مباشرة عبر التفتيش الشامل والمحدد وغير مباشر عبر تحليل وارد الرواجع وذلك لتدارك الخلل للأداء العام والوقوف فعلياًً على مدى التزام المصرف بالسياسات والتوجيهات خاصة تلك المتعلقة بالمعايير العالمية والإسلامية. والله الموفق. الطيب أحمد محمد أحمد كبلو