أصبحت الأرض في الآونة الأخيرة وسيلة للكسب السريع ولظهور طبقة من الرأس مالية التي تستفيد من سياسات الأراضي في السودان بتسعير تحت مسمى الأراضي الزراعية والصناعية والاستثمارية ومحاولة إيجاد إيرادات سريعة من خلال المزادات والبيع التجاري وتغيير الغرض للأراضي الزراعية إلى سكنية. وقد شهدت منطقة شمال الجزيرة أكبر عمليات تغيير الغرض وعلى رأسها مدينة دريم في عهد عبد الرحمن سر الختم وما صاحبها من إشكالات ولازال المشروع معلقاً لخلافات قانونية. ويرى عدد من المراقبين للأوضاع في الجزيرة تمدد مافيا الأراضي التى تجد السند من بعض أصحاب القرار وقالوا إن الولاية شهدت مؤخراً ظهور طائفة من مافيا الأراضي التي تحميها مراكز قوى داخل الخدمة المدنية. وصارت هنالك الكثير من المخطوطات السكنية ومواقع الأراضي في يد مجموعة من السماسرة الذين يحصلون عليها بالتنسيق مع عدد من ضعاف النفوس داخل الخدمة المدنية فيما يرى بعض خبراء الاقتصاد أن الأزمة المالية الطاحنة جعلت الكثير من الولايات تلجأ إلى بيع الأراضي باعتبارها مالاً متوفراً للحصول على الإيرادات وأحياناً يتم التخفيض في رسوم معاملات الأراضي لتصل لنسبة 50% تحت مسمى رفع الإيرادات وحفظ الحقوق لأصحاب المعاملات وتخفيف العبء على المواطنين ولكن الغرض الحقيقي يكون لمقابلة مطالبات الخدمات وتسيير دولاب الدولة وتنفيذ مشروعات التنمية الأمر الذي أدى إلى ظهور تجاوزات وحركة بيع للأراضي التي يجب أن تترك للأجيال. فيما كشف نائب الوالي ووزير المالية بولاية الجزيرة صديق الطيب علي أن الكثير من الولايات درجت على الاستعانة بقضاء ومستشارين وانتدابهم لمصلحة الأراضي لحساسية عمل هذه المؤسسة وتأثير قراراتها على مصالح الناس. وأعلن أن ولاية الجزيرة بصدد تسليم عدد عشرين من ملفات الاعتداء على المال العام والثراء المشبوه إلى الأجهزة العدلية إلا أنه شكا من طول إجراءات التقاضي والتي وصلت في إحدى القضايا إلى 30 جلسة في محكمة الموضوع. وقال صديق إن ما يتعلق بتعويضات منطقة الكريبة والتي سميت بمدينة ودمدني الجديدة بمساحة 1200 فدان داخل مشروع الجزيرة إلا إنها لم تزرع ل 25 عاماً بسبب إشكاليات في نظام الري. تم تكوين لجنة لتعويض أصحاب هذه الأراضي برئاسة كبير مستشاري وزارة العدل المدير السابق لمصلحة الأراضي كرئيس مناوب للجنة والتي وجدت الإشادة من وزير العدل في تعويض المتضررين ووجه بتعميم التجربة في الولايات الأخرى. وكشف صديق ل (الإنتباهة) عن مستندات تتضمن خطاب من المستشار عادل الزين أحمد مدير الأراضي السابق في خطاب بتاريخ 25/مايو /2010 بالنمرة 38/ز/1/1 لوزير التخطيط لرفعه لوزير المالية يطالب فيه بتخفيض معاملات الأراضي وخطابه بتاريخ 11 نوفمبر 2011 لوزير التخطيط بمقترح التخطيط. وقال إن كل التخفيضات تتم بناءً على النصح القانوني وخطابات صادرة من كبير المستشارين بوزارة العدل لأنها تمثل فتوى قانونية، مضيفاً أن الحملة التي يقودها بعض الأشخاص ضد ولاية الجزيرة تهدف لقطع الطريق من أصحاب المصالح لاقتراب لحظات الحساب والعقاب بعد اكتمال أركان ملفاتهم التي ستسلم للقضاء. ودعا الجهات التي لديها وثائق تثبت تورط أي مسؤول إلى تقديمها إلى الأجهزة العدلية وأنه ليس هنالك كبير على القانون وهذا نهج الدولة في المرحلة القادمة. فهل ستشهد الأيام القادمة ظهور أسماء شبكات مافيا فساد الأراضي من خلال المحاكم أم أن قصر المدة السياسية للوزراء والمسؤولين سيكون لها تأثير في ظل الشكوى من طول إجراءات التقاضي في المحاكم. أم ستبحث الدولة عن وسيلة أخرى للإيرادات بعيدًا عن الأراضي التي لن يجد الجيل القادم بهذه السياسات مساحة لقيام مشروعات مستقبلية.