يواجه السودان مرحلة صعبة تحتاج الى خطة اقتصادية شاملة لتصحيح السياسات والاجراءات الخاطئة التي تتبعها الاجهزة المختصة حتى اوصلت اقتصاد البلاد الى الهاوية، اضافة الى ما اشار اليه صندوق النقد الدولي في تقاريره السابقة الى فشل الدولة في اجراءاتها لمواجهة التحديات الصعبة أمام إدارة السياسة النقدية في السودان خاصة بعد الانفصال، مما ادى الى تدهورت الأوضاع الاقتصادية في البلاد، حيث اتسع العجز المالي بسبب فقدان عائدات النفط، والتأخير في تصحيح الأوضاع المالية العامة. وذكر أن تسييل العجز المالي أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم الذي وصل إلى «47.8%» للعام الماضي والناظر إلى تلك التقارير عن الأداء الاقتصادي في السودان يجد أنها تحمل في طياتها صورة قاتمة للوضع الاقتصادي الذي يقتضي من الحكومة السودانية القيام بتغييرات كبيرة فى سياساتها الاقتصادية والمالية والنقدية وسياسات صرف النقد الأجنبي، في الوقت الذي طالبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، قادة العالم، بضرورة بذل مزيد من الجهود للتعامل مع الديون الحكومية والمصرفية الهائلة، التي تواصل التأثير على معدلات النمو وتقوض استقرار الأنظمة المالية، محذّرة من أزمة مالية جديدة قد يشهدها العالم إذا لم يتصرف عاجلاً. وقالت لاجارد، قبيل إلقائها خطاباً في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي التي تُعقد في واشنطن اليوم، إن قادة العالم يحتاجون لتضافر جهودهم من أجل إصلاح الأنظمة المالية الحكومية والمصرفية، حتى لا يتكرر سيناريو الأزمة المالية العالمية لعام 2008م، وأعربت لاجارد عن إحباطها بسبب التأخير المستمر لبرنامج إصلاح صندوق النقد الدولي الذي تم الاتفاق عليه في عام 2010م لزيادة تمثيل الدول النامية، إلا أنه لم ينفذ حتى الآن. ويرى الخبير الاقتصادي د. محمد الناير خلال حديثه مع «الإنتباهة» ان التحذيرات التى اطلقها صندوق النقد الدولي واجبة وفي مكانها لأن الديون الخارجية تزايدت بنسبة كبيرة بداية من امريكا التى بلغت 17 تريليون دولار نزولاً لبقية العالم حوالى 10% من الناتج المحلي، وذلك يعتبر مؤشراً خطيراً اذا لم تعالج قضية الديون بصورة متكاملة، واضاف ان السودان طالب بإعفاء الديون نتيجة لما اصيب به من قضايا اثرت على اقتصاده تمثلت في انفصال الجنوب وما صاحبه من صعوبات وعقبات سياسية دعت الى المشاركة بين الدولتين في مطالبة الاعفاء. وقال الناير ربما أن الانفراج السياسي الاخير سيساعد في تقديم ملف الديون نحو الاعفاء، واشار الى ان الامر الذي حال دون تطبيق الاتفاق الذي تم في عام 2010م ان الدول النامية المتصاعدة القوة اقتصادها يشكل نسبة كبيرة من من حجم اقتصاد العالم، وبالتالي يكون لها الحق في نسبة التمثيل، لافتاً الى ان الاجتماعات التي عقدت اذا لم تنجح في خلق عدالة مع كافة دول العالم ستكون هناك قوة مالية اخرى مكونة من مجموعة «البركس»، موضحاً ان مجموعة هذه الدول تهدف لإنشاء صندوق بديل لصندوق النقد وبنك بديل للبنك الدولي، ودعا الناير الى ضرورة تشديد النقاش في تلك الاجتماعات، وتكون اكثر حدة، خاصة في ما يتعلق بالخلافات العالمية وبين امريكا وروسيا. واضاف الناير ان العديد من دول العالم ستطالب بوضع معيار لعدالة الصندوق الدولي. أما الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي اكد خلال حديثه ل «الإنتباهة» ان حدوث ازمة عالمية جديدة سيؤثر في بلادنا وكل دول العالم بقدر معين، فنحن لا نعيش في جزيرة معزولة وانما نتعامل مع دول العالم، فحدوث ازمة او ضائقة مالية سيؤثر على اقتصاد البلاد، لذا يجب التحسب لها وعدم اهمالها، مشيراً إلى انه في الأزمة الماضية اطلقت تحذيرات من خبراء اقتصاديين، لكن المسؤولين تجاهلوا الأمر ونفوا توقع تأثير الازمة علينا، وقال الرمادي: يفترض على الدولة أن تضع ضوابط لتخفيف الآثار الضارة باقتصادنا، وذلك بأن تقلل الدولة وارداتها وحاجتها للعملة الاجنبية، بالاضافة الى وضع ضوابط تحد من استيراد السلع غير الضرورية والصرف البذخي، واضاف قائلاً: يجب على الدولة أن تقلص الانفاق الحكومي ونلملم اطرافنا لتوفير الاموال، وبالتالي نزيد من كفاءتنا لزيادة الانتاج والانتاجية، وقال: يفترض أن نشد الأحزمة على البطون، تحسباً لحدوث ازمة مالية جديدة تدمر اقتصادنا.