كان تذويب ولاية غرب كردفان من أهم الفقرات التي وردت في البرتكول الملحق باتفاقية السلام، والخاص بمنطقة جنوب كردفان من ضمن البرتكولات الثلاثة التي خصصت للمناطق الثلاث، وقد فسر القرار وقتها أنه يأتي في سياق تدابير مبكرة للتحوط مما ستسفر عنه المشورة الشعبية التي نص عليها الاتفاق للمنطقة في نهاية الفترة الانتقالية للاتفاقية لمعرفة رأي فعاليات المنطقة في المكاسب التي حققتها الاتفاقية وتحديد خياراتهم، ورغم أن المشورة الشعبية اُسندت للمجلس التشريعي إلا أن تفسير النص المبهم الذي يعتبر من الممارسات الغريبة على النماذج المتوفرة من تعاملات سياسية لمعالجة الأزمات والمشكلات في مناطق النزاعات، مثل الذي ماثل في ولاية جنوب كردفان، ويعتبر جديداً على المفاهيم والقاموس السياسي في البلاد، لذلك أثار المخاوف، وكان الثمن هو تذويب غرب كردفان، لأن دخول الحركة الشعبية كشريك صاحب برنامج ثوري أهدافه متغيرة أدى لدمج غرب كردفان في جنوب وشمال كردفان، غير أن هذا القرار لم يجد القبول من المسيرية على وجه التحديد، ثم الحَمَر الذين ظلوا يطالبون بعودة الولاية وينتهزون أية مناسبة للتعبير عن مطلبهم واستعراض كل المبررات التي تستوفيه حق الشرعية والقبول. وفي العام «2013» وبعد عبور سفينة انفصال الجنوب وقيام دولة الجنوب استجاب رئيس الجمهورية المشير عمر البشير لمطالب أهل غرب كردفان وصدر القرار الرئاسي بعودة الولاية، وعُين اللواء الركن أحمد خميس والياً على غرب كردفان، ومن الواضح أن القصر الرئاسي والمؤتمر الوطني وضع أولوية تعزيز الأمن في أعقاب أحداث مناطق «لقاوة وأبو كرشولة» إلى جانب تأمين البترول في الحقول المنتشرة على طول الحدود كأساس في اختياره لأحمد خميس، حيث أنه من قيادات القوات المسلحة الذين سطروا إنجازات عظيمة في الخدمة العسكرية وما زال، ثم أنه له خلفية ممتازة عن قضايا الولاية وإشكالياتها السياسية من واقع مشاركته في حكومة جنوب كردفان كنائب والٍ، إلى جانب مولانا أحمد هارون. ورغم الصراع المرير بين رموز الولاية السياسية على مراكز السلطة في الولاية الغنية بالنفط لكن المركز أدرك أن صراعات السياسيين لن تخدم أهل غرب كردفان في الحصول على الحياة الكريمة واللحاق بركب الولايات التي أبحرت في الرفاه بعد استفادتها من الحكم اللامركزي، ولذلك كانت المرحلة لفريق منسجم ومدرك لأولويات المرحلة ومطلوباتها خاصة في ظل المعاناة الاقتصادية والكساد الذي ضرب الاقتصاد والمشكلات في الجنوب التي ألقت بظلال سالبة على حركة الاقتصاد باعتماده على نسبة معتبرة من عائدات البترول، ونرى أن ما طرحته حكومة اللواء أحمد خميس قادرة على تحريك وإنعاش غرب كردفان إذا وجدت الدعم من السياسيين من أبناء الولاية الذين يقع على عاتقهم مسؤولية حشد الدعم السياسي والجماهيري لحكومة الولاية وإعانتها على تنفيذ برنامج العبور بسلام من مرحلة التأسيس أو إعادة التأسيس للانطلاقة الكبرى للأمام، لتضع نفسها في مقدمة الولايات المنتجة في البلاد خاصة وأنها ولاية لا تعوزها الموارد. وأعتقد أن ما قاله وزير المالية الدكتور ناصر علي عمر خلال الأيام الماضية من حديث حول البدايات العملية لإعادة تأهيل العديد من المشروعات الخدمية في مدن الولاية المحورية مثل «الفولة ولقاوة والنهود وبابنوسة والمجلد» في محاور مختلفة شملت الصحة والتعليم والرياضة الجماهيرية يمثل ضربة البداية الصحيحة التي يعززها النفير الشعبي لتتكامل كل الأدوار ويشارك الجميع في ميلاد حقيقي لغرب كردفان، وليس أجدر من أن يقود هذاالرمز حسن صباحي والوزير عبد الواحد، والدكتور عيس بشرى بتجربته السابقة في حكم الولاية وأحمد الصالح صلوحة، والفهيم والسفير الدرديري والبروف سليمان الدبيلو، والصادق بابو وعبد الرحمن الدقم. هذا النفير سيكون خير معين للواء أحمد خميس أول ثماره تتأكد بردم الهوة بين السياسيين وتقريب المسافات الفكرية، ومن ثم يعين على إنجاز المشروعات التنموية، فالولاية تحتاج للكثير والكثير ويكفي أن الاستقرار في دفع الأجور إلى جانب تأهيل المؤسسات الرسمية حافز لانفتاح الولاية على مناشط قومية، فقد استقبلت فعاليات العمل الصيفي لاتحاد الطلاب السودانيين إلى جانب مؤتمر صلح بين المعاليا والحَمَر، وفعاليات أخرى قادمة... كيف لا وهي ولاية العقول والمال والرجال.