اليوم السبت هو يوم الوقوف بعرفة «الحج عرفة» وهو يوم عظيم يكون فيه جل المسلمين صائمين وفي الصوم بركة وصفاء ونقاء نفسي وسمو روحي. ويطل عيد الأضحى وعند الأعياد يردد الكثيرون لا شعورياً قصيدة المتنبي التي كتبها وهو يغادر مصر في ليلة وقفة العيد ونفسه تغلي كالمرجل بالغضب المكتوم وتمور بالألم والحسرة لأنه كان يحس بأن الزمان قد أذله واضطره وهو مكره عندما كثر حاسدوه لهجر بلاط سيف الدولة فارس بني حمدان الذي رفع المتنبي ذكره في العالمين بشعره الذي ذاع وانتشر في الآفاق وذهب بعد ذلك وأقام في كنف كافور ومدحه أملاً في أن يوليه امارة وحكم إحدى الاقطاعيات والأمصار ولكن كافور ماطله وتعامل معه بحذر وريبة وشك فخرج المتنبي من مصر خلسة وهو غاضب وكتب قصيدته الشهيرة التي ذهبت بذكرها الركبان والتي هجا فيها كافور هجاءً ساخراً مراً جعله أضحوكة الزمان المديد وسبة الدهر وقد استهلها بقوله «عيد بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد.... الخ» . ورغم ان المحجوب كتب عدداً من القصائد التي رثى فيها بعض أصدقائه وأهله الأقربين وضمنها في ديوانه «قلب وتجارب» إلا أن قصيدته التي رثى فيها الإمام عبد الرحمن المهدي تعتبر هي وقصيدته الفردوس المفقود من عيون الشعر العربي وفرائد وخرائد الأدب وقد ابتدرها بقوله «العيد وافى فأين البشر والطرب والناس تسأل أين الصارم الذرب» وكتب عدد كبير من الشعراء عن العيد وغنى المغنون وفي يوم العيد نسمع «ياعيد تعال ياعيد» و«خصام العيد حرام». وإن بعض الذين وُلدوا في يوم العيد أطلق عليهم اسم «عيد» وبعض اللائي ولدن في يوم العيد أطلق عليهن اسم «أم عيد» ويتبادل الجميع في العيد التهاني بعبارات لطيفة ظريفة ومنها عبارة «العفو لله ولرسوله».. وبالطبع إن تبادل التهاني ليس قاصراً على الناطقين بالعربية وحدهم بل تشمل الجميع من عرب وعجم بمختلف اللغات واللهجات. وفي أيام العيد يعود الجميع لولاياتهم ومدنهم الريفية وقراهم الدانية أو النائية «العودة للجذور» وتغدو الحركة خفيفة في شوارع العاصمة ويلتقي العائدون لقراهم في حلقات الأنس والتواصل الاجتماعي والأفراح والأعراس. وكان الخريجون المنتمون لمؤتمر الخريجين يقيمون مهرجانات أدبية وثقافية في أيام عبد الأضحى وأقاموا مهرجاناً ثقافياً بمدينة الأبيض ومهرجاناً ثقافياً في عام آخر بمدينة ود مدني أمَّه جمعٌ كبير من الخريجين والأدباء وكل الفئات من العاصمة ومن شتى أرجاء القطر.. وكان الأستاذ أحمد خير المحامي صاحب فكرة مؤتمر الخريجين العام صاحب أفكار نيرة يطرحها ويتابع تنفيذها ومن بينها تنفيذ فكرة «يوم القرية» الذي كان ينفَّذ في كل قرى الجزيرة حيث يجتمع كل سكان القرية المقيمون فيها أو العائدون اليها لقضاء إجازة عيد الأضحى المبارك حيث يطرحون ويناقشون القضايا المرتبطة بقريتهم ويقفون على تنفيذ ما التزموا به في عيد الأضحى السابق ويتعهدون بتنفيذ مقترحات جديدة لتنمية قريتهم والنهوض بها في مجال الخدمات مع التكافل الاجتماعي والتواصل فيما بينهم. والعيد فرصة طيبة للتواصل الاجتماعي والأنس والحديث ذو شجون في مواضيع كثيرة ومجالات شتى واهتمامات مختلفة وان محبي الرياضة يتناقشون فيها وربما يقيمون مباريات تنافسية ودية ... وأيام العيد هي أيام استراحة وتغيير والمهم هو أن يسبق يوم العيد تكافل اجتماعي وتراحم وصدقات خفية كل وفق امكاناته والعفو والعافية وعيد سعيد وكل عام وأنتم بخير..