بسنوات وجوده داخل الوسط الفني والغنائي يكون الموسيقار عبد الله عربي قد وصل في هذا العام للمرحلة التي يستحق فيها أن يطلق عليه الموسيقار الماسي، ففي عام 1929م كان ميلاده من داخل اسرة عشقت الفن والشعر والترانيم الصوفية، فداخل منزل والده قرأ عبد الله عربي اشعار المدائح التي كان والده ضليعاً فيها، مما اوصله للترنيم وانشاد الاهازيج الدينية بالاذاعة السودانية. ودرس عبد الله عربي حتى و صل المرحلة الثانوية التي تخرج فيها في عام 1950م، وبالاذاعة القديمة وهو بصحبة والده رأي الفنانين حسن عطية والتاج مصطفى وعبد الحميد يوسف، فتعلق بشكل تنظيم الأوركسترا والالحان المنبعثة من الاذاعة. وتصادف ان كان سكنه بحي السجانة الذي ضم فطاحلة الفن الغنائي آنذاك، وهم ملك الغناء عثمان حسين وعبد الحميد يوسف والفنان حسن سليمان الهاوي الذي يعتبر أول فنان يقوم الموسيقار عبد الله عربي بالعزف خلفه، وكان ذلك في عام 1952م. واستفاد عبد الله عربي من وجود الملحن خليل احمد بحي السجانة، وهو من الذين ارتبط بهم في مسيرته الفنية. وبدأ عبدالله عربي العزف كهاو على آلة العود في عام 1947م بمنزل صديقه قاسم امين الذي كان يعمل سكرتيراً نقابياً لنقابة الوابورات، والتقى داخل جلسات الفن والغناء بصحبة النقابي قاسم امين بكل من عبد الفتاح الله جابو والطيب الجزار والمرحوم خليل احمد، وشاءت المصادفة ان يلتقي به في احد ايام خريف عام 1948م بالاذاعة السودانية، فرأى الاستاذين عمر سوميت وعوض أحمد فضل الله وهما يعزفان على آلتي العود والكمان بالترتيب، فقرر ببعدها شراء كمان فتم له ما اراد، اذ اشترى اول كمان بمبلغ خمسين قرشاً، وبدأ الموسيقار عبد الله عربي في سباق محموم مع نفسه ليصل للمرحلة التي تؤهله للعزف خلف أولئك العمالقة من المغنين. وفي فبراير 1951م سنحت له الفرصة للعزف لاول مرة بصحبة العمالقة عبد الفتاح الله جابو والطيب الجزار في حفل بنادي العمال بالخرطوم خلف الفنان حسن سليمان الهاوي، وانطلق بعدها الموسيقار عبد الله عربي خلف كل جميل من غناء وألحان، فكان عام 1954م هو عام التصاقه بالفنان عثمان حسين. وانتقل في عام 1959م إلى فيينا لدراسة الكمان، وهي بعثة فنية كان من ضمن طلابها كل من جمعة جابر لدرسة التأليف الموسيقى بموسكو، وبرعي محمد دفع الله إلى لندن، والتاج مصطفى إلى بريطانيا، فكانت فترة اعداد على يد خبير الكمان العالمي لوكاس دايفيد. وبعد عودته أصبح أحد أعمدة الموسيقى بالإذاعة، وهو كذلك أحد أقطاب ورش العمل الموسيقية التي اخرجت عملاً غنائياً غاية الروعة، وساهم في نشر الغناء السوداني خارج الحدود، فبلغت الرحلات الفنية التي شارك فيها منذ عام 1956م تاريخ أول رحلة فنية له حتى الآن «112» رحلة فنية، بلغت الخارجية منها «52» رحلة خارجية، أما الداخلية فهي «60» رحلة داخلية، وهو صاحب الرقم القياسي في عدد الرحلات الفنية التي قام بها موسيقار سوداني. ووضع المقدمة الموسيقية لعدد من الأغاني وهي «لا تسلني» لعثمان حسين «ومرحباً يا شوق» لوردي «وخاف من الله» لوردي ايضاً، ولحن أغنية «هبت الخرطوم في جنح الدجى» التي غناها الكابلي وهي من كلمات الشاعر الراحل عبد المجيد حاج الأمين، زائداً لحنه «يا شادي» كلمات إسماعيل حسن وغناء محجوب عثمان.