أمس الأول فاجأ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الشعب الجزائري بالحضور إلى مركز إعلان نتائج الانتخابات بكرسي متحرك بعد أن اكتسحها بنسبة فاقت 80%، وهي نسبة تشككت في مصداقيتها المعارضة واتهمت الحكومة بالتزوير، وكان الرئيس بوتفليقة البالغ من العمر «77» عاماً قد غالب مرضه المزمن وحضر قبل شهر لإعلان ترشحه لدورة رابعة لرئاسة البلاد بعد مرض غيبه من المشهد السياسي بالبلاد «22» شهراً. وعندما جاء للترشح وقتها لم يدل بحديث واكتفى بإعلان ترشيحه في جملة قصيرة قدرت مدتها بأربع عشرة ثانية فقط، وكان بوتفليقة قد تعرض لوعكة في عام 2005م نقل على إثرها بطائرة إلى فرنسا للعلاج، بيد أنها وصفت بأنها غير خطيرة، ومنذ عام 2012م اعتبرت فترة بوتفليقة هي الأطول بين الرؤساء الجزائريين، وإن لم تكن بالطبع الأطول بين الزعماء العرب والأفارقة، وكان قد اكتسح انتخابات 2009م للمرة الثالثة على التوالي بأغلبية ساحقة قدرت بنسبة تجاوزت 90% بعد أن عدّل الدستور حتى يتمكن من الترشح مرة أخرى، وعندما ترشح الشهر الماضي قال الوزير الأول عبد المالك سلال في معرض إجابته عن سؤال حول الوضع الصحي للرئيس، وعما إذا كان سيسمح له بتحمّل تلك المسؤولية الكبيرة، قال إن القدرات الفكرية للرئيس جيّدة، وحالته الصحية في تحسن مستمر، مؤكداً أنه على اتصال دائم به، واستشهد برسالة بوتفليقة، الأخيرة إلى الجزائريين بمناسبة يوم الشهيد، وقال إنها بخط يد الرئيس نفسه، وهو ما يبرز حسب قوله مدى التحسن الذي وصلت إليه صحته، وكان سلفه الرئيس هواري بومدين الرئيس الجزائري بحسب الوسائط الإعلامية قد أصيب بنوع نادر من سرطان الدم، وتم علاجه في أحد المستشفيات السوفيتية، وكان يغيب عن الوعي في الشهور الأخيرة من حياته، ولكن الجزائريين لم يعلموا عن ذلك شيئاً في ظل تكتم السلطات على مرضه وهو أمر شائع في المنطقة، حيث يعمد الزعماء هناك إلى إخفاء حقيقة مرضهم ويتكتمون عليه أحياناً حتى القبر، حتى لا يقدح أحد في لياقتهم الصحية للحكم. وإذا كان مشهد الكرسي المتحرك ليس غريباً في قارتنا السمراء، فهو يعد من الغرائب في دول الغرب، إذ هم يهتمون كثيراً بالحالة الصحية للرئيس بدنياً وعقلياً، فهم لا يقبلون أن يكون مصيرهم مرتبطاً بنزوة رجل يعشق الحكم حتى الثمالة. وليس مستبعداً بعد خطوة بوتفليقة خوض الانتخابات وهو على كرسي متحرك، أن يغير أحد زعماء القارة تلك الخطوة ويصر على الترشح وهو محمول إما على نقالة لعدم قدرته على الجلوس على الكرسي، أو الحضور إلى مركز الترشح وهو في غرفة إنعاش متحركة، وعندها قد يصرح ناطق باسم الحكومة بأن السيد الرئيس في صحة مستقرة، وأنه يتمتع بحالة ذهنية جيدة، وأنه يعاني من وعكة خفيفة وطارئة سرعان ما يتعافى منها ليعود لممارسة أعماله العادية مجدداً، كما أنه قادر على الاطلاع على تقارير الأداء وتقديم النصح والمشورة للسادة الوزراء. وبعد بدعة الكرسي المتحرك على العديد من زعماء القارة جلب كرسي رئاسي بمواصفات خاصة يحتوي على بروجكتر لعرض التقارير وحاسوب ذكي قادر على قراءة الشفاه وتنفيذ التعليمات كتابة وإرسالها فوراً للجهات المختصة، وشاشة عرض تلفزيوني وهاتف متصل بالأقمار الاصطناعية يستطيع ترجمة التعليمات عبر الحاسوب الذكي، وإذا تحقق هذا التحول التكنولوجي المتقدم، عندئذٍ فإن حاج عثمان سيقول: «هو يا ناس بدل الغلبة دي كلها ما كان أخير تختو كفنكم.. وترجو الراجيكم في بيوتكم؟!»