«إنها كالدابة التي تبحث عن الماء وهي في ورطة حقيقية » هكذا وصف د. ربيع عبد العاطي دولة الجنوب وهي تعايش منذ فترة أوضاعاً مأساوية بفعل الحرب الأهلية الطاحنة، وأضاف إن دولة الجنوب ذهبت بعيداً ولم تجد ما ذهبت إليه، لذلك فكرت في الرجوع مرة أخرى، وأضاف قائلاً إذا كان قطع المسافات يكلف زمناً، فإن الرجوع إلى نقطة الانطلاق سوف يكلف زمناً أطول. فدولة الجنوب كانت أشواق ولكن لم تقم تلك الدولة، لذلك فكروا في العودة فأحلاهما مر، ويرى عبد العاطي أن إرهاصات الوحدة الآن هي حنين أكثر من كونها أشواق، بعد ظهور النتائج الكارثية للانفصال، فالمسألة أصبحت حلاً لمعاناة أي في إطار الشوق والمتطلبات أو نتيجة أسفرت عنها المعاناة. أشاع رغبة فيما يرى العميد «م» عبدالرحمن فرح، أن الوحدة متواجدة منذ الانفصال ولكن تطلع السياسيين الجنوبيين، في إشباع رغبتهم في الكراهية نحو الشمال التي زرعها الغرب، هي التي دفعتهم للانفصال مع الأخذ بالحسبان دور الكنائس ودور الغرب، خاصة هولندا وبلجيكا نيابة عن أمريكا وانجلترا، فالجنوب بتكويناته الإثنية بينهم كراهية وتناحر شديد، فشمال السودان كان صمام الأمان بالنسبة لهم، ونالوا من حكم ذاتي أكثر مما يستحقون، سعياً من حكومة الإنقاذ في الوحدة والاستفادة من خيرات الجنوب، رغم هذا البذل من الشمال للجنوب إلا أنهم نجحوا بواسطة أبناء الكنائس وأبناء الشيوعيين وأبناء الحاقدين، في دفع التيار الشعبي للتصويت بغير وعي أو فهم، لصالح الانفصال بفعل تأثير الاستلاب الغربي، وأضاف أنهم أخيراً تأكدوا بأنهم لايستطيعون العيش دون الشمال، ولهذا يرى فرح أن الجنوبيين يتشوقون للوحدة أكثر من الشماليين، الذين لا يمانعون في الرجوع للوحدة بشروط جديدة وحقوق متساوية ، بمعنى أن الشمال يحكم بالشرع والجنوب يحكم بما يراه من علمانية، فالوحدة أصبحت أشواق ومتطلبات واقع، و شدد على ضرورة وضع شروط من قبل الشمال، بعدم قبول حكم الجنوب للشمال دون مشاركة الشمال في حكم الجنوب، وكذلك عدم وجود قوات في الشمال دون وجود قوات شمال بالجنوب، وكذلك فرض رسوم العبور وأخذ جميع الخيرات، لذلك لابد من وضع شروط جديدة . عدم الاتفاق أما اللواء معاش عباس إبراهيم، فقد استهل حديثه بحديث رئيس الجمهورية في مؤتمر الرعاة، حيث إنه أشار إلى هنالك اتصالات لبعض الجهات الخارجية، لإعادة النظر في موضوع الوحدة، وأضاف عباس أن الرئيس لم يدل كثيراً بذلك، إلا أن بعض الجهات الأجنبية التي أخذت هذا الحديث وتتحدث عنه بامتعاض شديد، ووصفت بأن الجنوب قام بالتصويت بنسبة «99%» للانفصال فهو ليس بحاجة للعودة إلى شمال السودان، وأضاف إن حديث الرئيس يوحي بأن الجنوبيين قبل الانفصال، كانوا أحسن حالاً من ما يجري الآن . ولا شك أن الحروب الدائرة في الجنوب وكذلك في دارفور وجبال النوبة والشرق كلفت السودان كثيراً، ولهذا فإن عودة البلدين للوحدة في ظل هذه المعطيات تبدو أمراً مكلفاً، و هناك جهات تتحدث عن أن السودان يريد حلحلة مشاكله على حساب مشكلة الجنوب، وهو أمر خاطئ لأن الوحدة لا تقدم حلولاً لأزمة السودان، بل ستكون عبئاً عليه. ومن هنا نحن لا نريد وحدة بهذا الشكل وبهذه الطريقة، فالدوائر الغربية التي وعدت بأنها سوف تدعم المفاوضات والاستفتاء وسوف تدعم الانفصال، كل هذه الوعود لم يتم الوفاء بها، ولذلك يجب علينا أن لا نأخذ بهذا الحديث، لأن الجنوبيين من طبيعتهم عدم الاتفاق ولا يميلون إلى رأي واحد، فلذلك ينبغي علينا أن لا ننساق وراء هذا الرأي، مع المضي قدماً خلف الحوار والاستقرار السياسي في السودان .