أراني لست ُمتفائلاً بالمستقبل السياسي لحكومة ولاية غرب كردفان في هذه الفترة الانتقالية لاسيما بعد تكوين هذه المفوضيات التي بلغت في مجملها ثلاث عشرة مفوضية.. والتي وُضع على رأس كل مفوضية مفوض.. غير أن من ناحية تفكير نقدي تنموي وإستراتيجي.. يمكن القول إن ثمة ضوء وبصيص من أمل في آخر النفق.. فقط إذا كانت هذه المفوضيات ليست تقليصاً للوزارات وإنما انتشار وبسط للخدمات في مناطق إنتاجها.. هنالك مفوضيات ليست ذات علاقة بالإنتاج والمكان والزمان.. مفوضية الحسبة والمظالم مثلاً لايمكن القول إنها لا بد أن تقوم في مناطق الصراع والنزاع.. فالصراعات التي يحركها عقل ٌجمعي تتجاوز في أزمتها الزمان والمكان.. إنها تنشر بانتشار الأثنيات الموجودة في أماكنها المختلفة وأزمنتها المتفاوتة.. فهناك مفوضيات مثل مفوضية البترول ومفوضية الاستثمار ومفوضية الزراعة ومفوضية المرأة والطفل وغيرها.. كل هذه المفوضيات إذا لم يُراعى فيها التوزيع الجغرافي المناسب وفق مجال ما تقدمه من خدمات للمجتمع المعين مكان إنشائها، يمكن القول: إن هذه المفوضيات قد تنجح على نحو ما وبشكل ما من الأشكال.. الرؤية غير المطمئنة التي لا أستطيع أن أتجاوزها كثيرًا هي أن هذه المفوضيات تأتي هكذا وتنزل على رؤوس الناس من سماوات التنظيم وتجثم على صدورهم بكامل ضخها.. بالتالي تصبح فوق كل محلية مفوضية. وفوق كل معتمد مفوض.. بالتالي أن الحكومة لاتستطيع القيام بصياغة خطاب سياسي Political Discourse واضح للبناء التنموي وضبط التفلتات الأمنية والصراعات والنزاعات من خلال مفوضيات مشرفة على محليات إشراف فوقي تنظيمي.. سيما وأن حكومة الولاية لم تشرك أياً من القوى السياسية بالمنطقة في هذه المفوضات.. وكذا أن قيام مثل هكذا مفوضيات يعني من الواضح أن هنالك مجموعة متذمرة من الناس، هذا إذا لم أكن قد أسئت الظن ّ، مجموعة ٌمن الناس المتذمرين أرادت ْ الحكومتان المركزية والولائية إرضاءهم، لذا أنشأتا لهما هذه المفوضيات.. بذات الطريقة التي اجتزأتْ بها من قبل حكومة الإنقاذ ولاية لإرضاء قبيلة بعينها! لم نسمع في الأولين ولا الآخرين.. ليست هنالك ولاية state لقبيلة وإنما؛ الولاية تتبع للحكومة والحكومة هي الأرض والشعب ومجالاتك الجوية والبحرية.. إذن هنالك مجموعة ٌمن الفاقد الدستوري والتربوي أريد لهم تخصيص بعض المقاعد فأنشأت لهم هذه المفوضيات.. المؤسف أن هذه المجموعة التي أسستْ لها المفوضيات في ولاية غرب كردفان، ثلاث أرباعهم من الفاقد التربوي.. والبعض أو الكثير منهم تتم صناعتهم في المركز من قبل أبناء الولاية بالخرطوم وتُعطى لهم خارطة طريق في مناطق صناعة القرار.. وهذه هو أُس المشكل والأزمة الحقيقية في ولاية غرب كردفان.. بذلك تكون الولاية وثبة في الظلام.