نجلاء عبَّاس: اتجهت حكومة السودان لقيام مشروعات إنتاجية للقطاع العام بغرض زيادة الإنتاج الكلي في الاقتصاد القومي وتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتوفير الخدمات الأساسية، إضافة إلى خلق موارد مالية إيرادية حقيقية لدعم الإيرادات العامة وتوفير فرص العمالة المرتبطة بالإنتاج، ودفعت تلك الأسباب الدولة لمراجعة أداء الاقتصاد الكلي، وتصحيح مساراته بما يواكب المتغيرات المحلية والعالمية، وتبني سياسة الخصخصة وإصدار قانون التصرف في مرافق القطاع العام لسنة «1990م» وأعدت برامج الخصخصة مع تصنيف الوحدات المستهدفة إلى استراتيجية، واستمرت برامجه من ثلاثية إلى سنوية حتى أصبحت مشروعات مراد خصخصتها، وكشف تقرير رسمي للمراجع العام بشأن خصخصة الشركات الحكومية أن عائد الخصخصة والأصول المسلمة لمالكيها بلغ «247.5» مليون جنيه، من بينها «41.4» مليون جنيه عائدات خصخصة شركات «الأمن والشرطة والجيش». وفي ذات الأثناء كشف التقرير عن وجود تجاوزات ومخالفات في خصخصة بعض الشركات الحكومية للمادة «4/1/أ» من قانون التصرف في مرافق القطاع العام، من بينها شركات الصندوق القومي لتطوير الخدمات الطبية، وميناء بورتسودان «الميناء الجنوبي»، ودراسة إيجار بعض مصانع شركة السكر السودانية. وعَبَّرت المراجعة عن ابتداع صيغة الإيجار كوجه من أوجه التصرف في مرافق القطاع العام على الرغم من أن القانون لم ينص عليها، مبينة أن إيجار الفندق الكبير منذ «1998م» مخالف للقانون. وأوضح تقرير صادر عن ديوان المراجعة القومي عن خصخصة وتصفية الشركات الحكومية للعام المالي «2012م» تحصلت «الإنتباهة» عليه، أوضح أن توجيهات الرئيس بشأن خصخصة خمس شركات، والقرار «126» بتصفية «22» شركة أخرى، وأن هناك «4» شركات منها لا علم للجنة الفنية بها تم لتصرف فيها، بينما تمت خصخصة «18» شركة، ومازالت «5» شركات تحت الخصخصة، وأشار التقرير إلى أن هناك «3» شركات لم تتم خصخصتها بالمرة من بينها شركة غير موجودة. وكشف التقرير عن وجود «13» شركة أخرى خارج القرارين تعمل اللجنة الفنية على التصرف فيها من بينها شركة الفنادق السودانية «كورال الخرطوموبورتسودان» ومسلخ الكدرو، ومدبغة الجزيرة، ومصنع غزل الحاج عبد الله، وشركة الحبوب الزيتية المتوقفة عن العمل. وأشار التقرير إلى أن إجمالي العائدات المحققة من التصرف في المرافق الحكومية بلغ «65.1» مليون جنيه، فضلاً عن وجود أصول تم تسليمها لمالكيها بناءً على خطاب للرئيس بلغت قيمتها «182.4» مليون جنيه، وبلغ عائد خصخصة شركات الأمن «19.1» مليون جنيه، والشرطة «300» ألف جنيه ، والجيش «21.7» مليون جنيه. وأكد المراجع العام أن قانون التصرف في المرافق الحكومية حدد إجراءات التصرف واللجان المنوط بها التصرف، وهما اللجنة العليا واللجنة الفنية ولكل اختصاصاتها، وأشار لوجود تصرفات لا يوجد ما يفيد بإحالتها من اللجنة العليا واللجنة الفنية مما يعد مخالفة للقانون، كما أن التوجيهات والقرارات بشأن التصرف لا بد أن تحول للجنة العليا لدراستها وليس لرئيس اللجنة العليا، وبين التقرير تحويلات شهرية تتم من اللجنة العليا للجنة الفنية بلغت «30» ألف جنيه شهرياً بقرار من وزير المالية، وشدد المراجع على تفعيل رقابة اللجنة العليا على اللجنة الفنية وإعادة النظر في قانون الخصخصة، ووضع أسس ومعايير وموجهات للنسب الواجب التنازل عنها عند خصخصة أي مرفق عام مع مراعاة النشاط الاقتصادي. وقال رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان سالم الصافي حجير، إن اللجنة أعدت تقريراً كاملاً يوضح كل المعالجات التي اتخذتها تجاه الشركات التي بها مخالفات كشف عنها تقرير المراجع القومي، وأضاف في حديثة ل «الإنتباهة» أن اللجنة وقفت على أعداد الشركات التى بها تجاوزات في الخصخصة وما فيها من فساد ووضع معالجات وتحليل، متمثلة في ترتيبات جديدة لشركات يكشف عنها لاحقاً بالبرلمان، وقال: «إذا لم تكن تلك المعالجات مقنعة للجهات المختصة والمواطن، سوف نسمح بتدخل وإضافة آراء لدراسة علاجية أخرى». ويرى المحلل د. عادل عبد العزيز خلال حديثه ل «الإنتباهة» أن قرار خصخصة أي قطاع من القطاعات الاقتصادية التي تديرها الدولة، سواء أكانت مشروعات أو شركات تكون صادرة عن اللجنة العليا للخصخصة برئاسة وزير المالية مفوضة من مجلس الوزراء، ويتم التنفيذ عن طريق اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام المتمثل في خروج الدولة من الأعمال والأنشطة التجارية والخدمية التي يمكن أن يقوم بها القطاع الخاص، على أن تتفرغ الدولة للمسائل السيادية المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية. وأضاف عادل أن هناك قرارات صادرة لخصخصة عدد من الشركات لكنها لم تنفذ لعدم استجابة الوزارات والجهات المختصة التابعة لتلك الشركات، وقال إن ما تم تنفيذه إجراءات خصخصة لشركات ومؤسسات أخرى، إجراءات التخلص منها فيها في مجالي الأصول والمعدات لم تكن صحيحة «100%» وهذا ما أشار إليه قانون المراجع القومي، وقال عادل إننا نحتاج إلى مزيدٍ من الشفافية في طرح ما يتعلق بخصخصة الشركات، ودعم اللجنة الفنية بمزيد من الكوادر والمعينات اللوجستية.