حوار: تيسير حسين النور - تصوير: متوكل البيجاوي الناقد الدكتور مصطفى محمد أحمد الصاوي صدر له مؤخرًا (السير والمذكرات في الأدب السوداني) ووجد رضا وقبولاً لدى المختصين والمهتمين، وهو ملخص لرسالة الدكتوراه ذكر فيه سرد كتابي لأحداث جرت خلال حياته، أكاديمي يدرس النقد في الجامعات ومشارك نشط في المراكز الثقافية والمحاضرات الأدبية والثقافية.. لايبخل بعلمه على أحد وهو الذي تلقى تعليمه على يد أسماء بارزة في سماء الثقافة والأدب ومن أساتذته النور أبكر.. وبقدر عمقه الثقافي والأكاديمي تجده يقف نصيرًا للأسماء الإبداعية الشابة وللتجارب الوليدة ويرى أن لكل عصر ناسه وإبداعة ولايجب أن يقف الإبداع عند أحد كما لا يجب أن يحجم الإبداع.. = هل ترسم لنا رسم خريطة لمنحى الإبداع في السودان مستصحباً الكم والنوع؟ سؤال طويل وجميل لو عايزين نجد بصيرة للحركة الأدبية وشوية للفنية فالحركة الفنية لها متخصصون لكن في الحقيقة هم مرتبطتان وهي مسيرة طويلة ومرتبطة ببعض نبدأها من كتاب الطبقات لا أزعم أنه كتاب نقدي لكنه للمفارقة فيه اختيارات نقدية معبرة عن شكل اللغة العربية التي كانت سائدة في ذاك الوقت (العامية السودانية( وهذا أول كتاب يمكن نعتبره نقدي غير مقصود وتمتد الفترات وفي ثلاثينيات القرن الماضي وقبل الأربعينيات كانت في حركة نقدية مرتبطة بها حركة فنية مثلاً عبد الله عبد الرحمن الضرير له كتاب أسماه العربية في السودان الواحد يفتكر أن الكتاب ليس له علاقة بالنقد لكنه كتاب في اللغويات والفلكلور واطلعنا على الثقافة السائدة في ذلك الوقت. كتاب مهم جمع الحكاية الشعبية والأمثال وربطها بالعنصر العربي باعتبار أن السودان من رواد الثقافة العربية للسودان ونفس الشخص كانت لديه كتابات كثيرة جدًا.. ذكر أن للقصيدة السودانية في بداياتها ترجع للقصيدة العربية المهتمة بالعروض وبالشكل العربي المتين الباذخ، والمعهد العلمي يجب أن لاننساه؛ الناس أغفلت كثيراً معهد أم درمان العلمي وحتى المساجد والزوايا الموجودة كان فيها دراسة ومدارسات في فن الشعر. كل ذلك يودينا في اتجاه في الحركة النقدية في السودان. ولا يمكن أن نغض البصر عن التجاني يوسف بشير كتب عن الشعر في السودان وفي الشام ومصر وكانوا متأثرين بمدرسة أبولو ومدرسة المهجر لكن الناقد فى ذلك الوقت حمزة الملك طمبل وكتابه الشهير (الأدب السوداني وما ينبغي أن يكون عليه( كلها كتب تشكل محطات أساسية. بذلك يمكن أن نقول إنه بدأ نقد كلاسيكي يتراكم. ومن ثم في المحطات المؤرخ السوداني محمد عبد الرحيم في كتابه (نفثات اليراع( كتاب ممتاز أرخ فيه لفن الشعر في السودان وأرخ فيه للصراع الأزلي بين الشباب والشيوخ وهو لم ينحاز إلى الشباب ولا إلى الشيوخ.. البعض يعتقد أنه مؤرخ للتاريخ لكنه أرخ للحركة الأدبية.. هناك نقلة أخرى مهمة جدًا كلية غردون تخرج منها شباب واعد وظهرت أسماء في ذلك الوقت؛ محمد أحمد محجوب، عرفات محمد عبد الله محمد عشري صديق ومجلتي الفجر والنهضة وتحليل للأدب السوداني وجذور الأدب السوداني هل نحن عرب أم أفارقة. وحتى العروض السينمائية وقتها كان فيها تحليل.. إضافة إلى حركة المسرح عرفات كان لديه عمود يناقش حركة المسرح ممكن نرجع (لآراء وخواطر( لعشري صديق.. والمسيرة طويلة، وبدأت أسئلة كثيرة غير موضوع الهوية مثلاً المحجوب قال: (علشان نحلم بوطن حقيقي لازم نعول على العلاقة بين الأدب والمجتمع .(وفي ذاك الوقت الحركة الفنية في السودان والحركة الثقافية ارتبطت بحركة النضال أول ما قامت جمعية الاتحاد أو اللواء الأبيض مباشرة تتذكري (دار فوز وفيها كلام كثير جدًا الحركة السياسية خرجت من صلب الجمعيات الأدبية؛ الهاشماب وود مدني.. لا ننسى هتافات ثوار (24) يا أم ضفاير قودي الرسن أو أغنية الخليل تمتد الفترات الأربعينيات والخمسينيات ظهرت أشياء مهمة وبإشارة بسيطة تبلورت الحركة المسرحية رغم أنها ترجع للثلاثينيات.. وكما يمكن القول إن خالد أبو الروس حداثي رغم أنه أبو المسرح في السودان كلها عوامل ساعدت على نمو حركة فكرية حرة سياسية؛ أعتقد أن فترة الستينيات من أنصع الفترات امتدت لفترة طويلة وظهرت فيها إبداعات كثيرة لأنها ارتبطت بصحف فيها ملاحق أدبية أسبوعية وبحركة نشر كبيرة وبالمسرح الجامعي وكانت السينما مزدهرة وفي جامعة الخرطوم هناك دار نشر تصدر كتب كثيرة جدًا إضافة إلى وزارة الثقافة والإعلام هذه حركة نشطة انتهت بمجلتين مجلة الخرطوم ومجلة الثقافة السودانية ومجلة التراث (الوازا) ومن ناحية الحركة الفنية والإبداعية كانت متنامية وبدون تفصيل كثير ما ممكن نتجاوز حسن خليفة العطبراوي أو الشفيع أو خليل فرح على غير ترتيب.. وكتاب معاوية حسن يس (حركة الغناء والطرب في السودان( وكتاب صدر مؤخرًا لأحمد السنوسي عن دور الغناء والطرب في الحركة السياسية في السودان وفي مايو رغم كل شيء كانت هناك حركة نشطة ارتبطت بمهرجانات الثقافة وأخرجت كُتاب مسرح وسينمائيين وفنانين، كان هناك اهتمام رسمي الحركة الأدبية لم تنهار تماماً كما حدث في فترات أخرى. وأيضاً لا بد من وضع اليد على الحركة الأدبية والنقدية بداخل الجامعات والنقد قامت به أكثر من جهة في الملاحق الثقافية في الصحف اليومية والمجلات الثقافية وفي أضابير الجامعات.. ولايمكن أن ننسى عبد الله الطيب في دراسته عن المديح وعن الشعر وفن الشعر.. أحياناً الحركة النقدية قاموا بها أساتذة غير سودانيين؛ (هدارة( كتب عن الشعر السوداني و(إحسان عباس( وهؤلاء أتوا إلى جامعة القاهرة فرع الخرطوم وبعضهم كان في جامعة الخرطوم. إحسان عباس قدم علي المك وقدم صلاح أحمد إبراهيم؛ اكتشفهم وطبع لهم كتب مقدمة كتبهم وطبعها لهم في بيروت. وهو كتب مذكراته (غربة الراعي( وذكر فيها السودان بخير كثير .الآن يحتفي بحسن نجيلة المؤرخ السوداني أول مؤرخ اجتماعي وهو الذي نبه الناس ل (فوز( بكتاباته (ذكرياتي في البادية).. ملامح من المجتمع السوداني (عز الدين إسماعيل مصري كتب عن الأدب السوداني ولا ننسى عبد المجيد يمكن القول إن هناك مدرسة مصرية داخل الحركة الأدبية في السودان بابكر الأمين الدرديري أول من كتب عن الرواية في السودان ود. بشير عباس ومحمد إبراهيم الشوش في الشعر محمد الحسن فضل الله ومحمد حجاز مدثر ومحمد محمد علي كلهم رفدوا الحركة الأدبية بكتب ومحمد البدوي كتب عن معاوية محمد نور وعن التيجاني يوسف بشير والطيب صالح كتابات إضاءت تاريخ الحركة النقدية والثقافية في السودان.. = هذه صورة مشرقة ومن يعيش يومنا هذا لايحس بامتداد تلك الصورة؟ حتى لانظلم الأجيال علينا أن نحاكم أي فترة تاريخية بصياغها بمعنى أن المد لم ينقطع لو الحركة النقدية الآن فتية وبخير نادر السماني، الدكتور هاشم ميرغني، مصعب الصاوي وهناك من هاجر، وهناك حراك وإذا أردنا المقارنة بين الأمس واليوم كأننا نريد استرجاع ذلك الماضي الجميل رغم أن الواقع وبشروطه موجود هناك مواقع اسفيرية تتعامل مع النقد هناك من بالخارج ويكتبون في حراك مختلف؛ عبد الكريم ميرغني ونادي القصة صديق عمر الصديق في جامعة الخرطوم ومنتدى راشد دياب.. كلها منتديات فيها تواصل وحركة نقدية.