ضجت الأضابير الإعلامية الأسبوع الماضي وذلك بعد صدور الحكم في قضية مكتب الوالي وبعد نهاية المؤتمر الصحفي مباشرة وما دار فيه والذي تم فيه كشف أبعاد القضية وإماطة اللثام عنها. وفي رأيي المتواضع أن الهدف من هذا المؤتمر هو إيصال معلومة أن الوالي كان متعاوناً جداً وأنه تم استجوابه مرتين بكل شفافية ووضوح حتى يحتفظ بجزء من ماء وجهه أمام الرأي العام. وقبل أكثر من شهر تقدم وزير النقل الماليزي باستقالته وكتب خطاب اعتذار ومواساة لأسر ضحايا الطائرة الماليزية التي سقطت في البحر ولم يتم العثور عليها، ورغم أنه لم يفك طلاسم تلك الحادثة ولم يتم العثور عليها حتى اللحظة إلا أنه بادر بتقديم استقالته ومن مسبباتها أنه جزء أصيل مما حدث لأنه المسؤول عن قطاع النقل رغماً عن وجود هيئة مستقلة للطيران ومدير للطيران الماليزي. أما أخينا عبد الرحمن الخضر فهؤلاء الموظفون تابعون لمكتبه وتحت بصره ويلتقي بهم في اليوم الواحد أكثر من مرة بحسب مواقعهم اللصيقة به، ورغماً عن ذلك لم يرتد له طرف ويواصل مهامه بصورة اعتيادية. بل وإمعاناً في اذلال الشعب السوداني واضطهاده واستفزازه خرج علينا مساعد رئيس الجمهورية بتصريح أن الرئاسة تجدد ثقتها في الوالي وشتان ما بين ماليزيا والسودان. أعود لموضوع المقال الرئيس وأكاد أجزم يقيناً أن القوانين المعمول بها الآن تحتاج لكثير من المراجعات، فكثير منها جانبها التساهل والضعف مما يغري ضعاف النفوس بخرق تلك القوانين. فمثلاً في قضية مكتب الوالي كان الحكم الذي خرج به المؤتمر الصحفي استرداد المال المنهوب وإخلاء سبيل المتهمين رغماً عن موقعنا جميعاً وأنا لست بقانوني أن تكون العقوبة الإعدام مع الصلب في ميدان جاكسون حتى يكونوا عبرة لمن اعتبر. وأذكر أنه قبل عامين وفي رمضان تحديداً وكانت هنالك أزمة في سلعة السكر واحتكار من قبل التجار تم ضبط مستودع بأم درمان وبه 700 جوال سكر وكانت العقوبة لذلك التاجر المصادرة مع السجن ثلاثة أشهر والغرامة خمسمائة جنيه؟؟ أي والله، ذلك ما حدث. وكذلك هنالك مادة في القانون رقمها 243 وهي المختصة بالشيكات بأن يبقي حتى السداد. فصار الشيك ذو القيمة الاقتصادية الفعالة أصبح ورقة لا فائدة منها مما أضر كثيراً بالاقتصاد الوطني فصار النهب مصلحاً. دون أية عقوبة جنائية على تحرير الشيك بدون رصيد. وفي بلدان كالإمارات العربية المتحدة هنالك لا تستطيع أو حتى في الخيال أن تدون شيكاً ورصيدك لا يغطي لأن هنالك عقوبة جنائية وهي الحبس والغرامة. كما هنالك تشدد لدرجة الإفراط في قانون المرور وفي القوانين الأخرى لذلك تجد الجميع يعمل وفق نظم وترتيب متقن وسلس، ونسبة لسهولة العقوبات في بلادنا كثر الفساد وصار ظاهرة تزكم الأنوف وأصبح ظاهراً للعيان لدرجة أصبح في العرف السوداني كلمة حرامي التي كانت بمجرد سماعها تقشعر لها الأبدان أصبحت من المهارات الفردية التي ينال صاحبها الإعجاب، وانتشر الفساد بكل أنواعه المالي والأخلاقي واختفت المدينة الفاضلة والأعراف والتقاليد السمحة التي يتصف بها الشعب السوداني وكل ذلك بسبب ضعف القوانين. ولا أنسى أبداً في بواكير الإنقاذ الأولى والبلاد تعاني من ضائقة اقتصادية كالتي نعيشها الآن مع ندرة وشح في العملات الأجنبية أن قامت الإنقاذ بإعدام أحد تجار العملة، فهرب جميع تجار العملة وركلوها واتجهواإالى تجارة أخرى. إن التساهل في القوانين يغري الكثيرين حتى أن رئيس المجلس الوطني دكتور الفاتح عز الدين قد شكا من أن القوانين غير مسعفة ولا تواكب الواقع وخاصة قانون الثراء الحرام. لذلك لا بد من وقفة قوية من قانونيي بلادي ومن المشرعين ومن المجلس الوطني ومن واضعي الدستور لخلق قوانين جديدة أكثر قسوة وإيلاماً مع أهمية أن تكون هنالك عدالة في تنفيذ العدالة، وألا يكون هنالك كبير على القانون، نريد قانوناً كقانون منقستو هايلا مريام حينما وضع الفران في الفرن عندما قلل حجم الخبز. نريد قانوناً يردع مختلس المال العام بالإعدام والصلب، نريد قانوناً يهابه الجميع ويضعون له ألف حساب حينها فقط سنصبح المدينة الفاضلة وتزال من النفوس تلك الحسرات التي أصابتها جراء التجني على الشعب ومقدراته بالقانون.