زمان مثل هذا قانون الطفل الصادق الشريف جرى في بحر الأسبوع المنصرم تطبيق أول عقوبة إعدام على مغتصبي الأطفال.. بعد تطبيق قانون الطفل للعام 2010م. الجريمة التي يرتكبها المغتصب هي جريمة مُحِطّة من قدره وقدر الضحية بل والمجتمع أيضاً.. وهي جريمة مركبة لا يقف تأثيرها على الضحية في وقت ارتكاب الجريمة.. بل تستمرّ معه طوال عمره.. لذلك لا يمكن وقف هذا النوع من الجرائم إلا بعقوبات رادعة تجعل المجرم يفكر ألف مرة قبل أن تسوِّل له نفسه الإقدام على مثل هذه الجرائم. القانون نص في المادة 45 منه على: (يُعدُّ مُرتكباً جريمة كلّ من يغتصب أيّ طفل.. وعقوبة ذلك الإعدام أو السجن عشرين سنة مع الغرامة).. وتمّ تعريف الطفل على أنّه من دون الثامنة عشرة. والإعدام عقوبة (رادعة) لمن يقارف تلك الجريمة.. و(مانعة) للآخرين كذلك من الاقتراب من الجرم. لكن هنالك ملحظان مهمان على هذه العقوبة.. الملحظ الأول هو أنّ الإعدام يُعتبر مصادرة للحياة.. وهو أمرٌ يقف فيه الشرع الإسلامي وقوفاً حازماً وبنصوص ثابتة حفظاً للحياة الإنسانية. ففي الحديث الشريف الذي رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال.. قال الرسول الأكرم (ص): (لا يحلُّ دمُ امرئ مسلمٍ يشهدُ أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفسُ بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة ). والمغتصب (غير القاتل) ليس من أولئك الثلاث.. أمّا لو كان أمرهُ مُلحقاً بالإفساد في الأرض الذي جاء به نصٌ سماوي (إنّما جزاءُ الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتَّلوا أو يُصلَّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفّوَا من الأرض.. ) الخ الآية الكريمة. فالقراءة الرأسية للآية تربط محاربة الله ورسوله بعقوبتين (القتل، والصلب).. وجريمة الإفساد في الأرض بعقوبتي (القطع من خلاف، والنفي/السجن).. والله أعلم. ولو أنّ عقوبة الإعدام التي أقرّها قانون الطفل ملحقة ب(الإفساد في الأرض).. فهذا يقتضي توضيحاً لمعنى الإفساد الذي ذُكِر فالآية.. وإلحاق إفساد المغتصب. نقطة النظام هُنا ليست تساهلاً مع جريمة الاغتصاب ولا المغتصب.. ولكنّها محاولة لتصعيب مصادرة الحياة التي منحها الله لعباده وأمر بحفظها وصيانتها ولم يُجوِّز نزعها إلا بموجباتٍ محددة. الملحظ الثاني هو أنّ معرفة الجاني/المغتصب بأنّه ميتٌ لا محالة.. سيدفعه إلى قتل الضحية (لا سيما لو كان طفلاً صغيراً يسهل قتله). فلو أنّ السرَّ مات مع الطفل فسيكون الجاني نجا من العقوبة.. ولو أنّ الجريمة تمّ اكتشافها ومعها جريمة الموت (جريمتان) فالعقوبة واحدة.. هي الإعدام. فإذا كانت النهاية واحدة.. فلماذا يغامر الجاني بترك الضحية على قيد الحياة ما دام يملك احتمالاً ولو ضئيلاً أن ينجي نفسه ويبعد جريمته عن متناول المسارات العدلية. التيار