عندما توقف المداد عن تناول موضوع التلفزيون القومي ومشكلاته كانت رؤيتنا أن نوصِّل ونلفت إلى قصور في الأداء الإعلامي بالجهاز القومي ونتناول ضررًا بائنًا وقع على زملاء كرام هم من خيرة الإعلاميين بالبلاد، وبفضل الله تأكدنا من وصول هذا الصوت للجهات المعنية.. إلا أننا فُجعنا بسلسلة حوارات غريبة لمدير التلفزيون محمد حاتم سليمان نشرتها «الإنتباهة» تباعًا وقال فيها ما لم يخطر ببال، بعد أن نصب نفسه خبيراً إعلامياً يفهم في الإعلام القومي والعربي والإقليمي واقترح نموذج القنوات الهجين وطالب بالاستفادة من تجربة بريطانية الرقابية، وقال إن وزارة الإعلام تجربة يجب أن تختفي، وختم بقوله: التلفزيون فقير في المباني والمعاني والمبدعين.. تمتعنا بفضيلة الاستماع والقراءة المملة لأحاديث محمد حاتم وهو يسرد سلسلة إنجازاته، ولعله نسي بعضها وقال إنه كان في قلب الأحداث عند غزو أمدرمان ويقصد التلفزيون ولم يقل إن هناك كاميرات حملها من ظلمهم وطردهم وخصم من حقهم بواسطة مديره المالي مندوب شيكان السابق لصالح شركة شيكان دون أن يقدِّم لهم خدمة التأمين الصحي، وقال إنهم قدموا تغطية جيدة لتداعيات المحكمة الجنائية ولم يقل إن هناك صحفيًا اسمه حبيب فضل المولى نال درجة الماجستير بدراسة عنوانها «دور التلفزيون القومي في تشكيل الرأي العام السوداني تجاه تداعيات المحكمة الجنائية الدولية ضد الحكومة السودانية»، وأهم نتائجها أن التلفزيون لعب دورًا بسيطًا في تشكيل الرأي العام، ووصلت الدراسة أيضًا إلى أن التلفزيون فاشل في أداء مهمامه لأنه يعمل «خبط العشواء» ودون تخطيط ممنهج ولا يشرك الأطراف الأخرى وأن الرأي العام تجاه هذه القضية تشكَّل بالإرادة السياسية والعاطفة مع الرئيس باعتبارها القضية الوطنية الكبرى. نعود لمحمد حاتم وهو يقول: إنهم كانوا في جنوب السودان حتى إعلان انفصال دولة الجنوب ولم يقل إن القنوات كانت تنقل الحدث والتلفزيون السوداني في وادٍ آخر وإنهم فقدوا الاتصال بمراسلهم الذي ظهر في قناة أخرى، ولم يقل إن بعثة التلفزيون في جوبا تم طردُها من الفندق والاستيلاء على معدّاتها بسبب عدم تمكُّنها من دفع مستحقات الفندق، وقال إننا الكاميرا الوحيدة التي وثّقت وصول سامي الحاج ولم يقل إن الكاميرا انتقلت من أمدرمان إلى المطار وكأنه من صنع الحدث، ولم يقل إن كاميرا قناة الجزيرة ومديرها كانا في ذات الطائرة، وكان عليه أن يخبرنا ماذا قدَّم لسامي الحاج وهل شارك في التصدي للعدوان الذي تعرض له، وفي مجال الرياضة قال المدير إنهم نالوا حقوق النقل الفضائي والأرضي للدوري الممتاز ولم يقل كم بلغت مديونية الاتحاد على التلفزيون ولماذا لم يسدِّدها.. على العموم سنواصل ردنا على كل ما جاء في «الإنتباهة» وبالتتابع. أفق أخير هناك حديث مضحك لمدير التفزيون حيث قال: «أعددنا دراسة إستراتيجية لتسويق خدمات المينوس عربياً وإفريقياً ودولياً» مع أن إحدى عربات المينوس التي نراها بالتلفزيون تعمل في خدمة الترحيل.