ومدينة أم درمان تسترجع ذكرى مرارة الهجوم عليها من قبل حركة العدل والمساواة في العاشر من مايو في العام 2008م، كانت بعض قيادات لحركة تُسرع الخطى لقاهرة المعز للاحتفال بنصرها المشبوه عبر إنشاء مكاتب لها فيها، واستقبال المخابرات المصرية لأحد القيادات الميدانية لحركة العدل والمساواة السودانية وهو أبو بكر حامد، للمشاركة في الاحتفال ب (ذكرى دخول أم درمان) والعديد من القيادات الموجودة بالقاهرة، هذا الأمر جعل نائب تشريعي شرق دارفور أحمد آدم عبد الله دلدوس، يوجب بضرورة أن تدخل هذه الحركات في الحوار المطروح بقوله إن السودان لا يتحمل المزيد من الجراحات، وأكد أن أي ضغط من مصر على السودان في القضايا العالقة يشير إلى عقلية سالبة، خاصة أن أمن مصر من أمن السودان والعكس، مشدداً على ضرورة عدم التنازل عن حلايب. ٭ تصعيدات متجددة إلى جانب ذلك، يتضح تحريضها لدول الخليج على السودان واتهامها له بإيواء الإخوان المسلمين ودعم أنصار الرئيس محمد مرسي، الأمر الذي حدا بوزير الخارجية علي كرتي في آخر زيارة له إلى القاهرة يواجه نظيره المصري بهذه المعلومات وبإيوائهم للحركات المسلحة، والذي أنكر ذلك، فما كان من «كرتي» إلاّ أن قام بتسليمه قائمة مكتوبة بالأسماء والعناوين للمكاتب والأشخاص والدعم المالي الذي تقدمه الحكومة المصرية للمعارضة السودانية والحركات المسلحة. من ثم تواتر التصعيد الإعلامي والأمني الذي بدأت تمارسه مصر تجاه السودان، والذي وجد هجوماً كبيراً من بعض القيادات السياسية السودانية والتي وصفت ذلك التصعيد بأنه يلعب دوراً سالباً في العلاقة بين الشعبين؛ وهو ما ذهب إليه المحلل السياسي د. صلاح الدين الدومة وتأكيده على أن الوضع السياسي في البلدين لا يحتمل، فضلاً عن اتهام النظام المصري للحكومة السودانية بإيواء الإخوان المسلمين ودعمهم إضافة إلى الموقف المصري من قيام سد النهضة والذي يرون أنه ضد مصلحتهم. وقضية سد النهضة ليست وليدة اليوم أو الأمس القريب، بل هي مشكلة تاريخية قديمة، فأصبحت على قائمة الملفات الساخنة، ويعده المصريون كارثة حقيقية تهددهم بالموت عطشاً، وربما جوعاً أيضاً، بسبب تأثيراته السلبية على حصة مصر من المياه وعلى مشروعاتها الزراعية، فبدأت بممارسة التصعيد الإعلامي ضد السودان باعتمادها لخطة إعلامية منظمة تستصحب فيها كل القضايا بين البلدين. فتور واسترخاء شهدت السودانية المصرية نوعاً من الفتور وحالة من الاسترخاء بعد ثورة الثلاثين من يونيو، وهو منطق قوي أكده أستاذ العلاقات الدولية د. صفوت فانوس، ووصفه بأنه ليس بالقوي أو العدائي، إلا أن الطرفين حريصان على المحافظة عليها، وليس من مصلحة أي منهما أن تتحول العلاقة إلى عداء حقيقي. وقال د. فانوس إن موقف مصر يعود إلى أنها بلد مفتوح لكل اللاجئين، وهذا لا يعني أن تدعم الفصائل المسلحة التي تعمل ضد بلادها، إلا إن كانت في حرب مع هذه البلاد، وهذا غير موجود في ظل علاقتها مع السودان. الأزمة الصامتة كما تظل حلايب هي نقطة ضعف السودان السياسي في علاقته الأزلية مع مصر، والتي تتخذها الأخيرة كرتاً أصفر ترفعه في وجه السودان من وقت لآخر، باعتبارها اليد التي توجعه كل ما مسها بسوء، وهذه العلاقة تحدث عنها د. صفوت بقوله إن السودان لا يتدخل في الشأن الداخلي المصري، وبنفس القدر مصر ليس لديها مصلحة في أن تحدث فوضى بالسودان، مستدركاً بقوله من حقها أن تطلب تأمين حدودها خاصة بعد الاتهامات التي وجهها النظام المصري للسودان باستضافته لقيادات الإخوان الهاربة وتمرير الأسلحة، وتهريب البشر، ونفي الأخير لهذه الاتهامات ومطالبته بحقه في حلايب، وهو موقف سليم حتى تتوازن الكفتان. عصا الإرهاب كما نجد أن محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك المخلوع بإثيوبيا في العام «1995م» تلقي بظلالها الكثيفة على مجمل العلاقات السودانية المصرية طيلة الفترة السابقة والقادمة، ويستمر اتهام الحكومة السودانية من الحكومة المصرية بالوقوف وراء حادث الاغتيال عصا مرفوعة من الحكومة المصرية في وجه الحكومة السودانية عند نشوب أي أزمة بين الحكومتين، وبذلك تكون استطاعت مصر ربط إعتدائها لمثلث حلايب وأسرها للإرادة السودانية بشل قدرتها.