على الرغم من اتفاق قيادات عليا في الخرطوموالقاهرة على عدم اثارة قضية حلايب اعلامياً، لكن يبدو أن "اسم حلايب" لوحده قادر على اثارة الجدل والبلبلة والتوتر بين البلدين. توتّرٌ مثل ذاك الذي الذي أحدثته تصريحات الرئيس البشير في يوليو الماضي بمدينة بورتسودان، عندما أعلن بعد طول صمت بأن "حلايب سودانية مائة بالمائة"، وهي التصريحات التي طارت بها وسائل الاعلام المصرية، وفتحت الملف من جديد، وهي تسعى بكل السبل لتأكيد مصرية حلايب، حتى تدخلت القيادتين هنا وهناك لايقاف التصعيد الاعلامي، والإتفاق على تهدئة الأمور واعتبار حلايب منطقة تكامل، حتى ولو كان ذلك بدون اتفاق رسمي مكتوب.لكن يبدو أيضاً أن هذا الإتفاق لم يتعدّ الجانب السياسي فقط، الذي غطّى على الأزمة ولم يعالجها بشكل كامل، لتظل حلايب "قنبلة موقوتة" بين القاهرةوالخرطوم، قابلة للإشتعال في أية لحظة. وأمس حملت الانباء عن انطلاق كيان شعبي للمقاومة الوطنية ل "تحرير حلايب من قبضة الاحتلال المصري"، والهدف من تشكيل الكيان بحسب عثمان الحسن اوكير رئيس قطاع المؤتمر الوطني السابق بحلايب، هو ايقاف الممارسات العدائية للجانب المصري المحتل للمثلث، وتضييقهم على المواطنيين السودانيين الأبرياء، وتعذيبهم، ومنعهم من التحرك والخروج والدخول للمنطقة بسهولة ويسر.وكأنما القيادات الشعبية والأهلية بحلايب وبشرق السودان عموماً، قد فقدت الأمل نهائياً في أن تأتي لهم الحكومة بحقهم المسلوب، أوعلى أقل الفروض أن تحقق لهم الأمن والطمأنينة والحرية داخل المثلث، فلجأت إلى "أخذ حقها بيدها"، من خلال تدشين مثل هذا الكيان الشعبي، الذي يمكن أن يتطور، ويصبح نواة لمقاومة شعبية متكاملة، لن تعدم السبُل في تسليح نفسها، ومقاومة الجيش المصري داخل حلايب. ورغم أن مؤتمر البجا لم يغمط تلك المجموعة حقها في الدفاع عن الأرض والعرض بأي وسيلة كانت، إلا أنه سارع بنفي وجود أية صلة لهم بالأمر، وقال الناطق الرسمي باسم الحزب صلاح باركوين "ليست لنا علاقة بأي جبهة شعبية أو عسكرية لمناهضة احتلال حلايب"، مضيفاً بأنه ليس هناك أي اتصال لنا مع أي مجموعة في هذا الشأن، ولا نستطيع أن نمنعهم عن ذلك، إذ لا سيطرة لنا عليهم، وهم احرار في اتخاذ ما يرونه منسجماً مع توجّهاتهم. وأكد باركوين أن حلايب تمثّل قضية جوهرية بالنسبة لمؤتمر البجا الذي ظل يكرّر على الدوام بأن حلايب سودانية مائة بالمائة، وأن هذا الأمر لا يحتاج لجدال، وأن الطرف الآخر غير قادر على تقديم أي دليل على مصريتها، مضيفاً بأن مشكلة حلايب ظلت تعيق تطور العلاقة بين مصر والسودان على الدوام. وقطع باركوين برفض أي حديث عن اعتبار حلايب منطقة تكامل، وقال ل (الأحداث) أمس "يجب أولاً اثبات أحقية السودان لحلايب، ومن ثَم لا مانع لنا من الحديث عن تكامل وعمل مشترك يحقق مصلحة الشعبين". وقلّل المحلل السياسي صفوت فانوس من وجود مثل هذا الكيان، ووصفه بأنه مجرد جهد محلّي تقوم به الجماعات المتضررة، وهو سعي لا يجد الدعم او القبول من قِبل المؤتمر الوطني، بالولاية أو بالمركز، وأشار فانوس إلى تواجد وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم حسين الآن بالقاهرة، مضيفاً بأنه يبحث مع الجانب المصري توقيع اتفاقات دفاع مشترك، وليس للحديث عن حلايب. وقال فانوس ل (الأحداث) إن هذا العمل بعيد عن الحزب الحاكم، وبعيد عن أغلب القوى السياسية المعتبرة، لأن هذا ليس وقت فتح هذا الملف، في ظل القضايا الكبرى التي تواجه الوطن الآن، مثل قضايا الإستفتاء، وأزمة دارفور، مشيراً أنه على المستوى المحلي هناك عدة جماعات تقاوم المؤتمر الوطني وسياساته على كافة الأصعدة، ومنها قضية حلايب. وقطع بأن الجانب المصري لن يتساهل مع أي مجموعة تناهض وجوده في حلايب. Gamal Alhaj [[email protected]]