على ما يبدو أن رفض الاستقالات أصبح واقعاً ارتبط بتقديم أي مسؤول استقالته وإن قبلت بعض منها إلا أنه مؤخراً يأتي رفض الاستقالات هو أبرز المواقف التي تصاحب هذه الاستقالات، ليبرز السؤال هل تقديم الاستقالات من باب الهروب من المسؤولية والإقرار بالفشل، أم من باب تحمل المسؤولية، فأمس الأول تردد أن مدير جامعة الخرطوم البروفيسور صديق حياتى قدم استقالته التي رفضت في الحال من قبل وزارة التعليم العالي، والاستقالة أتت بعد الأحداث الدامية التي شهدتها جامعة الخرطوم الأسبوع المنصرم، وقد أتت استقالته احتجاجاً على عدم تعاون الحكومة معه في إدارة الجامعة، حسب ما رشح من معلومات. بروفيسور حياتي إن صحت الأنباء عن تقديم استقالته بحسب مصادر تحدثت ل «الإنتباهة» أن فترة توليه رئاسة الجامعة تبقت لها خمسة أشهر فقط، في حين يرى مراقبون أن استقالة موظفي الخدمة المدنية غير الولاة المنتخبين وذلك بحسب البروفيسور الطيب زين العابدين الذي يرى أن استقالة مديري الجامعة أمراً عادياً ليس كاستقالة الولاة المنتخبين، فاستقالة الولاة هي سياسة للحزب وهذا يؤكد أن الحزب ليست لديه الرقابة والمتابعة لهؤلاء المسؤولين وكونه يطالبونه بالاستقالة وبعدها يعين في أية ولاية لكن أدب الاستقالات ثقافة ليست موجودة وسط المسؤولين وإن استثنينا بعض الحالات التي تختلف أسبابها ما بين تحمل وإقرار بالفشل أو ربما هروب في الكثير من الأحيان، ويبرز وزير الصناعة الراحل عبد الوهاب عثمان الذي قدم استقالته بسبب تأجيل افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض وما صاحب ذلك من تداعيات، حيث جاءت استقالته كتعبير لتحمله المسؤولية عن فشل افتتاح المصنع واعتذار للشعب السوداني، وقال «نسبة لما سببناه من حرج للشعب والدولة بهذا التأجيل فقد تقدمت باستقالتي لرئيس الجمهورية عمر البشير، متحملاً مسؤولية هذا الحرج». استقالة الوزير الراحل التي وجدت الرفض من قبل رئيس الجمهورية وجدت ردود فعل واسعة واعتبر موقف الوزير موقفاً مشرفاً بتحمله المسؤولية. لكن استقالات عديدة كانت أسبابها إقرار البعض بالفشل في مواقعهم، كاستقالة والي شرق دارفور عبد الحميد موسى كاشا الذي قدم استقالته من منصبه لولاية شرق دارفور والذي أقر بعدم قدرته على مواجهة أزمات الولاية، ويعتبر البعض أن فشل تجربة كاشا بالولاية، بسبب مواجهته لأزمات معقدة؛ فالصراع القبلي الذي نشب بالولاية بين الرزيقات والمعاليا، يعد أحد أهم الأسباب التي دفعته إلى مغادرته للولاية، ويرى الخبير الإستراتيجي عباس إبراهيم إن كاشا أصبح ضحية الصراع القبلي الذي وقع بين قبيلتيْ الرزيقات والمعاليا، مشيراً إلى ما ورد من اتهام للرجل وشائعات عن وقوفه بجانب أهله، رغم قراراته الصارمة التي اتخذها. وتبرز استقالة مدير الطيران محمد عبد العزيز على خلفية سقوط طائرة تلودي بولاية جنوب كردفان التي أودت بحياة (32) من بينهم وزراء ودستوريون وعسكريون كبار بمنطقة «تلودي» أول أيام عيد الفطر المبارك، حيث تحمَّل مدير الطيران المدني المسؤولية، فدفع باستقالته لوزير الدفاع باعتباره المسؤول المباشر عنه، ومن ثم رفعها لرئيس الجمهورية. ولكن مثل تلك الاستقالات تواجه بالرفض من جانب الدولة باعتبار أن الذي حدث قضاء وقدراً وليس الشخص المسؤول هو الذي ارتكب الخطأ، فيطيب خاطره وترفض استقالته، ويكون قد بادر بتقديم الاستقالة قبل أن يُقال، وبحسب بيان صادر عن مكتب مدير هيئة الطيران المدني أرجع المدير استقالته إلى تحطم الطائرة، مبدياً استعداده لتحمل نتائج أي تحقيقات وتبعات تترتب على الحادث. وأضاف أن استقالته تهدف إلى «إفساح» المجال لمراجعة البرنامج الإصلاحي الذي يخضع له الطيران المدني السوداني منذ ثلاث سنوات.