نلتقي فى حياتنا العملية أناساً كثيرين، وفى عملنا نحن بحاجة دوماً إلى شخصيات تمدنا بالمعلومة الصحيحة والعلمية والمتخصصة ولا ندخر جهداً للوصول الى هؤلاء ولا ننساهم ابداً، والبعض منهم نظل نتواصل معهم بين الحين والآخر بحسب مقتضيات المهنة.. ولأننا بشر والاختلاف طبيعي فينا نصادف حينا من يفتح لنا أبواب فكره ولا يتردد فى العطاء وبكل اريحية وطيب نفس.. من هؤلاء كان الدكتور مصطفى الصاوي الذي استضفناه في «نجوع» الأسبوع الفائت والذي قبله، ودكتور مصطفى لم يبخل فيه علينا بإجابات صريحة وصادقة، وحديثه من النوع الذي لا تمله، وكلما تمعنت فيه وجدت فيه رؤوس أفكار لمواضيع دسمة وتقارير تناقش حال الثقافة والأدب والنقد فى بلادنا.. تأثرت كثيراً وبإحساس القلق الصحفي أني كان يجب أن أركز أكثر في الكلمات ولا اتعرض لضغط اليوم الصحفي الراكض دوما.. ومن حوارنا اتضح أنهم كانوا كنقاد بلا اتحاد حتى اليوم على الرغم من كثرة الاتحادات والكيانات.. وان الجيل الحالي افضل منهم، وفى هذا تواضع جم واحترام وتقدير كبيران للشباب المبدع الذي يقهر ظروفه ليخرج بتلك الابداعات، وله الفضل فى كسر حاجز التعاطي مع الأدب الشاب، فقد كان لدي حاجز مقيم فى ذلك، ولم أكن أعذر الشباب فى تلك الكتابات التي أجدها سطحية او كأنها نبت لا ندري من أين جاء.. فكان حديثه تلطفاً أدركت بعده أنه من الاهمية بمكان ان نأخذ كل ابداع وبزمانه، وألا نحاسبهم بما أتى به من سبقهم ممن عاشوا والتقوا وعاصروا من هم قامات وفى زمن أفضل وأكثر براحاً.. وتحسب لهم كثيراً ثورة الاتصالات التي دعمت إبداعهم وانتشارهم.. ورسم لنا دكتور مصطفى خريطة للإبداع منذ الستينيات بتفصيل وافٍ.. تحدث عن ملكة الدار محمد والأدب النسوي فى السودان الذي انقطع زمناً ثم تواصل من حفيدات الرائدة ملكة الدار التي كتبت القصة القصيرة والرواية وبفارق زمني كبير بين الكتابة والنشر.. وهى كاتبة متميزة جداً وصاحبة رواية واحدة.. وهي ليست الوحيدة فى السودان.. فهو يعتقد اننا في السودان لدينا حالة من الزهد فى الكتابة او لدى كتابنا.. وأن جميع الأدباء والكتاب لم تتجاوز اصداراتهم او مؤلفاتهم الاربعة او الخمسة عدا د. منصور خالد وبروف عون الشريف قاسم والبروف عبد الله الطيب.. تحدث عن دور المدرسة المصرية في الحركة الأدبية فى السودان.. وسمى مبدعين شباباً وأعمالاً متميزة.. الشكر للدكتور مصطفى ولتلك السانحة.. وهنيئاً لتلامذته.