في يوم «السبت» في الأسبوع الماضي 11 رجب1435ه الموافق 10 مايو 2014م أقيم بمنطقة العفّاض احتفال افتتاح مدارس العم السيد طه علي البشير الثانوية النموذجية الحكومية للبنين والبنات.. وقد تحدثتْ وسائل الإعلام المرئي والمقروء بالصورة والصوت والمكتوب عن هذا الحدث الكبير والاحتفال الذي لم تشهد المنطقة له مثيلاً في تأريخها ، وتعدّدت مظاهر التميز في ذلك الاحتفال الذي ضمَّ عدداً كبيراً من الشخصيات والقيادات في مجالات متنوعة، وحظي بتمثيل وتشريف رئاسة مجلس الوزراء ممثلة في الأمير أحمد سعد عمر، ووزارة التربية والتعليم الاتحادية ممثلة في وزير الدولة بها.. وحظي الحفل برعاية شخصية من والي الولاية الشمالية ومشاركة جميع أفراد حكومة الولاية من وزراء ومستشارين.. وحظي الاحتفال بحضور ممثلين لأهل العفّاض من كل جهات السودان، جاءوا شيباً وشباباً رجالاً ونساءً، وحتى صغار السن من الناشئة حضروا من مئات الكيلو مترات، جميعهم جاءوا ليعبِّروا عن فرحتهم وسعادتهم بتحقق هذا الحلم الكبير، بتوفير بيئة تعليمية رائدة راقية مميزة بعد أن كان كثير من الطلاب والطالبات بمنطقة العفّاض تتوقّف مسيرتهم التعليمية بمرحلة الأساس؛ فينصرفون للرعي والزراعة ومساعدة أهلهم؛ إذ من «المستحيلات» توفير مبلغ يسافرون به ويعيشون عليه حيث توجد المدارس التي بها الداخليات، وما أبعد تلك المدارس من العفّاض..!! ومن باب زيادة السرور لمن فرحوا بهذا الإنجاز الكبير، فإني أقول لهم: إنه في اليوم التالي من الافتتاح يوم «الأحد» بدأت المدارس مسيرتها وانطلقت بقوة، لتسهم في تحقيق هدفها الأعظم وهو: التعليم المميز، والتربية السليمة، والرعاية المناسبة، لتبدأ بثلاثة فصول في الصف الأول الثانوي، فصل بمدرسة البنات، وفصلين بمدرسة البنين، أحدهما فصل جغرافي والآخر فصل «نموذجي» قُبِل له طلاب من مدن وقرى المحلية ومن عاصمة المحلية «الدبَّة» ممن حصلوا على مجموع «250» فأكثر، إذ المدرسة وهي ناشئة فهي الوحيدة «النموذجية» في المحلية ، وسارت من أول يوم الدراسة بثماني حصص يومية وكأن المدارس بفضل الله مؤسسة منذ عشرات السنين، والطلاب والطالبات بداخلياتهم ينعمون في راحة تامة، إذ يوجد بداخلية البنين حوالي «35» طالباً ومتوقع المزيد في الأسبوع الثاني إن شاء الله، وداخلية البنات بها حوالي «15» طالبة، ومجموع طلاب وطالبات الصف الأول حتى الآن أكثر من «سبعين» طالباً وطالبة ومتوقع أن يصل العدد لأكثر من تسعين. ولمّا كان الحفل قد بدأ متأخراً عن وقته المعلن عنه بأكثر من «ساعة ونصف»، ولما كان لهذا التأخير من أثر في برنامج الحفل، فإنه قد فات على اللجنة المنظمة لهذا الحفل أداء بعض ما يجب من الشكر والتقدير والوفاء تجاه بعض من كان لهم إسهام في هذا الإنجاز، فضيق الوقت وازدحام الفقرات وكثرة المتحدثين هو ما يُلْتَمَسُ به العذر للجنة المنظمة للحفل، والأشخاص الذين لم يذكروا يقيني أنهم لم ولن يكونوا لينتظروا أن تذكر أسماؤهم في الحفل أو أن يقال لهم «شكراً».. فأحسبهم والله حسيبهم أرادوا بإسهامهم وما قدموا بمختلف أنواع المساهمات أرادوا: المشاركة في عمل خير ووضع صدقة جارية في نفقة علم وتعليم وتربية وتوجيه، ولكن حيث إنّ الوفاء من الخلق الذي حثّ عليه الإسلام وأثنى على أهله كانت هذه المبادرة «الشخصية» مني، ولمباشرتي لهذا المشروع المبارك منذ فكرته حتى انتهائه ومتابعتي له، وبوصفي عضواً بمجلس إدارة المدارس رأيتُ أن أذكر من خطروا ببالي ممن سقط ذكرهم «سهواً» حيث رأيت مناسبة ذلك، ولأسهم في رفع الحرج والعتب الذي وجهه كثيرون وكثيرات بسبب ذلك - للجنة المنظمة للحفل. فالشكر بعد شكر الله تعالى لأهل العفّاض جميعاً الذين رحبوا بهذا المشروع واقتطعوا له قرابة العشرين ألف متر مربع من أرضهم لإقامته، وتابعوا تشييده مرحلة تلو الأخرى، والشكر لمجلس تطوير العفّاض الذي كان الواسطة في ذلك منذ أول لحظة انطلاقه بحضور العم المغفور له بإذن الله عوض أحمد عبد الجبار الذي كتب الله له أن يشارك في مشروع هذه المدارس قبيل وفاته، فكان تسليم الأرض بحضوره وإشرافه وحماسه وهو الذي اقترح علينا وقتها وبمبادرة منه أن تحمل المدارس اسم مموّلها ومؤسسها العم طه علي البشير.. ولم يكن لهاتين المدرستين أن تنال إعجاب الجميع في مبناهما وتصفهما الدكتورة وزيرة التربية والتعليم بالولاية الشمالية بأنهما «قصران» إلا بجهد كبير قدّمه فريق المهندسين المعماريين والإنشائيين الذين تولّوا هذه المهمة وقد انتقاهم السيد طه علي البشير من أسرته فالمهندس المدني «المقاول» أنس عوض عبد الحليم هو ابن أخيه، والمهندس المعماري «الاستشاري» الحارث إبراهيم طه هو ابن أخته، والمهندس المقيم عبد الحليم عوض عبد الحليم هو ابن أخيه كذلك، وشاركهم بقية فريق المهندسين كالمهندس محمد عبد السلام والفنيين والعمال الذين انقطعوا عن أهلهم بالخرطوم أشهر عديدة، وتردّد المهندس أنس والمهندس الحارث كثيراً بين الخرطوم والعفّاض ومما يذكر في هذا المقام ويدوّن أن المهندس الحارث إبراهيم طه تعرَّض لحادثين في سبيل القيام بمهمته في الإشراف على تشييد المدارس في الطريق بين الخرطوم والعفّاض، انقلبت في الحادث الأول السيارة التي يقودها، وفي الحادث الثاني كان مع المهندس أنس الذي فقد سيارته في ذلك الحادث بتلفها، نتيجة اصطدام مع سيارة أخرى انقسمت جزءين. والشكر لمن رغبوا في المساهمة العينية في هذا المشروع الكبير بمبادرات منهم، فمن حكمة السيد طه علي البشير أنه لم يمنع من أراد أن يسهم في هذا المشروع بعد اكتماله لتحقيق مبدأ التعاون ولفتح الباب في الأجر والثواب لمن رغب، فكانت مساهمة ابن العفّاض البار الأستاذ عبد المنعم محمد خير «الضكيرابي» صاحب مدارس «دار المنهل» و«الدوحة» الخاصتين بأم درمان، الذي تبرّع بعدد «15» جهاز حاسب آلي مكتبي إسهاماً في معمل الحاسوب بالمدارس، وقد تبرّع الأستاذ عبد المنعم بجميع الكتب الدراسية والوسائل التعليمية وجميع مستلزمات المعامل وقام بتوفير فرش المسجدين على نفقته الخاصة، واجتهد بمساعدة ابنه الفاضل حسام لتقديم جهد إشرافي كبير قبل وأثناء الاحتفال، وأعدّ خطة المدارس لمدة ثلاثة أعوام، ولتميزه ودقته وهمته وتجويده لعمله وعنايته بالتعليم وإخلاصه فيه فقد اختاره مجلس إدارة مدارس طه علي البشير مقرراً للمجلس، ولا يستغرب من الأستاذ عبد المنعم ذلك ففي زيارتي للعفّاض في عام 2007م زرت مدارس الأساس بها فأخبرني الأساتذة والمديرون أن «الطباشير» وجميع اللوازم التعليمية يوفرها لهم ويرسلها بصورة دورية الأستاذ عبد المنعم محمد خير، جزاه الله خيراً وجعل نفقته في ميزان حسناته، ولم يتوقّف الأستاذ عبد المنعم عند هذا السخاء المادي والمعرفي والمعنوي؛ فأعلن «توأمة» مدارسه الخاصة بأم درمان للمدارس بالعفّاض بتوفير كل ما تحتاجه من مدارسه في ما يخدم العملية التعليمية والتربوية. والشكر لرجل الأعمال العم الطيب محمد صالح الرئيس السابق لرابطة أبناء العفّاض بالخرطوم والذي تبرّع بتوفير عدد ثماني ثلاجات عادية ومبردات من نفقته الخاصة للطلاب والهيئة التدريسية. والشكر للأستاذ مدثر علي البشير على مساهمته بطاولات الكمبيوتر وبعض الأثاث المكتبي، جعل الله تعالى هذه النفقة في ميزان حسناتهم جميعاً. والشكر للإدارة العامة لمدارس القبس التي يقوم عليها الدكتور سراج الدين عبد الغفّار والدكتور حيدر القاضي والتي تنازلت - مع الاحتفاظ بالوظيفة ومخصصاتها فقد تنازلت هذه الإدارة الموفّقة عن أحد الأعمدة المهمة في مؤسسة القبس التعليمية، وأحد المديرين المميزين في مسيرتها التربوية والتعليمية والإدارية، وهو الأستاذ أحمد عبد الوهاب أحمد أول مدير لمدارس طه علي البشير الثانوية النموذجية بالعفّاض، فهو الرجل المناسب في الموضع المناسب، وهو من ذات أسرة السيد طه فهو ابن أخته، وهو رجل مميز في معارفه وإدارته وتدريسه وأدائه وتعامله وهمته ورقيه وله خبرة امتدت خارج السودان بعد العمل بداخله، وجمعت بين التعليم الحكومي والخاص، ويتوقع أن يكون إسهامه مميزاً وتتحقق على يديه جميع أهداف إقامة هذا الصرح العلمي الكبير. والشكر للأستاذ أحمد عبد الوهاب وأسرته حيث قبلوا بالتضحية مقابل القيام بأداء هذا الواجب، فترك الأستاذ أحمد أسرته بالخرطوم ليعيش بالعفاض ويسهم في أداء ضريبة أجمع كل من يعرفه ويهمه أمر هذه المدارس أنه الأجدر بهذه المسؤولية بل لم يفكروا في بديل غيره، أسأل الله أن يجزيه ويجزي أسرته عن العلم والطلاب والطالبات خيراً وأن يبارك له في وقته وعلمه وعمله. والشكر ووسام الشرف لأول كوكبة من المعلمين والمعلمات ممن كتب الله لهم أن يكونوا أول من يسهم في مسيرة العلم والمعرفة بهذا الصرح ، فتحية وإجلال وتكريم لأول أساتذة يمسكون بالقلم وينطلقون في مسيرة تعليم مبارك بإذن الله وهم الأساتذة : مطر آدم مطر ، محمد عبد الرحمن إبراهيم ، مهند عبد الله بشير ، عبد الباسط عبد الرحمن ، معاذ محمد صالح ، عبد القادر قنديل ، الشيخ محمود الشيخ ، والتحية والإجلال والتكريم لأول مشاعل العلم والنور في مدارس البنات الأستاذات: نسرين أحمد عبد الجبار ، مودة عباس ميرغني ، سوزان عبد الرحيم أبنعوف ، فاطمة خليفة حجازي ، سمية ميرغني محمد محمود ، ولا ينسى دور فريق الحراسة الذي له دور كبير في رعاية المدرسين وممتلكاتهما ، محجوب حسن الرفاعي وعز الدين عبد الرحيم محمود وقسم ودقون، فلهم الشكر والتقدير.. والشكر لصحيفة «الإنتباهة» التي انطلق منها ونشر على صفحاتها أول تقرير عن التعليم في العفّاض ثم أعقب التقرير ثلاثة مقالات في أمر هذه المدارس، أولها بعنوان : «هذا ما يتمناه أهل العفاض في عهد ثورة التعليم وانتشار تقنية المعلومات». والشكر للعم بابكر عبد الرحمن عبد الفاضل رحمه الله وغفر له ، والأخ إبراهيم نميري اللذين كان لهما جهد في متابعة تصديق إنشاء هذه المدارس. والشكر للأستاذ معاوية إبراهيم حمد الذي وصلنا التصديق بعد انتهائه عن طريقه، والشكر لكل الحضور بلا استثناء ، والذين كان من بينهم اللواء عمر أحمد زكريا مدير الجمارك بولاية البحر الأحمر الذي تكبد مشاق الحضور من مدينة بورتسودان. والشكر للرموز العفّاضية قاطبة وعلى رأسهم العم أحمد قلوب والعم عثمان عبد الله صمدعال ورابطة أبناء العفّاض، وكل من حضروا من أمبدّة وبقية أحياء العاصمة ومدني والمناقل وبقية مدن السودان ، ولأهل العفّاض جميعاً وللسيد معتمد الدبّة وأسرة المعتمدية بكل اختصاصاتها ، وللمسؤولين في وزارة التربية والتعليم بالولاية الشمالية ولمدير المرحلة على تعاونهم الكبير حتى بدأت مسيرة التدريس بالمدارس من أول يوم في العام الدراسي. وجزى الله خيراً العم السيد طه علي البشير على تشييده لهذه المدارس بنفقة تقرب من السبعة مليارات جنيه ، جعل الله له ذلك في ميزان حسناته، ورزقه خيره في العاجل والآجل.. والشكر لله من قبل ومن بعد، وإن كان من رسالة أخيرة في هذا السياق فإني أدعو كل رجال الأعمال في بلادنا وكل الأثرياء والأغنياء أن يحذو هذا الحذو ويكون لهم الإسهام في تشييد ودعم المدارس والمستشفيات وغيرها من احتياجات ماسة في مجتمعنا؛ خاصة ونحن نعيش في وقت قلّت فيه الموارد وانتشر فيه الفقر وكثر المعدمون؛ والوعد النبوي الكريم ينتظر كلّ موفق حيث قال نبي الهدى والرحمة: «وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟!».