فلسفة الكونغرس الأمريكي تعتمد على تكوين جهازين تشريعيين، هما مجلس النواب ومجلس الشيوخ، فالأول تنحصر فكرته في تحقيق التوازن في كل الولايات، بينما مجلس الشيوخ يحكم الدولة ويمثل قيمها العامة. ومن ذاك المنطلق أتت مطالبة مجلس الولايات خلال مداولة النواب لتقرير رؤية وضع المجلس في الدستور القادم، بصلاحيات أكبر وسلطات واسعة في الدستور القادم لاجل القيام بدوره كاملاً حماية لحقوق الولايات، والانفصال الكامل عن البرلمان حتى يكون للمجلس مسؤوليات وواجبات محددة يقوم بها. المطالبة حملت العديد من التقاطعات التي يعيشها المجلس بعدم اعطائه مطلق الصلاحيات، التي تمكنه من اداء دوره المناط به، بالاضافة الى الاحتقان الذي تشهده بعض الولايات سواء كانت الحدودية او تلك التي تتجاذبها امواج الحروب الاهلية وتبعاتها السالبة. والهدف من قيام المجلس حسب اللائحة القانونية حماية مصالح الولايات وضمان مشاركتها مؤسسياً في رسم السياسات والتشريعات القومية ضمن نظام الحكم اللامركزي بسماته الفيدرالية. الحديث عن الدور الحقيقي للمجلس الذي يرى بعض المراقبين انه عبء اضافي على الميزانية العامة للدولة، حدا بعضو لجنة التشريع والشؤون القانونية والحكم اللامركزي بالمجلس البروفيسور إسماعيل الحاج موسى، إلى تفنيد هذا الادعاء بقوله انه لا اساس له من الصحة، وانه انشئ بعد اتفاقية السلام لتطوير الحكم الفيدرالي وتوطينه، واكد ان وجوده ضرورة ملزمة حسب ما كفله له القانون بالاستماع الى تقارير وبيانات من الولاة لإصدار قوانين بشأنها ويلزم بها النظام الحاكم. وأشار إلى أن المطالبة تحدثت عن وضع المجلس في الدستور القادم، باعتباره مكملاً للهيئة التشريعية لحماية مجالس الولايات، وانه في كل فترة يقوم بإرسال وفود للولايات تستمع لحكوماتها وتضع التقارير امام المجلس لنقاشها وإيجاد الحلول لها بعد عرضها على الحكومة. ما يواجهه مجلس الولايات من انتقادات لا يقف ولا ينتهي عند علاج أزمة بإحدى الولايات، فعضو مؤتمر البجا عبد الله موسى عند مهاتفته للصحيفة أكد أن أوضاع شرق السودان منذ العام 2006م لم تستقر، وعلى الرغم من التغيير الذي تتحدث عنه الحكومة، إلا أن إنسان الشرق لا يشعر به. مشيراً إلى أن التهميش في ولايتي كسلا والقضارف ومحلياتهما، خاصة وأنهما منطقتا تحرك اقتصادي كبير، إلا أنهما غير آمنتين، مضيفاً أن مجلس الولايات لا يلقي لهما بالاً لعدم إعطائه صلاحياته من قبل الجهات التنفيذية. وهناك رؤية تتجه الى القول بان الهدف من وجود مجلس الولايات، الارضاء السياسي وخلق وظائف لقيادات المؤتمر الوطني، إضافة إلى الترضيات والموازنات القبلية، وانه لا يتماشى مع فكرة الحكومة الإنقاذية التي تسعى لإيجاد حلول جذرية لمشاكل الولايات وما يحدث فيها من حروب اهلية، وتورطها فيه عبر اتفاقية نيفاشا، وبعد انتهاء الاتفاقية حولته لمجلس لتوظيف من ضاقت بهم مواعين الوزارات مع إفراغه من الصلاحيات والمهام الحقيقية. توجيه التقرير بضرورة إلزام الولاة ورؤساء المجالس والملتقيات التنسيقية الرئاسية والوزارية القطاعية، بتقديم بيانات راتبة امام مجلس الولايات، وان يتمتع الوزراء بعضوية المجلس والمشاركة في مداولاته، ما يخضعهم للاستدعاء والمحاسبة امام المجلس أسوة بالمجلس الوطني، يحمل رأياً قاطعاً وضرورة ملحة بان يصبح المجلس، مجلساً حقيقياً وليس لوحة ديكورية أو تابعاً لجهة، حتى يستطيع لعب دوره التشريعي والرقابي بعيداً عن السلطة التنفيذية، والفصل بين السلطات الثلاث لقيام حكم راشد ليوازن بينها ، بالاضافة الى فرز التعارض بين عمل لجان المجلس واجندة نوابه بالمجلس الوطني. التعدد والتنوع السياسي والثقافي والاجتماعي والسكاني، الذي تتمتع به ولايات السودان بعمقها ومساحتها الجغرافية، يجعل وضع مجلس الولايات اكثر حساسية تجاه محاولة ايجاد صيغة تناغمية لهذه المتداخلات المتشعبة لاداء دوره تجاه ما يحدث فيها.