ظل رئيس لجنة حكماء إفريقيا ثامبو أمبيكي على تواصل مستمر لإيجاد حلول ومقترحات تجاه القضايا التي مازالت عالقة بين السودان والجنوب قبيل وبعد الانفصال، وما إن حلت مشكلة بين الطرفين حمل الرجل حقيبته ليطأ الخرطوم وسيطاً بينهما، بدأت مهمة الرجل في الخرطوم بعد قرار مدعي المحكمة الجنائية ضد الرئيس في العام 2008 ومن ثم تبعه قرار مجلس السلم والأمن الإفريقي بإنشاء لجنة الحكماء، بتفويض يتضمن دراسة الأوضاع في دارفور، وتقديم توصيات بمعالجات مقترحة لقضية العدالة، وقضية السلام والمصالحة، اقتصرت مهمة الرجل في البداية على قضية دارفور غير أن مجلس السلم والأمن الإفريقي زاد من مهمته بأن تشمل حل مشكلة السودان ككل، ومنذ ذلك التكليف عمد الرجل على تكثيف زياراته المتكررة بغية التوصل مع الأطراف إلى حل سلمي بحيادية تامة، على مختلف القضايا سواء كانت قضايا ذات صلة بدارفور، أو الانتخابات، أو الأحزاب المعارضة، أو أبيي أو غيرها. رغم أن أمبيكي أبدى اهتماماً بالغاً في أداء مهمته إلا أنه لم يحظ بنجاح في إحداث اختراق فعلي في أي من القضايا الخلافية، ويؤكد ذلك ما قاله الخبير الإستراتيجي الدكتور خالد حسين مدير مركز البحوث الإستراتيجية بأن النجاح يقاس بمستوى تحقيق النتائج على الأرض، وقال حسين إن عدم النجاح والتقدم في التوصل لإيجاد صيغ وحلول مناسبة لمجمل القضايا بين الدولتين بما فيهما دارفور ربما يكون منسوباً لأمبيكي أو لعوامل أخرى، غير أنه استدرك قائلاً واحدة من الأشياء التي تعدُّ نجاحاً له هي التحول الكبير في تحويل الملف ليد القوى الإقليمية بدلاً عن الدولية، وامتدح حسين قبول الحكومة بوساطة إفريقية وعدة مكسباً لها ظهرت نتائجه بقبول قدوم القوات الإثيوبية، واستبعد حسين أن يكون أمبيكي عجز عن تحقيق تقدم في القضايا السودانية، وأشار إلى أن الحل في مجمل القضايا الخلافية ليس في يد أمبيكي أو في تغييره وإنما يكمن الحل في أطراف خارجية لا تريد انتهاء الصراع. وكان أمبيكي قد تولى مهامه في العام 2008 وظلت تصريحاته تتصدر جميع الصحف، وقبيل العيد دخل في مباحثات مع الرئيس البشير وناقش معه قضايا أبيي والحدود وإيرادات النفط ووصف الرجل لقاءه مع البشير بالجيد ومن ثم انتقل إلى جوبا وبحث هناك القضايا العالقة دون أن يفضي إلى نتائج ملموسة شأنها شأن كل المباحثات السابقة التي أجراها، غير أنه طرح مقترحاً على الطرفين بإجراء مباحثات في التاسع عشر من الشهر الجاري في أديس، الأمر الذي قبلته الخرطوم وتحفّظت عليه جوبا متعللة بعدم اكتمال تقاريرها التي ترفعها للجنة، وإزاء كل ذلك يرى مراقبون أن واحدة من العوامل التي أدت إلى عدم نجاح مهمة أمبيكي عدم تحديد السقف الزمني لإيجاد حلول جذرية للقضايا العالقة، غير أن حسين قال ل«الإنتباهة» المسألة لو ارتبطت بسقف زمني محدد كان من الممكن أن نقول إن أمبيكي فشل في مباحثاته بين الطرفين وتقريب وجهات النظر بينهما، مبيناً أن تحديد الزمن مقصود به الضغط أو التنازل من جهة معينة.